السبت ، ٢٧ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٥٨ صباحاً

دماء .. لا تُنسى !

أحمد مصطفى الغر
الثلاثاء ، ٢٢ مايو ٢٠١٢ الساعة ٠٦:٤٠ صباحاً
قد ينتشر الظلم و تأخذنا الحياة فتلهينا عن غيرنا من بنى البشر من المستضعفين و المظلومين ، لكن ثمة ضمائر لا تنسى ، و قلوب تتعاطف و أجساد تتضامن بقوتها وقوتها لمساعدتهم ، أيام قليلة وتأتى الذكرى الثانية لأحداث مجزرة أسطول الحرية ،والتى فيها قامت وحدة خاصة من القوات العسكرية للكيان الصهيونى بالاعتداء على نشطاء سلام كانوا على متن سفنينة " مرمرة" التى كانت ضمن الاسطول ، وقع الاعتداء فى المياه الدولية بالبحر المتوسط وتم فيها الاعتداء على النشطاء المسالمين العزل ، حيث كانوا يحملون بعض المؤن لكسر الحصار الذى فرضته إسرائيل على أهلنا فى غزة بعد أن صار قطاع غزة أكبر سجن جماعى فى العالم ، لتصبح تلك الحادثة مجزرة و إرهاب دولة وقرصنة بحرية منظمة تُضاف الى التاريخ الطويل لدولة الصهاينة من جرائم وإعتداءات .

قد تظلم علينا الدنيا، وقد تضيق بقدر ما اتسعت، وقد تموت السعادة فى أحضان خبر مؤلم، هذا الخبر المؤلم؛ الذى قرأته صباح يوم الاثنين 31 مايو 2010هو : «هاجمت البحرية الإسرائيلية أسطول الحرية المتجه نحو غزة فى المياه الدولية، فى وقت أفاد فيه التليفزيون الإسرائيلية بأن ١٦ شخصاً على الأقل قتلوا فى هذا الهجوم، وهناك العديد من الجرحى».

أتذكر أننى دخلت إلى النوم فى مساء الأحد على خبر يشير إلى وجود أفراح فى شوارع غزة بانتظار تلك القافلة التى تعبر بشكل رمزى عن كسر الحصار، وأن أبناء القطاع كان لديهم أمل كبير فى نجاح القافلة فى الوصول إلى القطاع رغم التهديدات الإسرائيلية والتوعد باعتقال كل أفراد القافلة بمجرد وصولهم إلى المياه الإقليمية ، تلك العملية العسكرية التى قامت بها قوات الدولة العنصرية الصهيونية فى مواجهة مجموعة من النشطاء العزل فى عرض البحر تدل على مدى جبن الصهاينة، واستخفافهم بحياة البشر، غير مبالين بقيم حياة الإنسان طالما أنه ليس يهودياً إسرائيلياً، وطالما قد خالف ـ من وجهة نظرهم ـ مبادئ وسياسات الدولة العبرية.

فى حينها رأيت فى وسائل الاعلام المختلفة .. الالاف من الأتراك ـ معتصمون ومتظاهرون ـ أمام القنصلية الإسرائيلية فى اسطنبول، مرددين التنديدات والشعارات ضد الدولة الإسرائيلية، مطالبين الخارجية والدولة التركية باتخاذ إجراءات صارمة ضد إسرائيل، حاولت جاهداً أن أرى مشهداً مشابهاً فى أى دولة عربية، لكن للأسف باءت كل محاولاتى بالفشل، فالشعوب العربية فى حينها كانت مازالت نائمة ، إن قتل جنود البحرية الإسرائيلية لبعض النشطاء فى قافلة الحرية المتجهة إلى غزة هو بمثابة اغتيال للحرية ذاتها، نسف للقيم الإنسانية، وتأكيد أن النازية الجديدة هى سلوك الدولة العبرية، القائمة على أسس عنصرية تمجد النفس، وتحتقر الآخر لدرجة إمكانية قتله إذا تتطلب الأمر.

مازلت أشعر بالألم تجاه أشخاص بعضهم، بل معظمهم، كانوا يعيشون فى أوروبا وبمستويات اجتماعية لائقة، منعمين بحياة هادئة وهائنة، أشعر بألم تجاههم لأنهم قتلوا دون ذنب يذكر، سوى أنهم أرادوا أن يعبروا عن تضامنهم مع أبناء غزة المحاصرين، يعبروا بشكل رمزى وبسيط عن احترامهم للإنسان والإنسانية، بغض النظر عن الدين واللون والجنس.. كانت حينها ما زالت الأنظمة العربية الحاكمة فى حينها تحلم بالسلام الشامل مع إسرائيل ، أحد مهندسو هذا السلام الشامل الذى لم يتحقق يوماً ولن يتحقق .. يرقد ألان على فراش المرض وينتظر حكماً قضائياً بعد يومين تقريبا من ذكرى مجزرة الحرية ، لعله يتذكر كيف ساهم أثناء حكمه فى عزل الشعب الفلسطينى و إحكام الحصار عليه فى غزة ... وان كنت لا أظن ان يتذكر مبارك ذلك !

كتب "أمل دنقل" هذه الابيات فى قصيدته "لا تصالح" ، وان كانت قد كُتبت فى السبعينات لغرض آخر .. الا ان الابيات الثلاثة التى اخترتها قد تصلح هنا ، ولكل من ينسى جرائم الصهاينة .. يقول فيها:
هل يصير دمي - بين عينيك - ماءً ؟
أتنسى ردائي الملطَّخَ بالدماء..
تلبس - فوق دمائي - ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب ؟