الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٢١ مساءً

خطوط حمراء بين الخيانة والوفاء لكرامة الشهداء

معاذ راجح
الأحد ، ١٨ مارس ٢٠١٢ الساعة ٠٥:٤٠ مساءً
اختلاط لمشاعر الألم والحزن بروح الثورية المقتولة ، برصاصات الغدر والخيانة العائلية ، والشعور بالكرامة المستعادة بأثمان باهظة ، ونشوة الانتصارات الوهميةللبعض ، واستعجال البعض الأخر على قبض ثمن الدماء الزكية ، وبيع ما تبقى منها ، في أسواق النخاسة والرق والتبعية ، بيعة سارق رضي بالثمن الزهيد ،وتفنن في ترويج القيمة ليغطي على عار الخيانة .

خطوط حمراء واضحة تفصل القوى المتناحرة تحت عباءة الثورة ، بين تهم التخوين المروج لها على كل الأصعدة ، والمتشدقون بها طبعاً أبطال الحروب المذهبية ، وفعلية الوفاء للكرامة المستعادة على استحياء ، بأسلوب الممارسة وإحراق المخططات ، وإفشال الإستراتيجيات المرتبة بين قوى خارجية وداخلية تنتظر الفرصة السانحة لاستعادة املاكها المسلوبة وحرق الأوراق بعد خلطها ، وتقسيم الإقطاعيات كما وعدت بأربع أو خمس دويلات متناحرة ، تجمعها أسرة مالكة .

هيا آهات أحزان وتنهيدات وطن ، يتنفسها سكان الخيام ويبكيها شباب الثورة في ذكراهمالأولى للمجزرة النكراء والجريمة الشنعاء التي حدثت في جمعة الكرامة 18 من شهر مارس العام الماضي ، ذلك اليوم الدامي الذي نزفت فيها ساحة التغيير أزكى الدماء الشبابية الطاهرة ، للتفتح بعدها جراحات الوطن النازفة منذ الأزل , وتركت أبواب الأحزان مفتوحة لآلاف الأسر النائحة على قريب أزهقت روحه برصاص غادر يخرج من نيران الحقد القديم والكراهية المتسترة بصورة البراءة النظامية النجسة .


اهتزت الأرض وحق لها أن تاهتز وتألمت البشرية من هول الفجيعة، تحركت الضمائر الميتة واستعادت حيويتها ،بكى الشيوخ في الريف قبل الحضر, اتشحت الأمهات بالسواد وعزفت النساء معاني الحداد ، ومهما يقال في وصف المأساة والحزن الذي عم اليمن فلا نستطيع وصف عظم المصاب الجلل .

شعر الجميع بمرارة الخطيئة التي لا تغتفر لنظام مزيف ، فكانت دماء الشهداء لعنة الله على النظام ، ليضع الجنود الميامين رتبهم العسكرية تحت أقدم الشباب معلنين جيشاً حراً وطني ، يحمي الثورة ويلتزم بسلميتها ، من أقصى شرق الجنوب إلى أدنى شمال الغروب .

وهبت رجالات اليمن شيوخها وقبائلها وأحزابها منظمين طواعية للثورة الشبابية ومناصرين أوفياء لأرواح الشهداء ، وكانت بركات السماء على شباب اليمن أن تؤيد ثورتهم على كل المستويات من الوزراء والسفراء والساسة حتى رجال الدين ومشايخ العلم .

لم يرق هذا لبعض الأطراف كما صعب على النظام العائلي تخلي أنصاره عنه ،ففكر وأدبر وتلاعب وتهرب وكال الاتهامات ، وأراد الإطالة في عمره السلطاني حتى وإن اقتصرت سلطته على سبعين القصر ، وتحقق له ذلك إثر تعقل مفرط للساسة والقادة العسكريين ، وطول النفس والروح الشبابية العالية .

