الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:١٩ مساءً

ارفع رأسك فوق أنت يمني حر

د. علي مهيوب العسلي
الخميس ، ٢٢ ديسمبر ٢٠١١ الساعة ١١:٤٠ مساءً
ما أعظم هذا الشعب اليمني وهو يئن لبعضه ،انه الجسد الذي تحدث عنه رسولنا الكريم عليه أفضل الصلوات و التسليم حينما قال: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " ، حقا إننا نشهد حديث النبي يتحقق هذه الأيام بتعاطف كل الشعب اليمني مع المنكوبة تعز جراء حقد النظام العائلي لهذه المدينة المسالمة المثقفة ركيزة أية دولة مدنية قادمة , والذي كان عن وعي وفهم أنها عظيمة و أنها وطنية وداعمة بل و سباقة في دعمها المادي و المعنوي مع باقي أطراف الجسد الواحد .

حقيقة كتبت هذا المقال تأثرا بحديث زميل لي هو إبراهيم الجبيحي (من بني بكاري تسمى كويت جبل حبشي) عن مبايعته لشراء بعض مقتنياته من بائع في السوق ، فبينما أراد الشراء مد يده إلى جيبه لإخراج المبلغ فانحنى قليلا ،فسأله البائع من أين أنت ؟! فأجابه أنا من تعز! فرد عليه البائع باستنكار لانحنائه وهو من ريمة الشموخ ، ارفع رأسك أنت من تعز !

هذا البائع المعتز بتعز وسكانها رده كان عن قناعة بدور و صمود تعز البطولي الذي قدمته بنسائها ورجالها و أطفالها و شيوخها تجاه آلة الحرب العنصرية التي أبت أن تفرق بين المرأة و الرجل و بين المستشفى و المسجد و الروضة و المدرسة فدكت المدينة على رؤوس ساكنيها كما وكان رده كناية عن الطموح العريض بانبلاج يوم الخلاص الذي أصبح اليمانيون بترقب له ولعله بإذن الله سيكون قريبا جدا !

تعز أيها السادة قد أوصلت الرسالة وعلى الشعب اليمني الذي فهمها أن يتيقظ بعد كل هذه التضحيات التي قدمتها مع الحصبة وأرحب ونهم وأبين وغيرها من مناطق اليمن المضحية , فلا يسمح لكائن من كان أن يستبد وأن يحتكر السلطات بعد الحقد العائلي الدفين الذي لم يجد أن ينتقم فيه إلا من العلم والعلماء و تعز أيها الأحباب باب العلم ومنبع العلماء .

لقد عرف الشعب طريقه وتوحدت دمائه لتمثل اللوحة الفريدة للوحدة الوطنية ، الوحدة التي جمعت أفراحهم و أحزانهم وهاهو الحصب يواجه ضعفي ما جرى بالحصبة فللذكر مثل حظ الأنثيين !

إن هذا النظام الهمجي لا يعرف إلا القوة لقد سالمت تعز بوعيها وليس بضعفها وصبرت وآثرت على نفسها لتحمي وحدة اليمن ، فاعتبرها النظام ضيعته وعبث بها وبأهلها واستهان بقدرتها ولم يحسب حسابها و لم يأبه لها إلى أن أطلقت شرارة الثورة وقيمت اليمن من سباته وصار الكل يتحدث عن عنفوانها بكل انبهار بعظمتها و ساكنيها وستصبح عما قريب بإذن الله مزارا لعشاقها و منارا لغرب اليمن وشرقه وشماله وجنوبه فارفع راسك فوق أنت تعزي حـــر.

ما نتابعه هذه الأيام العظيمة ونحن نتابع لحظة بلحظة مسيرة الحياة لشباب وشابات تعز من تعز الدور والفعل إلى صنعاء المغتصبة من عصابة دار الرئاسة ،لقد لاحظنا اللوحة الجميلة الذي يرسمونها على طول الطريق عبر القاعدة واستقبال أهلها الأحرار التي خرجت عن بكرة أبيها ،ثم في نجد الأحمر والشموع التي أضيئت من قبل جموع المستقبلين من أبناء آب الحرة إن الاستقبال الذي استقبل فيه الأحرار في ساحات الحرية في مدينة آب الثائرة وهكذا عبر كل المحطات التي سيمرون بها في يريم البطولة وذمار الناقدة بانضمام إبطال البيضاء الأحرار إليهم في ذمار ليشكلون صورة قلَ نظيرها في تاريخ اليمن والتي بينت لكل الدنيا ا ن الشعب اليمني في أبهى صورة في تحقيق الوحدة الوطنية وفي التأييد الشعبي لأهداف الثورة اليمنية ودحضا لأي ادعاء من انقسام الشارع اليمني بين مؤيد للثورة ومؤيد لبقايا النظام.ما أحلمك يا تعز وما أبدعكم من شباب لقد أسقطتم والى الأبد ورقة التوت التي يتشدق بها بقايا النظام وكذلك بعض العوام الذين كانوا ينظرون إلى تلفزيون العائلة ويصدقون كذب أبواق تلك العائلة ،فهاهم اليوم يصطفون في الطرقات، والبيوت تعد الأطعمة والشموع تضيء والألعاب النارية تنطلق من كل مكان لتضيء للثوار طريقهم الطويل لتمحي التركة الثقيلة التي أثقلت كاهل الشعب اليمني منذ ردح طويل من الزمن في التخلف والجهل والشعوذة والقداسة للدكتاتورين .أيها الأحرار في كل مكان لقد عبدت تعز لكم الطريق ولا عليكم سوى الانضمام فان الطريق صار سالكا لتحقيق كل الأهداف التي رسمتموها لنجيا جميعا حياة العز والحرية والكرامة والمواطنة المتساوية ،ونبني سويا اليمن الجديد ، يمن العدالة والإبداع الخالي من الفساد والمفسدين .

عاش الشعب اليمني حرا أبيا رافعا رأسه وعاشت تعز قائدة التغير نحو الطريق الصحيح...