الثلاثاء ، ١٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٤٤ صباحاً

إزاحة ترمب لسليماني عملية أخلاقية

فيصل علي
الاثنين ، ٢٠ يناير ٢٠٢٠ الساعة ١٢:٠١ صباحاً
"أينما يذهب الحشد اذهب في الاتجاه الآخر، إنهم دوماً على خطأ ! " بوكوفسكي



لا تُغريكم مصطلحات إيران المبطنة بالفارسية المعادية لكل شعوب المنطقة؛ "الجمهورية الإسلامية" لا تختلف كثيراً عن دولة داعش الإسلامية، حتى أبو بكر وعمر لم يسميا دولتيهما بالإسلامية، بل ارتبط المسمى بإسميهما وشخصية كل منهما، لا أحد عاقل يريد أن يُنصب نفسه بديلاً عن الله أو حاكماً باسمه، داعش وإيران وأذرعها في المنطقة من حزب الله في لبنان إلى أنصار الله في اليمن، مروراً بأذرع إيران في العراق وسوريا فقط من يحتكرون الله ويصنعون له دولاً و وحكومات وولايات على بحيرات من دماء الشعوب.



الله جل في علاه عندما هدى عباده للعدل والحرية والمساوة لم يأمرهم باستباحة الدم وإشاعة الفوضى والعنف والجنون، تأويلات وتفسيرات الجماعات الإرهابية للنصوص القرآنية أو حتى تلك المنسوبة للنبي في مرويات السنة والشيعة لا يمكن أن تكون صحيحة خاصة إذا ما قورنت بنتائجها الكارثية، كما أن النوايا الحسنة لا تكفي لصناعة المثاليات في الواقع.



الحوثي رافع مظلومية البيت وآله قد قتل منذ الحروب الست من الشعب اليمني مالم يقتله أبرهة الأشرم والأحباش - التابعين للروم- عندما غزوا اليمن، ومالم يقتلهم الفرس الذين جاؤُوا لطرد الروم من اليمن، الحوثيون (الأبرار) قد قتلوا أكثر مما قتلته الحروب الأهلية في اليمن قبل وبعد الوحدة وأكثر مما قتلته طائرات التحالف وميلشيات المجلس الانتقالي، ومع ذلك يصر الحوثي أنه وأتباعه أنهم هم ( أنصار الله)، فكيف لو كانوا أعداء الله كم سيقتلون؟



هذه الأذرع الإيرانية خطرة على المنطقة وعلى البشرية، والتعامل معها لا يجب أن يقل عن التعامل مع القاعدة وداعش، فكل الجماعات الإرهابية سواء تشيعت أو تسننت فالإرهاب هو الإرهاب، والتعامل معها كلها بنفس النسق هو ما يفيد في تحرير الشعوب من الأوهام ويساندها في الذهاب نحو العيش المشترك والتنمية ومحاربة الفقر والتخلف.



إن خطورة خلط الدين بالسياسة يقود إلى كل هذه الكوارث عند النزول إلى الميدان، تبدأ فكرة قيمة وتنتهي بمشاهد الدم التي ترون وتنزفون اليوم، من ذا الذي أخبر الجماعات الإرهابية أن السماء تريد إقامة دولة في الأرض؟!

كما أن "الاستخلاف" في الأرض المنصوص عليه في القرآن الكريم لا يعني سوى الإعمار والتنمية والتطوير والتعارف والتواصل الحضاري والتشارك في حماية البشرية من الكوارث وإرساء دعائم السلام بين الأمم والشعوب.



أمريكا إمبراطورية عالمية ليست خيراً مَحْضًاَ ولا شراً مَحْضًا، لديها عداواتها في المنطقة وحروبها، ولديها قانونها الأخلاقي الذي يسمح بتدفق اللاجئين إليها عبر (الجرين كارد)، كما أنها تدعم مشاريع إنسانية هنا وهناك لتجميل قبحها وتحسين صورتها، لكنها لا تقتل ببشاعة إيران وأذرعها في سوريا ولبنان والعراق واليمن، وكذلك القاعدة وداعش، وعيبها الأكبر أنها أخفقت في تصدير نموذجها الديمقراطي للعالم، كما أن حربها في العراق وهدم مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية كان من أكبر اخطائها التي لن يغفرها لها التاريخ، وكذلك تسليم العراق للمليشيات التابعة لإيران هو من جلب على المنطقة هذه الويلات وأغرى الملالي في التوسع في الشرق الأوسط.



أنت مسلم وتفرح بقتل مسلم؟

نعم أنا مسلم وقد أسلمت الناس من شري ولم أقتل حتى دجاجة، وليس لأحد في ذمتي لادم ولا روح، والمسلم من سلم الناس من أذاه أو كما جاء في الأثر، من تتحدثون عن إسلامه قد قتل عشرات الآلاف من الشباب وشرد مئات الآلاف من السكان في سوريا والعراق واليمن ولبنان، راجعوا الأخبار ماذا فعلت المليشيات الإيرانية بالشعوب ومن كان القائد الفعلي لكل هذه المليشيات الإرهابية في المنطقة، وما هو الأذى الذي لم يفعله للشعوب هذا الإرهابي؟



أنت سني ومبتهج لمقتله لأنه شيعي؟ أنا مسلم والحمد لله، في بلدي كانت الأمة اليمنية قد أسلمت مع أنبياء الله هود وموسى وعيسى ومحمد، وليس الإسلام بغريب على هذه الأرض، ولذا فلست منتمياً لأي من الطوائف لستُ شيعياً ولا سنياً ولا ينبغي أن أكون، هذه مزايدة وطائفية غير مقبولة.



إن إزاحة القاتل الإرهابي قاسم سليماني من الوجود كان واجباً أخلاقياً على ترمب، إذ أنه ليس معيباً التخلص من الإرهابيين والقتلة، اسألوا الشعوب في العراق وسوريا واليمن ماذا فعل بهم هذا الإرهابي من تعذيب و تجويع و ذبح و ترويع، لتدركوا حجم الابتهاج الذي شاهدناه بمصرعه، بالإضافة إلى حجم السخرية من ملالي الشر في إيران الذين فقدوا "رستم" مجدداً لكن هذه المرة على أيدي الأمريكان.



صحيح أن الضربة كانت تتعلق بسياسات الولايات المتحدة الأمريكية ومصالحها ولم تكن لأجل الشعوب المقهورة، لكن هناك تقاطعاً مشتركاً بين الأمريكان وبين هذه الشعوب التي خذلتها أمريكا سواء بعدم دعم الديمقراطية فيها- كما قلنا سابقاً - وبدعم ملالي إيران أو السماح لهم بالتوسع على حساب شعوب المنطقة، وقبل إسقاط أمريكا للدولة في العراق سنة 2003 كانت سياسات الولايات المتحدة تنطلق من قيم "الأخلاق والعدل والحرية والديمقراطية" بحسب تسويقهم لأنفسهم كمنقذين لعالم. لكن هذا الردع الأخير لمليشيات إيران هو ما أعتقد أنه يتطابق مع هذا التسويق الأمريكي القديم، وسيترسخ هذا التسويق الدعائي إذا تم تقليم أظافر إيران فقد طالت أكثر مما ينبغي.