الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٢٥ مساءً

مستقبـل الحوار الوطني في اليمن

محمد البعوم
الاربعاء ، ٣٠ يناير ٢٠١٣ الساعة ٠٤:٤٠ مساءً
الكتـابـة عـن المستقبـل والإشـارة إليـه لا نـراه في الصحـف والـمواقـع الإلكترونيـة في البـلدان التي تعـاني مـن حروب أهليـة وفـراغات دستوريـة وصـراعـات سيـاسيـة حـيـثُ تعتبـر اليمـن إنمـوذجـاً لذلـك . إذ أنـّهُ كيـف يمكننـا الحـديـث عـن المستقـبـل في دولة لا يستطيـع المواطـن البسيـط أن يمشـي في شـارع الحصبـة بـدون أن يتوجـّس الحـذر ويخـاف مـن أي خطرٍ قـد يـُحـدّق بـه.

الحـديـث عـن مستقبـل اليمـن يصيـب المـرء بدخـولـه متـاهـةً لا تنتهـي من التعقيـدات ، حيـثُ يشهـد البلـد حـالـة إنقسـام كبيـر ، فالجـنـوب يهـدد بالإنفـصـال ومتمسكـاً بـه كخيـار أسـاسـي والمنـاطـق الوسطـى كثـرت فيهـا القـلاقـل وأزدهـرت فيهـا العنصـريـة التـي تؤدي إلى تمـزيق وحـدة النسيـج الإجتمـاعـي في حيـن تبقـى قبـائـل شمـال الشمـال ممسكـةً بقبضتهـا القبليـة التقليـديـة التـي تؤثـر على مصـالح النـاس وتؤخـر عمليـة التقـدّم والبنـاء ، فلـو أعدّينـا دراسـة تحليليـة عن علاقـة القبيلـة بالدولـة لأستخلصنـا أن القبيلـة سـرطـان ينخـر في جسـد الدولـة وجـزءٌ رئيـس في القضـاء على هيبـة الدولـة حيث وان القبيلـة تضـعف الدولـة في تثبيـت سلطتهـا المـركزيـة في كل شبر من البـلـد.

في الحقيقـة الحـوار هو رسـالة حضـاريـة لكـل فرقـاء السيـاسـة وكافـة القـوى النـافـذة مـن اجـل التوصـل إلى صيغـة وإتفـاق مشتـرك والتحضيـر للحـوار الوطنـي الشـامل الذي سيجمـع كـافـة القـوى المختلفـة ومـن كافة الشرائح اليمنيـة تعتبر خطـوة جيـدة تنتمــي للمستقبــل القـريــب ، إلا أنه يجـب الإشـارة إلى عمـل دراسـة إستراتيجيـة وعـرض تحليـلي لمستقبـل الحـوار أيضـاً والذي بـدوره يعمـل على تلافـي المعـوّقـات الناتجـة عـن الحـوار .

الفقـر والجهـل والبطـالـة وغيـاب الأمـن وضعـف السلطـة المـركـزيـة أدى إلى تراجـع اليمـن إقتصـاديـاً بشكـل أكبر مما كـان عليـه سـابقـاً ، لـم نسمـع عن دراسـات إستراتيـجيـة أ وخطط برامجاتيـة إقتصـاديـة قـامـت بهـا حكـومـة الوفـاق الوطنـي وتقديمهـا كنمـوذج من الممكن أن يعمـل على حـل جميـع مشـاكل اليمـن ويحـدث نقلـة نوعيـة تسّرع من عجلـة التنميـة وكذلك جذب المستثمرين من خلال تهيئة البيئـة الإستثماريـة الملائـمة.

يقـول رئيس الوزراء الماليزي السابق مهاتيـر محمد رائـد التنميـة وقائـد التغييـر الحضاري ناصحـاً الحكـومـة اليمنيـة أن تتــجـه لبنـاء وإستثمـار الإنســان أولاً وتحقـيق الأمـن والإستقـرار لأن هذه هي الركـائز المهمـة واللبنـات الأسـاسيـه في الإتجـاه الحقيقي نحـو البنـاء .

إن هذا الحوار إذا لم يخـرج بأي توصيـات حقيقيـة ويعمـل على حل المشـاكل بشكـل عملـي ويحث على التهدئـه الإعلاميـة التي تتبعها حمى الإستقطـاب من قبل بعض الأحزاب فإنـه سيكـون حـوار مـن أجل الحـوار والذي يفضـي إلى نتـائج غيـر مرضيـة الأمـر الذي يؤدي إلى صعـود الخلافـات السياسيـة بيـن القوى النـافذة والمتحـاورة.

لذلك يجـب العمـل على إعداد دراسة خاصـة بمستقبـل الحـوار الوطنـي لأن هذه لحظـة تاريخيـة قد تجعـل اليمـن تنتقـل إلى مرحلـة ما بعد الوصـول بمفهـوم الدولـة وشكلهـا وبنيتهـا الأسـاسيـة التي لا ترتكـز على الإيديولوجيـات بـل على برامج التنميـة الإقتصاديـة بشتى أنواعهـا.