الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٣٨ صباحاً

الجامعات بانتظار زيارة شرف إليها

د . محمد حسين النظاري
الاثنين ، ٠٣ ديسمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٥:٤٠ مساءً
وإن جاء القرار متأخراً، لكنه يمثل استجابة لما يحدث في الجامعات الحكومية، أعني بذلك توجيه مجلس الوزراء – في جلسته المنعقدة بتاريخ 27 نوفمبر الجاري- بتشكيل لجنة وزارية برئاسة وزير التعليم العالي والبحث العلمي وعضوية وزيري الشئون القانونية والخدمة المدنية ونائب وزير المالية، وذلك للنزول الميداني الى الجامعات، والإطلاع على اوضاعها وما تعانيه من مشاكل وصعوبات، والمقترحات الكفيلة بتجاوزها، وتقديم تقرير بذلك الى المجلس للمناقشة واتخاذ ما يلزم.

الخطوة مهمة خاصة انها تضم الى الوزير -شرف- المشرف على الجامعات وزيري الشئون القانونية والخدمة المدنية ونائب وزير المالية، وهو ما جعل للجنة ادواراً وليس دورا أكاديمياً فقط، فما تعانيه بعض الجامعات من اختلالات لا ترتبط فقط بالشق الأكاديمي، ولكن هناك عوائق كثيرة تحد من أن تؤدي الجامعات دورها العلمي والتنويري.

التشريعات القانونية التي تنص على أن للجامعات استقلال مالي واداري، تظل حبراً على ورق، فرؤساء الجامعات لا يستطيعون القيام بأي دور سواء في عمليات التعاقد أو التثبيت أو التسوية من معيد لمدرس او لاستاذ مساعد او لاستاد مشارك او لاستاد دكتور، ما لم يمروا على وزارتي الخدمة المدنية والمالية، فأين هو الاستقلال المالي والإداري الموجود فقط نظرياً في التشريعات؟.

الكادر الاكاديمي في الجامعات محروم من التأمين الصحي، وان وجد بدل علاج فإنه لا يوازي ما يدفع لحاملي شهادة الثانوية في النفط والكهرباء والبنك المركزي والقطاعات الانتاجية الأخرى، فنحن الان ككادر جامعي نطالب بأن يساوونا بحاملي الثانوية العامة.

السكن الجامعي الممنوح لأعضاء هيئة التدريس فاز به الاساتذة الأوائل، فيما بقيَ الاخيرون يستلمون بدل السكن والمقدر 37 الف خاضع للضريبة، وهذا المبلغ في بعض المدن لا يفي باستئجار شقة تليق بأستاذ جامعي، فينبغي مساواة الجميع اما بسكن موحد، أو بأن تتولى الجامعات استئجار شقق تتولى هي دفع ايجارها حتى ولو زادت على المبلغ المقرر للسكن.
بدل الريف الموجود في القانون والمقدر ب20 بالمائة من الراتب الأساسي غير مفعل، والغريب ان نفس القانون مفعل لمعلمي وزارة التربية والتعليم، وهم يفوقون اضعاف ما هم عليه في الجامعات، فالحال اصبح معكوساً وأصبح الكادر الاكاديمي يطالب بأن يساويه القانون بالمعلمين في المدارس الابتدائية.

الراتب الذي يتقاضاه عضو هيئة التدريس المساعد والذي يصل ل218 الف ريال بما فيها بدل السكن، اصبحت لا تلبي احتياجات الكادر الأكاديمي، الذي يفرض عليه المجتمع وضعاً اجتماعياً يختلف عن بقية الطبقات ظناً منهم انه الاعلى راتباً في الجهاز الحكومي، مع العلم ان قطاعات اخرى تعطي رواتب وحوافز شهرية تعادل او تفوق ما يتقاضاه الدكتور، علماً بأن الدكتور لا يتقاضى سوى راتبه فقط.

ميزانية البحث العلمي نخجل ان نذكرها، ولا يستطيع الاساتذة المشاركة في المؤتمرات والندوات العالمية، لان الاجراءات الادارية والمالية في الجامعة ووزارة المالية معيقة جداً، وتنتهي فترة المؤتمر والتعزيز المالي لم يخرج بعد، اما بداعي انتظار الدور او نفاد البند المخصص.

استغرب للمضربين من اعضاء هيئة التدريس في الجامعات كيف يبنون اضرابهم على مطالب شخصية تتعلق معظمها في رحيل او بقاء رؤساء الجامعات، ولا يبنونه على تحقيق المطالب التي ذكرتها سابقاً، والتي كانوا يستطيعون من خلال اعتصاماتهم وإضراباتهم الدائمة ان يجعلوا الجهات المسئولة تتجاوب معها.

فالعمل الحزبي هو الذي خرّب الجامعات، وجعل ابناء الكادر الواحد يتصارعون فيما بينهم، والمغلوب على أمره هو الطالب لا غير، فالصراعات الحزبية خلقت اجواء غير علمية، الولاء فيها للحزب وليس للعلم، والغريب ان يحدث هذا في ارقى الكوادر التعليمية.

الجامعات تفتقر للدعم الملبي لاحتياجاتها التعليمية خاصة الناشئة منها، فميزانيتها لا توازي ميزانية كلية من الجامعات قديمة الإنشاء، ونستغرب هنا عن الجدوى في انشاء جامعات جديدة، فيما تظل ميزانياتها كما كانت عليه وهي مجرد كلية، فالاسم جامعة والحقيقة انها ما زالت بنظام الكلية او الكليتين، وهذا يخلق اعباء على رؤساء الجامعات، كون اعضاء هيئة التدريس يطالبونهم بما لا يستطيعون تحقيقه وفق الميزانية الضئيلة، فيما يتحسر الكادر الاكاديمي ويتمنى ان يرجع لجامعته القديمة قبل فك الارتباط؟
معالي المهندس هشام شرف الجامعات ومن فيها بانتظاركم انتم وبقية اللجنة المحترمة، للوقوف على حقيقة ما يجري فيها، ونتمنى ألا تكون الزيارة فقط لرفع تقرير لمجلس الوزراء كإسقاط واجب، بل ينبغي ان تكون الحلول موجودة، فبدون حلول لهموم الجامعات وكوادرها، لن يكون للزيارة اية فائدة.