الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٢٠ مساءً

مصطلحات - مفاهيم وتعاريف مهمة للشاب الثائر (3-3)!

د. علي مهيوب العسلي
الخميس ، ٠٩ فبراير ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٤٠ مساءً
الفيدرالية:
هنالك العديد من الأشكال الإدارية التي يمكن للحكومات أن تتبناها في عملها وتتدرج مركزية وقوة تحكم الحكومات إدارياً من اليمين إلى اليسار كما يلي ( الإدارة المركزية للمحافظات – الإدارة اللامركزية للمحافظات – فدرالية المحافظات – فدرالية الأقاليم – الكونفدرالية ) ولقد سمعت الكثير من الأصوات تتعالى لتتداول اصطلاح ومفهوم الفيدرالية وعلى أكثر من صعيد وبدأ كلٌ يدلوا بدلوه بما يتناغم مع الرؤية التي يتبناها تجاه العملية السياسية وبما يتناغم مع مصالح الجهات التي ينتمي إليها وحاول الكثير أن يصطاد في الماء العكر ليصوّر مفهوم الفدرالية على انه البذرة التي ستثمر مشروع التقسيم للأوطان نتيجة لجهل الجماهير بهذه الاصطلاحات والمفاهيم السياسية بل وحتى جهل بعض الكيانات السياسية علماً بأنَّ هذه الاصطلاحات والمفاهيم هي ليست حديثة العهد بل هي مفاهيم ضاربة جذورها في أعماق تاريخ وتجارب الشعوب ولانّ (( الناس أعداء ما جهلوا )) ، ولانّ لغتنا العربية الأم لديها من الثراء والحيوية والديناميكية ما يجعلها قادرة على احتواء كافة المفاهيم والمضامين ولتفويت الفرصة على الحالمين بعودة التشطير والنظام الديكتاتوري الشمولي الذي استعبدنا طيلة ثلاثة عقود من الزمن فإنني أرى بأنه لا بد من توضيح حقائق منها انّه من المتعارف عليه سياسياً بأن الأقليات هي التي تطالب عادةً بإقامة النظام الفدرالي لكي تتجنب تسلط الأغلبية ولكننا نرى في اليمن ومما يدعوا إلى الاستغراب بأن جزء غالي من أبناء الشعب اليمني هو الذي يطالب بالفدرالية نتيجة لفشل الوحدة الاندماجية التي حدثت في عام 1994 م جراء تصرف حفنة من البشر استعباد أبناء الجنوب ونهب ممتلكاتهم ،ونتيجة لعجز المعارضة في مواجهة ذلك الاستفراد طالب بعض اخوننا في الجنوب بالفدرالية وهذا إن دلَّ على شيء إنما يدل على ضعف القيادات السياسية للأحزاب.

ماذا يعني مفهوم الفدرالية: أورد الباحثون وخبراء السياسة تعاريف عدة لمفهوم الفيدرالية، تتقارب جميعها بالمعنى والمضمون، وترسم صورة مقبولة لشكل الدولة التي تتصف بجملة من التنوع ، حيث ينبثق تحقق نظام الاتحاد الفيدرالي الذي يكفل التعايش الإنساني القائم على أسس الوحدة والتعاون والتوافق والهدف المشترك. ومن هذه التعاريف.

الفيدرالية : تعني المشاركة السياسية والاجتماعية في السلطة، وذلك من خلال رابطة طوعية وذلك في نظام اتحادي يوحد بين كيانات منفصلة في دولة واحدة أو نظام سياسي واحد- مع احتفاظ الكيانات المتحدة بهويتها الخاصة من حيث التكوين الاجتماعي، والحدود الجغرافية، إلى جانب مشاركتها الفعالة في صياغة وصنع السياسات والقرارات، والقوانين الفيدرالية والمحلية – مع الالتزام بتطبيقها – وفق مبدأ الخيار الطوعي، ومبدأ الاتفاق على توزيع السلطات والصلاحيات والوظائف كوسيلة لتحقيق المصالح المشتركة، وللحفاظ على كيان الاتحاد.

