الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١١:١٨ مساءً

اليمن في زمن التحالفات!

محمد البعوم
الاربعاء ، ١٤ نوفمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٣٠ مساءً
إنــنـا نعيــش اليـوم زمــن التنــاقضـات , وإلتقـاء الأضــداد , وتوافــق القطبـان علـى الرغـم مـن إختلاف شـُحنتهمـا السيـاسيـة. ففـي زمـن التنـاقضـات يكـون التلاعـب بالمصطلحـات قـريب جـداً عـنـد الأحـزاب التـي تــُعاني مـن مراهقـة متــأخــّرة والتــي غـالبـاً لا تمــلّ مــن إظهـار الصـراع بيـن الأحـزاب علـى أنــّهُ إيديـلوجـي أكثـر مـما يكـون تنـافس براجمـاتي عملي. هـذه الأحـزاب هـي نفسهـا التـي تتـدعي الحـداثـة والمدنيـة وبـأنّها رائـدة المشـروع الوطني الحضـاري , هي نفسهـا أيضـاً الأحـزاب التــي تعمـل علـى تسـويق نفسهـا أمـام الغـرب بـأنـّهـا حـاملـةً إنشـاء الدولـة المـؤسساتية الحديـثة القـائـمة على التحضـّر والتمـدّن والإنفــتـاح مـع الآخر . فحـزب المـؤتمـر الشعبـي العـام وكذلك الحـزب الإشتـراكي إنمـوذجـاً لذلك .حيـــثُ يعمـل الاخيـريـن علـى إقـامة التحـالفــات السيـاسيـة بإستراتجيـة تنـافي الولاء الوطنـي والمـشروع المـدني الذي يدعــّونه.
فنجـد تحـالف غيـر مـُعلن بيـن حزب المؤتمـر الشعبـي مـع الحـركة اليمينيــة المــُتطــّرفـة متمثــّلةً بالحـوثي وكذلك الحـراك المـُسلــّح الذي يتزعمـــه البيــض. ومــن جهـة أُخـرى نجــد تحـالف الحـزب الإشتـراكي اليمنــي أيضــاً مـع حـركة الحـوثي الدينيـة المـُسلّحة وهــذا يقـودنـا إلـى نفـق خطيـر في العمليـة السيـاسيـة , ويعمـل على تعـزيز التشكيـك بيـن الأطـراف المعنيــّة في الحـوار الوطنـي في أنــّها ليسـت جــادّة لتخـطـّي ظـروف هـذه المـرحلـة الحـرجـة .وهـذا مـا ينـاقض سيـاسـة القـُوى اليسـاريـة أو الليبراليـة التـي لـم تخلـص لمبـدأهـا وأبجديـاتهــا الحزبيـة الـوطنـيـة.

أنّ تتــدعي اليسـاريـة والمدنيـة وتتحـالف مـع فــئــةً جهـويـة وحـركة كهنـوتية رجعيـة وكيـان مـُسلــّح مثـل حـركة الحـوثي التـي رفضـت ولا زالـت الإنخـراط في إطــار سيـاسي وتسليـم السـلاح , فهــذا هــو السقــوط بعيـنه , والهبـوط المعـرفي وممـارسـة سـياسـة الأهــواء عـلى حســاب الولاء للوطـن والعمـل علـى إنجـاح الفتــرة الإنتقـاليـة المتمثّلة بالحــوارالوطنــي.

تــُهـاجمـون حـزب ال‘صـلاح وهــو حـزب سيـاسي ديـني تحــت غــطــاء الحداثــة والمـــدنيــة ثـُم تذهبـون للتحــالـف مـع الحوثييـن لتحقيــق الدولـة المدنيـة المنشـودة ! علـى الرغـم مـن أنّ الوثيقـة السيـاسيـة والفكـريـة للحـوثـي الذي يعـلنـونـها صـراحـةً أنّ ولايـتهم علـى أسـاس إصطفـاء آل البيـت الذيـن يـعدّونــهُ تنصيـبـاً إلاهيـاً لأئمتـم الذيـن يتميــزون بالعصمـة عـن الخطـاً وهــذا يقـود إلــى أنــّهم يحضـون بــإضفـاء الهــالـّة المــُقدّسـة وأنــّهم فـوقي أي إعتبــار أو مســألـة، وهـــُنــا تتــجســّد الدولـة الكهـنوتيـة الســُلاليـة بكــل مقــايـيـسهــا وإعتبــاراتهــا .

الحــزب الإشتــراكي بـات في تصــّدع ، وحـالـة تنـاقـض شــديـد بيـن مـا يـؤمـن بـه مــن مبـادئ التــي تفـرضهُ عليـه إيديولوجيـته السيـاسيـة ومـا يدعـو إليـه بـرنـامجـه , وبيـن مـا يــُمـارسـه مــن نقـيضٍ علـى أرض الواقـع بتحـالفـه مـع الحـركـة الحـوثيـة السـُلاليـة المـُتمــرّدة , ويقـود هــذا التنــاقض بشكـل علنـي بعضـاً مـن القيـادات في الحـزب الإشتراكي اليمني مثـل المقـالح وبشـرى المقطـري والخيـواني وكذلـك البـُخيتي الذي قضـى فـي إيـران طويلاً.

مثـل هـذه القيـادات اليسـاريـة المـتـواجـده في الحـزب الإشتـراكي اليمـني مـا يقلقهــا ليـس تطـرّف حـزب الإصـلاح وإنــّمـا محـاولـة حـزب الإصـلاح للإنفتــاح والقبـول بالآخــر هـو مصـدر قلقـهـا ,لأنّ ذلك سيجعلهم يفقـدون البـوصلـة في التبـريـر ودحـض حـُجّتهم أمــام قـواعدـهم أولاً وأمــام الشعـب اليمنـي ثـانيـاً والمجتمـع الغـربـي بصفـةً عــامـّة.

الحــزب الإشتــراكـي اليمـني لا زال يـُعــاني مـن مـرحلـة الشيخـوخـة تــدّب فــي جسـمـه , ولا زالـت الأدمغـة القـديمـة وأصحـاب الشعـر الأبيـض هـي مـن تفـرض القبضـة الحديديـة في القـرار التـي تــُصــّر على البقـاء في المـراهنـة عـلى المـاضي رافـضـة النـظر إلـى المستقبـل والتمـاشـي مـع مـُتطلّبـات المجتمـع في زمـن العلـم والتطـوّر وثـورة التكنــولـوجيـا .وذلـك لأنــهُ لا زال يتعــامـل بخبـرة الربـح والخسـارة ولا يـُفكــّر في العمليـات الإصلاحيـة الوطنيـة بقـدر مـا يجعـل الصـراع الإيديـولوجــي أحـد أهـم إعتبــاراتـه، ممـا يـُوحـي لنــا بـأنّ بعــض قـادته مـا هــُم إلا كـائنـات مـُتسلّطـة خـدمـوا الحـوثي أكثـر مـا خدمـوا الحــزب نفسـه وذلك بـدافـع سـُـلالـي وعصبيـة تــُنـافي رؤيتهم للمـدنيـة وتفضـح إنتهــازيتــهم التــي تــُعتبـر أشبـه مـا يكـون بالحــركـات الفـاشيـة في إيطـاليـا والنـازيـة فـي ألمــانيــا ولكنـــّها بقـالب يمـني تمثلهـا ثـُنائية الإشتراكي مـع الحوثي.