الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:١٦ صباحاً

حتى نضمن واقعاً صحيحاً

عبدالرحمن محمد أحمد الحطامي
الأحد ، ٠٦ يناير ٢٠١٣ الساعة ٠٥:٤٠ مساءً
إن الحكومات كجهة تنفيذية إن لم تجد جهة رقابية جادة وحازمة حاسمة ترعى مصالح الرعية والوطن وتحسن الإشراف والمراقبة يستشرفها الشيطان فيطغيها فإذا بها تتشكل حزمة من ألسامري وقارون وفرعون تجارا يحترفون نهب المال العام تحت مسميات وبنود واتفاقيات وأخرى وناطقهم الإعلامي يؤكد بين فترة وأخرى : ما نريكم إلا ما نرى وما نهديكم إلا سبيل الرشاد . وتتكرر مأساة الفساد والعبث بمقدرات الأمة بثوب جديد وحلة جديدة ونكهة جديدة ونكون بذلك حققنا من ثورتنا المباركة التغيير الشكلي من مقصلة حادة المشفر إلى مشنقة تتبدى للرائي من بعيد كحبل تدلى من السماء بخير عميم !!
لست أجهل دور نواب الشعب كجهة رقابية اختاره الشعب يكون مفوضا رسميا وشرعيا في الرقابة والإشراف المباشر على أداء الحكومة ويمتلك حق سحب الثقة وشل حركتها إن لم تستجب لمقرراتها وتوصيتها ويستدعي هذا المجلس من الوزراء من يشاء وقت شاء لمحاسبته وطلب التقرير الشافي في أي اختلال في وزارته ، ولكن كل هذا حين يحسن الشعب اختيار ممثليه وحين تكون الانتخابات حرة جدا ونزيهة وضمانات نزاهة الانتخابات في الغالب ليست متوفرة 100% مائة في المائة ، وعلى افتراض توفر نزاهة الانتخابات فلا نضمن طوال فترة عمر المجلس الرقابي أن يتوافق السياسيون البرلمانيون مع سياسيو الحكومة القادرين بفعل وضعهم التنفيذي من شراء ذممهم بطريقة أو بأخرى ونكون بذلك كمن يدور في دائرة مغلقة ، ومع ذلك لابد مما لابد منه ولا يمنعنا ما سبق التخوف منه من بذل الجهد في حسن اختيار ممثلينا وأن لا نسمح بإجراء انتخابات غير حرة ولا نزيهة ، والأهم من كل ما سبق أن نتابع نحن كشعب له حقوق وعليه واجبات وتبعات أن لا نتوانى في المطالبة بحقوقنا متى ما رأينا المماطلة أو التقصير دون التراخي أو الضعف فإن الحقوق لا تؤخذ إلا غلابا ولا يضيع حق وراءه مطالب ، وإذا طال عمر الحق المستباح صعب المطالبة به وظن المستبيح لحق الغير مع طول المدة الزمنية أن حق غيره أصبح حقا له مستباحا لا يقدر أن يتصور غير ذلك ، فما أحبت النفس شيئا كحبها التملك ، ولا أشد على النفس من التخلي وتر ك ما ألفته وأحبته .

ما أريد اقتراحه حتى يكون واقعنا صحيحا وسليما وخاليا من العبث والفساد الإداري والمالي في جميع مؤسسات الدولة هو إنشاء مجلس مصغر مهمته مراقبة الأداء البرلماني في الإشراف ومراقبة الحكومة وسن القوانين ، كذا مراقبة أداء الحكومة وتوجيه الحكومة والبرلمان وتكون جهة إشرافية رقابية تطلع المواطنين عبر عقد مؤتمر صحفي إثر انعقادها الدوري كل ثلاثة أشهر على الأداء الحكومي والبرلماني وما تم إنجازه وما لم يتم وحقيقة التحديات التي تواجهه الحكومة في تنفيذ خططها وبرامجها التنموية وغير ذلك مما لابد من أن يطلع عليها الشعب وتقديم التوصيات التي من شأنها الإسهام في حل المعوقات والبدائل المتاحة ، وليس من مهام هذا المجلس نزع الثقة أو اتخاذ أي إجراءات ضد الحكومة أو البرلمان أو حتى التأثير على كليهما ، بل هو جهة مخولة شعبيا لتأكيد وضمان سلامة العمل البرلماني والحكومي ، يتم تكوين هذا المجلس عبر انتخابات مباشرة من كل محافظات الجمهورية وفق شروط الكفاءة ، يجمع بين العلماء والدارسين في القوانين والسياسة والاقتصاد والإدارة والمحاسبة والعلوم العسكرية والأمنية والصحة النفسية والعقلية ، أقترح أن يكون من كل محافظة اثنين أو ثلاثة فقط وأن يكونوا مستقلين لا ينتمون لأي حزب سياسي أو حتى كانوا مرتبطين حزبيا من قبل ، ويتم إقراره وسنه ووضع ضمانات إجراءه والمعايير المناسبة لكوادره وأعضاءه عبر مجلس النواب ، أظن وليس كل الظن على حقيقته أن مجلسا هكذا سيكون بإذن الله تعالى أقوى الضمانات وأشد المكافحات لفيروسات الفشل السياسي والفساد الإداري والمالي بجميع صوره وأشكاله .