وفي تعريف آخر : الفيدرالية هي نظام قانوني يقوم على أساس قواعد دستورية واضحة تضمن العيش المشترك لمختلف الأطياف ضمن دولة واحدة تديرها المؤسسات الدستورية في دول القانون.
الفيدرالية : نظام سياسي من شأنه قيام اتحاد مركزي بين مقاطعتين أو إقليمين، أو مجموعة مقاطعات وأقاليم، بحيث لا تكون الشخصية الدولية إلا للحكومة المركزية مع احتفاظ كل وحدة من الوحدات المكونة للاتحاد الفيدرالي ببعض الاستقلال الداخلي، بينما تفقد كل منها مقومات سيادتها الخارجية التي تنفرد بهـا الحكومة الاتحادية، كعقد الاتفاقيات والمعاهدات او التمثيل السياسي، ويكون على رأس هذا الاتحاد رئيس واحد للدولة هو الذي يمثلها في المحيط الدولي.

والفيدرالية كمفهوم حقوقي ونظام سياسي، هو في الواقع توفيق أو توليف بين ما هو متناقض في بعض المفاهيم، وفي عناصر بنية النظام، أي بين الاستقلالية والاندماج، وبين المركزية واللامركزية، وبين التكامل والتجزئة وفي بعض الأنظمة الفيدرالية بين القومي وشبه القومي، إذ يتخذ النظام الفيدرالي أشكالا مختلفة وفقاً لتراكيب السكان والكيانات المتحدة – القومية العرقية، التاريخية، اللغوية، او الدينية... الخ

الفيدرالية : نمط أو شكل من أشكال الأنظمة السياسية المعاصرة، وتعني وحدة مجموعة أقاليم أو ولايات أو جمهوريات (دويلات) في اطار الارتباط بنظام المركزية الاتحادية، مع التمتع بنوع خاص من الاستقلالية الذاتية لكل إقليم فالنظام الفيدرالي يضمن للقوميات حق إدارة أمورها بنفسها، مع بقائها ضمن دولة واحدة. والأقاليم أو الولايات المكونة للدولة الاتحادية تعتبر وحدات دستورية، لوحدات إدارية كالمحافظات في الدولة الموحدة، ويكون لكل وحدة دستورية نظامها الأساسي الذي يحدد سلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية، ولكن الدستور الاتحادي يفرض وجوده مباشرة على جميع رعايا هذه الولايات، بغير حاجة إلى موافقة سلطاتها المحلية. الفيدرالية أو الاتحاد الفيدرالي، ليست فقط بنية سياسية، بل اقتصادية واجتماعية وثقافية أيضاً، تتطلب تعاوناً وثيقاً بين سائر المؤسسات والجماعات والأفراد في الكيان الاتحادي، بما يضمن تعزيز وتطوير الاتحاد من جهة واعتماد قوانين وآليات تؤمن الحفاظ على هوية وحقوق الأطراف المكونة للاتحاد.

ومن جملة التعاريف الواردة هذه، يبرز تعريف آخر يفيد ان :
الفيدرالية هي استقلال داخلي ضمن الدولة الواحدة والسلطة المركزية الفيدرالية وعلى أساس المساواة.

وً في النظام الفيدرالي يكون لشعب الإقليم حق الاستقلال الذاتي وحق المشاركة في إدارة الشؤون المركزية، ومثل هذا النظام موجود في أمريكا وسويسرا والمكسيك وماليزيا وغيرها من الدول. ولهذا يمكن القول بان الفيدرالية هي صيغة متطورة للعلاقة بين الشعوب وهي تنظيم في إدارة الدولة.
لذلك وبناء عليه فان تعريف الفيدرالية :

هنالك تعريفات مختلفة للفيدرالية (بحسب الدولة الفيدرالية التي تتبناه) لكن المفهوم الأساسي للفيدرالية هو ممارسة مستويان من الحكم على نفس المجموعة البشرية عن طريق الخلط بين الحكم المشترك أحياناً والحكم الذاتي أحياناً أخرى وذلك لاحترام وتشجيع التنوع في إطار الوحدة السياسية الأكبر.