ان الحكمة الإلهية في طول حكم الرجل المريض ، رغم سقوط شرعيته يوم الكرامة ، وانتهاء كل احتمالات البقاء ، تتجلى في الذكرى الأولى لتلك الجريمة ،ونحن نسمع ونرى رجال السلطان وبقايا النظام يتباكون على شهداء الكرامة ،يشاطرهم الحزن تجار الأوطان ، يغنون مواويل الحزن في عبارات التخوين ، ويهمزون ويلمزون أنصار الثورة عسكريين وأحزاب وقبائل ووزراء وسياسيين .

إن المتباكين على دماء الشهداء كثيرون والحقيقة أنهم لا يبكون على الشهداء كما نعتقد ، إنما يتباكون على (العلي والحسين )بعد أن جمعتهم المصلحة المبطنة وفق قاعدة" عدو عدوي صديقي " وما التمثيل المنظم والكلمات المنمقة التي تصف الخيانة وتروي مشاهد الحزن والألم وترمي التهم صوب اتجاه واحد ، لخير دليل على اجتماع المصالح حتى وإن كان مع صالح.

وتتضح اليوم الخيانة لدماء الشهداء من الوفاء لهم ، و بخطوط عريضة وحمراء ، فمرتكبي الجريمة هم من يتباكون بخشوع يدعو للسخرية والثائرون بالأمس والمتحمسون للحسم الثوري هم اليوم يدافعون وبكل وقاحة عن النظام العائلي والأسرة .

ولو حسبنا بمنطق الربح والخسارة والبيع والشراء ففي ما قبل وما بعد الكرامة الجواب الشافي لكل مرجف إن كان له قلب ، وكل متحذلق إن بقي لدية بعضاً من العقل .
فلوا أجريناً المقارنة لما قبل الكرامة وتابعنا الأحداث التي سبقتها والتحذيرات لعرفنا أنها مخطط عائلي بتوافق سياسي مع أطراف خفية هي اليوم أكثر بكاءً .

أما بعد جمعة الكرامة فأحداث صعده وتسليم مؤسسات الدولة ومعسكرات الحرس للجماعات المسلحة والانسحابات المشبوهه ، لشيء يدعو للشك ، أما أحداث الجوف وتوسع تلك الأطراف في ليلة جمعة الكرامة بعد أن هيئة الظروف المناسبة والتسهيلات المجانية وبقرارات سرية من علي صالح ونظامه .

إن موقع الصفراء بمحافظة الجوف خير شاهد على دماء الكرامة التي سفكت هناك بأيدي طائفية وبإيعاز من النظام العائلي، والتوسع في محافظة حجة وتلك الدماء التي تسفكها المليشيات الطائفية كي تتسلم شمال الشمال كما وعدهم سيدهم وراعي نعمتهم .

وتتضح الخيانة بين من أتخذ الثورة ستار كي يتوسع عسكرياً في المحافظات بعد استلام المعدات العسكرية من النظام العائلي ، وتاجر بدماء الشهداء وباعها للخارج عمالة وخيانة ، وهاهم اليوم يسعون لتلفيق التهم والهمز واللمز بالجيش الحر والقبائل المؤيدة للثورة والأحزاب السياسية ليس لأسباب مقنعة فقط لأن ثمن الدماء استلموه أرضاً في حجة والجوف وصعده .

اليوم بقايا العائلة تتعهد بالوفاء لدماء الشهداء وتطالب بكشف مرتكبي المجزرة والأخوة أنصار...... يصفقون بحرارة
ويهتفون بالروح بالدم نفديك يا علياه ويا حسيناه ويا مليكاة ، إي خيانة في ذكرى الوفاء وأي حماقة لهولا .

وليس المقام أو المقال مناسب لعرض الحقائق وإجراء المقارنات لكن الحزن وذكرى المجزرة تجعل من الحمقاء صناع تغيير ومن القتله حمام سلام ومن الطائفية دولة مدنية بمرجعيات إيرانية .

لن تتحقق أحلامهم مادام في اليمن شباب وفي الساحات الآلاف من أمثال شهداء الكرامة والسائرون على درب الحرية والمرددون أذكار الصباح والمساء ، مع هتافات المجد لليمن والخلود لشهداء .