السبت ، ٢٧ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٢٧ صباحاً

الحزب المحظور .. والجماعة المحظوظة !

أحمد مصطفى الغر
الأحد ، ٠٦ مايو ٢٠١٢ الساعة ١٠:٤٠ مساءً
أكثر المتفاؤلون كان يعتقد أن تحصل جماعة الاخوان المسلمون فى مصر على عدة مقاعد فى انتخابات البرلمان 2005 ، لكن لم يكن ليتوقع أن يصل العدد إلى 88 مقعداً ، فى الانتخابات التالية أعدّ الحزب الوطنى عدته و جهز أدوات التزوير مع السبق والترصد ليغتال الانتخابات محققاً أعلى نسبة فوز فى إنتخابات أُجريت على أرض مصر ، و ربما فى تاريخ البشرية ، ولعل هذا ما إستدعى من مهندسوا الانتخابات من أمثال عز والشريف و زكريا أن يعيدوا حسابات جولة الاعادة ، فكان التزوير لصالح المستقلين فى محاولة أخيرة لحفظ ماء الوجه و إيجاد عدة مقاعد لغير المنتمين للحزب الحاكم ، وبالفعل كانت هناك نسبة لا تتجاوز 2% كمعارضة شكلية!

بدأت جماعة الاخوان تبحث عن دور حقيقى لها فى المجتمع ، انتشرت فى القاع حيث عشوائيات المدن و القرى والنجوع و الكفور و العزب الصغيرة ، مناطق يئن من يسكنونها من فقر مدقع و ذل و إنكسار نتيجة إهمال الحكومات المتعاقبة لهم ، وبنما كانت الجامعة تصنع أرضيتها المستقبلية لدى البسطاء بأى وسيلةٍ كانت ، كان الحزب الوطنى يغرق فى شعاراته الرنانة و لافتات الدعاية المنتشرة فى كل مكان ، فى سنوات ما قبل الثورة كان همّ النظام الأكبر هو إحكام القبضة الأمنية على الوطن ، جهاز أمن الدولة يحمى النظام قبل الدولة ، و قوات الأمن المركزى تحمى أمن الرئيس و حاشيته قبل أن يحمى المواطنين و ممتلكاتهم و يحفظ أمن شوارعهم !

يا صديقى هذا ليس مقالاً فى حب الاخوان و كراهية الحزب المنحل ، بقدر ما هو تذكير بالبسطاء من شعب مصر ، هؤلاء ـ أى البسطاء ـ هم عماد طبقات المجتمع ، وهم من نزلوا إلى الشوارع والميادين فى أيام الثورة ولياليها ، هم من أعطوا أصواتهم لمن صاروا أغلبية ألان فى البرلمان ، و هم ايضا من نادوا بحظر الحزب الوطنى ، ليصير الحزب الحاكم سابقاً هو حزب محظور حالياً .. بينما تنقلب الجماعة من جماعة محظورة إلى جماعة حاكمة ، البسطاء لا يهمهم من يضع الدستور بقدر ما يهمهم أن يكون هناك دستوراً عادلاً تتناسل منه قوانين دقيقة تحمى الشرفاء وليس اللصوص ، قوانين تطبق على الجميع دون إنتقائية ، البسطاء تهمهم لقمة عيش و كساء و دواء قبل أن تهمهم مفاهيم الديموقراطية المعقدة ، أرادوا قناة تبث جلسات مجلس الشعب لعلهم يجدوا من تشغله قضاياهم ومشكلاتهم فوجدوا من يتناحرون و يفتعلون أى شئ بهدف الظهور على الشاشة ، صدقنى إذا قمنا بعمل مونتاج لكل ما تم إذاعته حتى ألان من ساعات بث طويلة للمجلس الموقر فلن نخرج إلا بدقائق معدودة مفيدة !

إن الذين خرجوا سواء طواعية أو بأسلوب "الحشد" لإنتخاب قائمة بعينها دون أخرى ليسوا أقل فهما و وعياً من إولئك الذين مروا على بيوتهم لحثهم على الخروج و إختيار هذا الرمز أو ذاك ، لذا فعلى كل محظوظ أن يدرك جيداً أنه فى تاريخ مصر كان هناك حزب حاكم ذات مرة ، و أعتقد أنه ذو شعبية كبيرة وأنه أكبر الأحزاب و أكثرها من حيث الأعضاء ، لكن فى أيام معدودة تهاوت أعمدته و أُحرقت مقراته و أُودع قياداته فى السجون ، و التاريخ به من العِبر الكثير والكثير !