أما الكونفدرالية: فهي مجموعة دول ترتبط وتتعاهد باتفاقيات معيّنة لأغراض الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي ضمن معاهدات سياسية واضحة مع الاحتفاظ بحق كل دولة في إقامة اتفاقيات مع دول أخرى على شرط أنْ لا تتناقض مع معاهدات الاتحاد الكونفدرالي ومن أمثلة الاتحادات الكونفدرالية هو ما كان قائماً في هولندا من عام (1580 – 1795)م وفي الولايات المتحدة الأميركية بين عام (1778- 1787)م وفي ألمانيا بين عام (1815- 1866)م وفي سويسرا حتى عام 1848م وليطمئن كل متخوّف و متحذر منْ أنْ تتحوّل الفدرالية إلى كونفدرالية فقد حدث العكس تماماً فقد انتهت الاتحادات الكونفدرالية إما بانهيارها أو بتحوّلها إلى دول اتحادية (فدرالية) والاتحادات الكونفدرالية غير موجودة في الوقت الحاضر وكل ذلك يدور في فلك نظرية التفكّك والتكتّل فكل الكيانات السياسية والاجتماعية تميل ابتداءً إلى التفكّك لتحصل على خصوصيتها واستقلالها ثم تعود بعد ذلك لبناء علاقاتها من جديد على أسس جديدة ضمن نفس التكتلات التي انفرطت منها أو غيرها بما يخدم مصالحها وأمنها وازدهارها واستقرارها.

مميزات فدرالية المحافظات :
1. عند إقامة فدرالية المحافظات فإن أسس ومبادئ ومفاهيم الديمقراطية ستتجسد بأعلى مراحلها على اعتبار أنّ أبناء المحافظة هم الذين سيختارون الحاكم الإداري لمحافظتهم إضافة إلى بقية أعضاء مجلس المحافظة مباشرة عبر الانتخاب الحر والمباشر من قبل أهالي المحافظة ولن يُفرض عليهم من المركز.

2. سيسعى الحاكم الإداري وبقية أعضاء مجلس المحافظة المنتخبين لتقديم أفضل وأرقى الخدمات من مشاريع الإنماء والتطوير وفي كافة المرافق الحيوية والمفاصل الإدارية وذلك إرضاءً لجماهيرهم وناخبيهم من أبناء المحافظة والذين يملكون السلطة لبقائهم في مناصبهم ويؤثرون تأثيراً مباشراً على مستقبلهم السياسي والإداري وذلك عبر الانتخابات المباشرة بحسب نظام فدرالية المحافظات.

3. إنَّ الحاكم الإداري للمحافظة وبقية أعضاء مجلس المحافظة مع مدراء الوحدات الإدارية الأخرى إضافة إلى أنَّ مستقبلهم السياسي والإداري مرهون بإرضاء جماهيرهم من أبناء المحافظة إلا انه هنالك عاملاً آخر يُشكّل ضغطاً كبيراً عليهم وهو عامل الحرج والضغط الاجتماعي في حالة التقصير أو القصور الذي يحصل على اعتبار أنَّ الغالبية العظمى من المجتمع اليمني هو مجتمع قبائلي تكون هذه المعايير الاجتماعية تمثّل العمود الفقري لارتقاء أو انخفاض الوزن الجماهيري وبالتالي معياراً للاستقطاب الانتخابي.

4. إنَّ إدارة المحافظة من قبل أبنائها يجعلهم الأقدر والأكفأ على تحديد مشاكل مجتمعهم ومدنهم ومواطن التعثر وسبل العلاج وتحديد الأسبقيات والأولويات فأهل مكة أدرى بشعابها.

5. كلما كانت الوحدات الإدارية اصغر كلما كانت السيطرة عليها أسهل والقدرة على إنمائها وتطويرها أيسر.

6. كلما كانت الوحدات الإدارية اصغر كلما كانت عملية المراقبة والمحاسبة ورصد الفساد الإداري أكثر رصانة ومتانة وأكثر دقّة.

7. فدرالية المحافظات تراعي وتحافظ على خصوصية التنوّع الاجتماعي لكل محافظة فيتجنب المركز كافة المشاكل التي قد تنتج بسبب الاصطدام مع الأعراف والتقاليد والطقوس الخاصة لكل محافظة.

8. في فدرالية المحافظات نكون قد قضينا على التمايز الاجتماعي وكَمّمنا كل الأفواه والأبواق التي تنادي بالنعرات المذهبية على اعتبار أنَّ الحكم يقام على أسسٍ جغرافية لا تمتُّ بصلة إلى المحاصصة المذهبية وانّ أبناء كل محافظة هم القائمون على حكمها وإدارة شؤونها وبذلك فإن النظام الفدرالي للمحافظات هو الأكثر نفعاً لو كانوا يفقهون .

