السبت ، ٢٧ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٢٠ صباحاً

إبراهيم القيسي

إبراهيم القيسي
الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠١٣ الساعة ٠٦:٤٠ مساءً
لا أظن أن موضوع الوحدة اليمنية يختلف عليه اثنان فالوحدة اليمنية ضمير اليمن وصمام أمانه فهي الخيار السياسي والمنجز التاريخي والمكسب الجغرافي هي قوة أمام الأطماع وسياج منيع يقف أمام قراصنة الدول واستعمار الشعوب فهي ضرورة بشرية وفريضة شرعية وحتمية واقعية فالشذوذ عن قاعدتها والانحراف عن مسارها يتولد منه مضاعفات من جراثيم الذل وفيروسات الامتهان ويحدث من اقترافه دفقات متوترة من الضغائن والفرقة والهوان .

وحينما نقول يمن واحد خير من أن نقول يمن الجنوب ويمن الشمال تتقسم سهوله وجباله وبحاره وأنهاره ونساءه ورجاله وأفظع من ذلك تقسيم عقوله وثقافته ومنجزاته وثرواته وجيوشه وعتاده فيصبح عندنا شطران منفصلان ودولتان متقزمتان تفصل بينهما الحدود قد شلت قوته وقلت ثروته وأصبح أهله في حيص بيص تتثاءب نجومه في قيعان التخلف وتحرق وجاهته في رمضاء الانقسام .

وإذا فحصنا دعاوي الانفصال تحت مجهر العقل والمنطق لوجدنا حمضها النووي ينتمي إلى دهاقنة الدكتاتورية التي عملت على تكميم الأفواه ومصادرة الحريات وتعميم الأملاك الخاصة تحت ذريعة دعوى الاشتراكية المتكئة على الفكر الإلحادي المهين الأمر الذي جعل قيادة الحزب آنذاك تنّظر لصالح النخبة وتحول كل مكتسبات الشعب إلى ملكية النخبة الذين أحدثوا الصراع الطبقي داخل إطارهم النخبوي فولد هذا الصراع انعكاسا سلبيا على حياة المواطن الذي احترق بنار هذا الصراع الذي ليس له فيه ناقة ولا جمل .

وقد يبرر دعاة الانفصال الظلم الواقع بعد حرب صيف 94م وهذا الظلم أصبح في إطار الاحتواء وخاصة بعد سقوط صالح وإحداث نوع من الانفراج في الأزمة الجنوبية وأظن أن مؤتمر الحوار الوطني وحكومة الوفاق سيوليان هذا الأمر جل الاهتمام وسيخرج مؤتمر الحوار بمذكرات إستراتيجية في هذا الشأن ستصل بالنزاعات السياسية إلى وفاق مرضي سيدعم برصيد الثورة الشبابية الماجدة .

فكما عرفنا قبل قليل بصمات الداعين للانفصال ورصيدهم الدكتاتوري فكيف بدعوة إلى انفصال يترصد له ذئاب الأمس وهل العيش في ظل هؤلاء أصبح مرغوبا أكثر من العيش في ظل الوحدة اليمنية التي تنفس فيها الشعب الجنوبي الحرية وتعلم الديمقراطية التي حرمها في ظل الاستعمار البريطاني وكابوس الحزب الاشتراكي وعندما أقول هذا ليس معناه خلو الوحدة اليمنية من الظلم والاستبداد لكن هو ظلم دون ظلم واستبداد دون استبداد .

فالشعب اليمني شب عن الطوق وخرج عن كهف الدكتاتورية وبدأ يشكل أسس النظام العادل وإن تحمل كثيرا من التضحيات في هذا السبيل وبلورة المستقبل مسئولية الجميع ومسألة الانفصال في هذا الظرف يستفيد منه خصوم اليمن وأعداء الديمقراطية والحرية في الداخل والخارج ولذا لزم على كل حر على ثرى هذا الوطن أن يدفع بسبب أو بآخر من أجل الخروج بهذا الوطن إلى بر السلامة بحفظ أمنه واستقراره وترسيخ وحدته على مبدأ الحب والاعتصام بعيدا عن النزاعات والتشرذم من أجل مستقبل زاهر لوطن ينعم بالاستقرار والديمقراطية يتم فيه التبادل السلمي للسلطة على قاعدة التنافس المشروع في ظل الدستور والقانون .