الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٤١ مساءً

السياسة .. ونحن .. إلى أين ؟

عبدالرحمن محمد أحمد الحطامي
الاثنين ، ١١ مارس ٢٠١٣ الساعة ٠١:٤٢ مساءً

يستخدم السياسيون كل شيء لتحقيق أجندتهم أو برامجهم السياسية منطلقين من التأصيل الميكيافلي السياسي ( الغاية تبرر الوسيلة ) ويعنون أن الغاية حتى تستطيع الوصول إليها والحصول عليها فجميع الوسائل دون ضوابط أو قيود ما دامت تحقق الغاية فهي مباحة ومشروعة ، ويعرفون السياسة ب( فن الممكن ) ويفسرونها نظرياً وتنفيذاً بتناول كل الإمكانات والوسائل المتاحة وما تتفتق عنه العقول من الحيل والمكر والخبث والدهاء في سبيل تحقيق الوصول إلى الغاية المنشودة ولو اقتضت الظروف الميدانية للتنازل عن أكثر القيم والمبادئ والمثل ويبررون أن هذا هو الممكن الذي تأتَى لديهم ولا بديل سواه ، وكأن السياسة بهذا المنظور الدين الذي يدينون الله به يوم العرض عليه ، لما سمع عدي بن حاتم الطائي وكان نصرانياً قبل الإسلام قول الله تعالى ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله ) قال : يا رسول الله ما عبدناهم ؟ ! فقال عليه الصلاة والسلام : يا عدي .. ألم يحلِوا لكم ما حرمه الله ويحرموا عليكم ما أحله الله ؟ قال : بلى يا رسول الله . فقال صلى الله عليه وسلم : ( تلك عبادتكم إياهم ) .
القليل من السياسيين من ينتهج محاولاً السياسة الشرعية وليست الميكيافلية التي ترعى مصالح الخلق وتنظر مرضاة الخالق تحسن قدر المستطاع استغلال الفرص والإمكانات والطاقات المتاحة لجلب المنافع وتحقيق المصالح العامة ودفع الضرر والعنت والمشقة .
إننا في عصر استغلال الفرص وبحسب المشارب الفكرية والثقافية والسياسية يسارع الكل للحصول على أكبر قدر ممكن من التأييد الجماهيري وكل إناء بما فيه ينضح ، لم يكتف السياسيون من استغلال الأجهزة الإعلامية وجميع الوسائل التقنية الحديثة بل ابتكروا إعلاما جديداً اسمه ( الطرفة ) أو ما يسميه عامة الناس بالنكتة وهي قالب من الكلمات والقصص القصيرة التي تثير الضحك وتضفي على النفس الارتياح وتذهب الكآبة والممل والضجر ، سيسوها إخواننا السياسيون وأنزلوها للشارع طرفاً ولكن بالنكهة السياسية المهدفة وتنتشر غالباً في المقايل وتحقق ما لاتحققه البرامج الحوارية السياسية من توصيل الرسائل السياسية المطلوبة ومن أمثلة هذه الطرف :أن رجلاً أعمى يدعى الحاج (علي ) همس في أذنه رجلاً يعرفه يخبره عن بيت في الجوار فيه امرأة لا ترد من يطرق بابها وعرض عليه أن يأخذ بيده إلى البيت المذكور ، واستجاب الحاج ( علي ) للعرض وطرق حتى فتحت له المرأة وأدخلته ، وعمدت المرأة إلى طرق الباب وأوهمته أن زوجها على الباب وكانت قد طلبت منه أن يتعَرى من ملابسه فأخذته إلى خارج البيت وأوهمته أنها خبأته في إحدى الغرف حتى تتخلص من زوجها الذي عاد إلى البيت على غير عادته ، وأصبح الحاج ( علي ) عارياً في الشارع وهو يظن أنه في الغرفة ينتظر قضاء حاجته ، وكان كل من مرَ عليه من الناس الذين يعرفونه يصيحون : حاج (على ) مالك عريان ... فيبادرهم مقاطعاً : حيكع خير حيكع خير ، ظناً منه أنهم معه في الغرفة ويريدون ما يريده هو وهم على الوضعية التي هو عليها وهكذا كلما أرادوا تنبيهه أنه في الشارع عريان قاطعهم متفائلاً : حيكع خير حيكع خير ، حتى استبطأ المرأة وتوقف عن المقاطعة مستفهما و أدرك وضعه الذي هوفيه فأخذ يصيح ويضع يديه على عورتيه : ياعووه ياعووه . هذه الطرفة سمعتها وانتشرت بقوة قبل الثورة الشعبية السلمية .. من أطلقها من وراءها لست أدري لكنها تحمل دلالات سياسية خطيرة يفك رموزها كلٌ بحسب نظرته ووعيه السياسي ، ولست هنا بصدد تأييد هذا الأسلوب أو نقده ، إنما أردت إيضاح قدرة السياسيين في توظيف ما يمكنهم توظيفه لخدمة برامجهم السياسية حتى لو كانت رخيصة مبتذلة .
عبد الرحمن محمد أحمد الحطا