9. نظام فدرالية المحافظات يطوي والى غير رجعة صفحة الانقلابات العسكرية التي اعتادت عليها الدول في تداول السلطة وتربَّت عليها الأجيال عبر ثقافات حربية وعسكرة للمجتمعات فلا يمكن بعد ذلك السيطرة على الدول عبر السيطرة على المركز فلكل ولاية ومحافظة فدرالية قائمة بذاتها.

10. في نظام فدرالية المحافظات سيكون هناك استثمار لأبناء المحافظة لثروات محافظتهم وستكون هناك نسبة كبيرة من موارد المحافظة مخصّصة لإنماء و إعمار وازدهار محافظتهم ولرفع مستواهم المعاشي والخدمي مع مبادلة في الموارد بين المحافظة والمركز عبر صيغ وآليات عادلة وبنسب موزونة ينصُّ عليها الدستور بشكل واضح وجلي بحيث يمنع استئثار المركز بأموال البلاد أو تركيز الجهد على إقليم معين دون غيره لأي سبب كان.

11. في نظام فدرالية المحافظات يمكن معالجة القنبلة الموقوتة لأزمة اليمن الجنوبية من دون ضمّها إلى إقليم واحد يكون حكمها مستقلاً بذاته.

12. فدرالية المحافظات أكثر أمناً واطمئناناً من فدرالية الإقليمين بالنسبة للوجل والخشية والتخوّف من شبهات تقسيم اليمن على اعتبار أنَّ الإقليم يمكن له إقامة دولة في حالة توفر الظروف الذاتية والموضوعية والدولية المناسبة لذلك أما المحافظة الواحدة فذلك أصعب بكثير .

13. فدرالية المحافظات لا ينفي ولا يتعارض مع فدرالية الأقاليم فيمكن إعطاء الحق لأكثر من محافظتين أو ثلاث بتشكيل إقليم ولكن ليكن الأصل هو إقامة فدرالية المحافظات مع السماح لتشكيل فدرالية الأقاليم بعد إجراء استفتاء مباشر من قبل جماهير تلك المحافظات الراغبة في تشكيل الإقليم مع الالتزام بنظم وصيغ وآليات التعامل مع المركز كما مثبت ومنصوص عليه في الدستور.

14. إني أتبنى الرأي القائل بتغيير العاصمة صنعاء ليكون المعيار هو مدى فاعليتها وقدرتها على التأثير والإدارة ويكون ذلك بفعالية مؤسّساتها لتكون عدن مثلا عاصمة جديدة لليمن الجديد.

ومن كل ما تقدّم يمكن لنا اعتماد انتخابات مجلس المحافظات الذي تم في الانتخابات السابقة التي رافقت الانتخابات النيابية السابقة لتشكّل بذلك النواة التي ينبثق منها نظام فدرالية المحافظات إلى أنْ يُقرّ في الدستور القادم ويجب أنْ يتّضح للجميع سواء لبعض السياسيين أو الجماهير الذين لم يستوعبوا حتى الآن مفهوم الفدرالية ولا زالوا يخلطون الأوراق وتتداخل في نظرهم الألوان فتتشوّش الرؤيا لديهم ولا يستطيعون الفصل بين الفدرالية والكونفدرالية فالفدرالية هي ما شرحناه آنفاً.

تعريف النظام السياسي: التعريف التقليدي للنظام السياسي هو نظام الحكم بمعنى المؤسسات الحكومية الثلاث: تنفيذية وتشريعية وقضائية ، والتي تقوم بمهمة الدفاع عن الوطن ضد التهديدات الخارجية وضمان الترابط الداخلي ،هذا التعريف للنظام يربط النظام السياسي بالدولة ، وهو تعريف مستمد أساسا من التعريف التقليدي لعلم السياسة بأنه علم الدولة ، إلا أن التطور الذي عرفه علم السياسة مع تطور وتعقد الحياة السياسية وتجاوزها لحدود الدولة ، دفع بعلماء السياسية إلى تعريف علم السياسة كعلم السلطة ، وعليه ،أصبح النظام السياسي يعرف كمفهوم تحليلي أكثر مما هو نظام مؤسساتي مضبوط كما توحي كلمة نظام ،وضمن هذه الرؤية عرفت موسوعة العلوم السياسية ،النظام السياسي هو " مجموع التفاعلات والأدوار المتداخلة والمتشابكة التي تتعلق بالتخصيص السلطوي للقيم ، أي بتوزيع الأشياء ذات القيمة بموجب قرارات سياسية ملزمة للجميع (دايفد استون )،أو التي تتضمن الاستخدام الفعلي أو التهديد باستخدام الإرغام المادي المشروع في سبيل تحقيق تكامل وتكيف المجتمع على الصعيدين الداخلي والخارجي )جابرييل الموند ) ،أو التي تدور حول القوة والسلطة والحكم (روبرت دولُ )، أو التي تتعلق بتحديد المشكلات وصنع وتنفيذ القرارات السياسية " .

وهذا يعني أن النظام السياسي قد يشمل الدولة ولكنه قد يتجاوزها ليستوعب علاقات وتفاعلات سلطوية إما مشمولة بالدولة كالأحزاب والجماعات العرقية والطائفية ذات الثقافات المغايرة والمضادة للدولة ، وإما تتعدى حدود الدولة كظاهرة الإرهاب الدولة أو العنف متعدي القوميات أو حركات التحرر الوطني أو التداعيات السياسية للعولمة.

النظام البرلماني: النظام البرلماني هو نوع من أنواع الحكومات النيابية ويقوم على وجود مجلس منتخب يستمد سلطته من سلطة الشعب الذي انتخبه ويقوم النظام البرلماني على مبدأ الفصل بين السلطات على أساس التوازن والتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. وتتكون السلطة التنفيذية في هذا النظام من طرفين هما رئيس الدولة ومجلس الوزراء ويلاحظ عدم مسؤولية رئيس الدولة أمام البرلمان أما مجلس الوزراء أو الحكومة فتكون مسئولة أمام البرلمان أو السلطة التشريعية ومسؤولية الوزراء إما أن تكون مسؤولية فردية أو مسؤولية جماعية بالنسبة لأعمالهم. يؤخذ بهذا النظام في الدول الجمهورية أو الملكية لأن رئيس الدولة في النظام البرلماني لا يمارس اختصاصاته بنفسه بل بواسطة وزرائه.

ومع أن السلطة التشريعية لها وظيفة التشريع فإن للسلطة التنفيذية الحق في اقتراح القوانين والاشتراك في مناقشتها أمام البرلمان كذلك فيما يتعلق بوضع السياسات العامة من حق السلطة التنفيذية لكنها تمتلك الحق في نقاش السياسات وإبداء الرأي فيها كما تمتلك السلطة التشريعية الحق في مراقبة أعمال السلطة التنفيذية والتصديق على ما تعقده من اتفاقيات. لذلك فمعظم العلاقة بين السلطتين مبنية على التوازن والتعاون ، أما ما يتعلق برئيس الدولة في النظام البرلماني فقد اختلف الفقهاء حول دوره في النظام البرلماني ويكون معظم دوره سلبياً ويكون مركزه مركز شرفي ومن ثم ليس له أن يتدخل في شؤون الإدارة الفعلية للحكم وكل ما يملكه في هذا الخصوص هو مجرد توجيه النصح والإرشاد إلى سلطات الدولة لذلك قيل أن رئيس الدولة في هذا النظام لا يملك من السلطة إلا جانبها الاسمي أما الجانب الفعلي فيها فيكون للوزراء.

لذلك فرئيس الدولة يترك للوزراء الإدارة الفعلية في شؤون الحكم وهو لا يملك وحده حرية التصرف في أمر من الأمور الهامة في الشؤون العامة أو حتى المساس بها وهذا هو المتبع في بريطانيا وهي موطن النظام البرلماني حتى صار من المبادئ المقررة أن (الملك يسود ولا يحكم).

فالنظام البرلماني المولود في بريطانيا انتقل إلى القارة الأوروبية في القرن التاسع عشر أرسيت قواعده في فرنسا بين عامي (1814-1840م) أي تحت الملكية واعتمدته بلجيكا عام (1831م) وهولندا في نهاية القرن التاسع عشر وكذلك النرويج والدنمرك والسويد بين عامي (1900م-1914م) وكانت فرنسا في عام 1875م الدولة الأولى في العالم التي أرست جمهورية برلمانية، أي أن الوظيفة الفخرية لرئيس الدولة والمجردة من السلطات الفعلية ساعدت في الإبقاء على ظاهر ملكي لنظام هو في الحقيقة نظام ديمقراطي، وبعد حرب 1914م انتشر النظام البرلماني في دول أوروبا الوسطى والجديدة التي انشاتها معاهدة فرساي.ويختلف الفقهاء حول الاختصاصات لرئيس الدولة، وذلك لتكليف البرلمان الاختصاصات الرئيسية للوزراء، ونستدل على بعض الآراء لهذه المهام في النظام البرلماني.

الوزارة هي السلطة الفعلية في النظام البرلماني والمسؤولة عن شؤون الحكم أما رئيس الدولة فانه غير مسؤول سياسياً بوجه عام فلا يحق له مباشرة السلطة الفعلية في الحكم طبقاً لقاعدة (حيث تكون المسؤولية تكون السلطة) وفي رأي آخر أن إشراك رئيس الدولة- ملكاً أو رئيساً للجمهورية- مع الوزارة في إدارة شؤون السلطة لا يتعارض مع النظام البرلماني بشرط وجود وزارة تتحمل مسؤولية تدخله في شؤون الحكم. لذلك نرى من خلال الجانب العملي فإن الوزارة في النظام البرلماني هي المحور الرئيسي الفعال في ميدان السلطة التنفيذية حيث تتولى العبء الأساسي في هذا الميدان وتتحمل المسؤولية دون سلب رئيس الدولة حق ممارسة بعض الاختصاصات التي قررتها أو تقررها بعض الدساتير البرلمانية في الميدان التشريعي أو التنفيذي ولكن شريطة أن يتم ذلك بواسطة وزارته الأمر الذي يوجب توقيع الوزراء المعنيين إلى جانب رئيس الدولة على كافة القرارات المتصلة بشؤون الحكم إلى جانب صلاحية حضور رئيس الدولة أثناء اجتماعات مجلس الوزراء ولكن بشرط عدم احتساب صوته ضمن الأصوات.

لذلك يفرق الوضع الدستوري في بعض الدول بين مجلس الوزراء والمجلس الوزاري حيث يسمى المجلس بمجلس الوزراء إذا ما انعقد برئاسة رئيس الدولة ويسمى بالمجلس الوزاري إذا ما انعقد برئاسة رئيس الوزراء. ورئيس الدولة هو الذي يعين رئيس الوزراء والوزراء ويقيلهم ولكن حقه مقيد بضرورة اختيارهم من حزب الأغلبية في البرلمان- ولو لم يكن رئيس الدولة راضياً- فالبرلمان هو الذي يمنح الثقة للحكومة وتختلف الحكومات في النظام البرلماني بقوة أعضائها والأحزاب المشتركة في الائتلاف حيث تسود الثنائية الحزبية عند وجود التكتلات المتوازنة في البرلمان. وفي النظام البرلماني رئيس الدولة هو الذي يدعو لإجراء الانتخابات النيابية وتأتي بعد حل المجلس النيابي قبل انتهاء فترته أو عند انتهاء الفترة القانونية إلى جانب أن بعض الدساتير تمنح لرئيس الدولة الحق في التعيين في المجلس النيابي أو مجلس الشورى أو حل البرلمان.

النظام الرئاسي: إن مبدأ الفصل بين السلطات قد اتخذ المعيار لتمييز صور الأنظمة السياسية الديمقراطية النيابية المعاصرة ويتضح النظام الرئاسي في شدته وتطبيقه بأقصى حد ممكن في دستور الولايات المتحدة الأمريكية من حيث حصر السلطة التنفيذية في يد رئيس الجمهورية المنتخب من الشعب والفصل الشديد بين السلطات ، فرئيس الجمهورية في النظام الرئاسي منوط به السلطة التنفيذية وهذا ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة الثانية من دستور الولايات المتحدة الأمريكية حيث جاء فيها (تناط السلطة التنفيذية برئيس الولايات المتحدة الأمريكية) وهو الذي يشغل هذا المنصب لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد بانتخاب جديد ولا يجوز بعدها تجديد هذه الولاية بأية صورة من الصور.

لذلك يصبح رئيس الدولة هو صاحب السلطة التنفيذية بشكل كامل لأنه لا يوجد مجلس وزراء في النظام الرئاسي كما هو كائن في النظام البرلماني أو في النظام النصف رئاسي ولا توجد قرارات تخرج عن إرادة غير إرادته مثل ذلك عندما دعا الرئيس الأمريكي (لنكولن) مساعديه (الوزراء) إلى اجتماع وكان عددهم سبعة أشخاص حيث اجتمعوا على رأي مخالف لرأيه فما كان منه إلا أن رد عليهم بقوله المشهور (سبعة «لا» واحد «نعم» ونعم هي التي تغلب) لذلك نرى أن رئيس الدولة الأمريكية هو صاحب السلطة الفعلية والقانونية للسلطة التنفيذية على المستوى الوطني والمستوى الدولي.

فعلى المستوى الوطني يناط بالرئيس حماية الدستور وتطبيق القوانين واقتراح مشروعات القوانين ودعوة الكونجرس إلى عقد دورات استثنائية وتوجيه رسائل شفوية للكونجرس وتعيين كبار القضاة وتعيين المساعدين (الوزراء) وكبار الموظفين. أما على المستوى الدولي فرئيس الدولة هو المسؤول بصورة أساسية عن علاقات الولايات المتحدة الأمريكية بالدول الأجنبية وهو الذي يعين السفراء والقناصل وهو الذي يستقبل السفراء الأجانب ويجري الاتصالات الرسمية بحكوماتهم ولذلك قيل بان رئيس الولايات المتحدة الأمريكية هو الدبلوماسي الأول. لذلك أصبح من المهم جداً في الأنظمة الجمهورية التقيد دستورياً في النظام الرئاسي أن يتولى الشعب انتخاب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع العام سواء كان مباشراً أو غير مباشر ومن هنا تأتي مكانة وقوة رئيس الدولة الذي يتساوى فيها مع البرلمان شرعيته الديمقراطية والشعبية. ولكن وبالرغم من القاعدة الشعبية التي تستند إليها مشروعية اختيار رئيس الدولة إلا أن نجاحه في مهامه وصلاحياته يتوقف على حكمته وكياسته في القيادة بل وقدرته على كسب المؤيدين في الكونجرس فهو يعتمد بشكل كبير على أنصاره حزبياً في البرلمان والسعي إلى تكوين أغلبية برلمانية تدعمه في سياساته وقراراته.

الأنظمة النصف رئاسية: إن النظام الذي أرساه الإصلاح الدستوري في فرنسا في عام 1961م بإقرار انتخاب رئيس الجمهورية بالاقتراع الشامل دون إلغاء الإطار البرلماني وأنظمة برلمانية أخرى مارست أو تمارس هذا الشكل من الانتخاب الرئاسي مثل ألمانيا والنمسا عبر هذه التجارب يبرز نموذج متميز من العلاقات بين الحكومة والبرلمان يمكن تسميتها بالنصف رئاسي ويحدد الكاتب (موريس دوزجيه) هذا المفهوم للنظام النصف رئاسي (يبدو أن النظام النصف رئاسي اقرب إلى النظام البرلماني منه إلى النظام الرئاسي) وبالفعل فأننا نجد في هذا النظام العناصر الجوهرية للبرلمانية السلطة التنفيذية منقسمة بين رئيس دولة ووزارة يرأسها رئيس حكومة الوزارة هي مسؤولة سياسياً أمام البرلمان أي أن هذا الأخير يسوغ له أن يرغم -عبر التصويت على حجب الثقة- رئيس الحكومة على الاستقالة مع مجموع وزارته وللسلطة التنفيذية الحق في حل البرلمان مما يزيد من نفوذها على الأخير. الفارق الأساسي يتعلق باختيار رئيس الدولة فعوضاً عن أن يكون منتخباً من قبل البرلمانيين أو عدد قليل من الوجهاء يكون هو رئيساً منتخباً بالاقتراع الشامل كما في الولايات المتحدة الأمريكية انها حالة فرنسا والنمسا هذا ما كانت عليه الحالة في جمهورية ويمار وتعرف فنلندا منظومة مختلفة بعض الشيء اقرب إلى البرلمانية ينتخب فيها رئيس الجمهورية باقتراع غير مباشر من ناخبين رئاسيين معينين خصوصاً لهذا الهدف من قبل المواطنين لكن هؤلاء الناخبين هم منتخبون بالتمثيل النسبي ويجتمعون في جمعية الانتخاب الرئيس مما يجعل منهم وسطاء حقيقيين.
نظرية النظام النصف رئاسي: سبعة بلدان في الغرب عاشت تجربة دستور تنص أحكامه على انتخاب رئيس بالاقتراع الشامل ومنحه صلاحيات خاصة كما في النظام الرئاسي وعلى رئيس الحكومة أن يقود حكومة يمكن للنواب عزلها كما في النظام البرلماني في هذه البلدان لم يستمر ويثبت هذا النظام طويلاً في ألمانيا و ويمار أزاحها الإعصار الهتلري في البرلمان طبق فيها منذ ثمانية عشر شهراً بعد نصف قرن من الدكتاتورية في أمكنة أخرى عمل بهذا النظام دون اهتزازات منذ عشرين عاماً في فرنسا وثلاثين عاماً في فنلندا.

الصلاحيات الدستورية للرئيس في الدساتير السبعة نصف رئاسية منها في فرنسا فرئيس الدولة هو منظم اكثر منه حاكم يمكنه إعادة القوانين أمام البرلمان لدراستها من جديد ويمكنه حل الجمعية الوطنية وحتى اللجوء إلى الاستفتاء ويمكنه أن يختار رئيس الوزراء الذي يبدو أنه قادر على الحصول على دعم الأغلبية البرلمانية لكنه لا يشارك بنفسه في التشريع والحكم إلا في حالتين عبر تعيين كبار الموظفين وفي حالة الظروف الاستثنائية. وفي ايرلندا سلطات الرئيس من الضعف بحيث نتردد في وصفه بالمنظم فلا يمكنه أن يقرر وحده دون موافقة رئيس الوزراء إلا عندما يطلب من المحكمة العليا التحقق من دستورية قانون صوت عليه البرلمان أو عندما يدعو أحد المجلسين أو كليهما للانعقاد في جلسة غير اعتيادية أو لتوجيه رسالة للنواب وأعضاء مجلس الشيوخ ويملك صلاحية الإعاقة لرفض الحل الذي يطالبه به رئيس الوزراء واللجوء إلى استفتاء تطلبه أغلبية مجلس الشيوخ وثلث مجلس النواب وهذه السلطات لا تعطي نفوذاً سياسياً لكنها تتجاوز وضعيته كرئيس دولة رمزي بحت.غير أن النظام الفرنسي يبقى برلمانياً فرئيس الوزراء والوزراء يشكلون وزارة مسؤولة أمام البرلمان الذي يستطيع إرغامها على الاستقالة بحجب الثقة عنها ولا تستطيع الحكومة أن تحكم إذا لم تحصل على أغلبية أصوات الجمعية الوطنية إن أهمية الأغلبية الديجولية منذ عام 1962م اخفت هذه المشكلة وإذا ما غابت من جديد هذه الأغلبية التي ميزت الجمهوريتين السابقتين فسوف يعمل النظام نصف الرئاسي على نحو مختلف جداً عنه اليوم.

يتميز النظام السياسي الفرنسي بالميزة الثانية وهي ميزة الأغلبية البرلمانية والتوجه السياسي لهذه الأغلبية البرلمانية ومنظمة في الجمعية الوطنية منذ عام 1962م أيضا ميزة التطابق بين التوجه السياسي لهذه الأغلبية البرلمانية والتوجه السياسي لرئيس الدولة الذي يقيم وحده وثيقة بين السلطة التشريعية والتنفيذية والميزة الأخرى أن الرئيس هو زعيم الأغلبية ورئيس الوزراء نفسه الأركان للرئيس. إن أعجب ما في هذه الميزات يتعلق بتحول منظومة الأحزاب حتى عام 1955م عرفت أحزابا متعددة ضعيفة قليلة التنظيم تتجمع ضمن تحالفات هشة ومؤقتة وبصورة عامة موجهة نحو الوسط ومنذ عام 1962م تجمعت الأحزاب ضمن تحالفين كبيرين منظمين أحدهما يميني والآخر يساري وهذا يسمى (ثنائية الأقطاب) وهذا ما يشكل جوهر الأغلبية البرلمانية.