السبت ، ٢٧ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٤٥ صباحاً

شوقي هائل .. بين خيارين .. السلطة وإثبات الذات .. وبين المجموعة

عبدالرحمن محمد أحمد الحطامي
الاثنين ، ٢٢ ابريل ٢٠١٣ الساعة ٠٣:٤٠ مساءً
ما كنت أحب الخوض فيما يحدث في تعز الثورة الأبية وأبرئ ساحة محافظها أو أحيطه بأسوارٍ من الشكوك لولا المجاميع التي خرجت في مسيرة تظاهرية تهتف تأييداً ودعماً له ، وتشير بعض المصادر الإعلامية إلى حدوث صدامات وطلق نار ، هذا الحدث حرك في نفسي خواطر عدة كأمواج متلاطمة أكاد أقرأ بين دفتيها : احذر يا شوقي .. لا تقع في الفخ .

يوم صدور القرار الجمهوري بتعيين شوقي أحمد هايل محافظاً لتعز فرح أغلب اليمنيين واستبشروا خيراً وعبر عن فرحته كلٌ بحسب نظرته وتعليله للأحداث فمن قائلٍ هذا شبعان لن يلتفت لثروات وخيرات المحافظة لينهبها بل سيعمل لصالح المحافظة ليثبت جدارته ويعزز مكانته ومكانة مجموعته التجارية ، ومن قائل هذا من أبناء مجموعة هايل المشهود لهم بالنجاح في عالم التجارة ستفيدنا خبراتهم التجارية في تحسين ونهضة أبناء تعز ، ويعود تفاؤل الناس بتعيين شوقي لتعز ليس لشخص شوقي وإن كان يملك من المؤهلات ما يملك وإنما لكونه من البيت العريق الذي انتزع بأياديه البيضاء المعطاء ونجاحاته التجارية حب الناس واحترامهم يشهد لهم القاصي والداني وأرباب الاقتصاد من رجال المال والأعمال في الداخل والخارج ، عرف عن هذه المجموعة أنها لا تقدم على مشروع حتى تستفيض دراسته كاملة شاملة يستبين لهم فيه نسبة نجاحه على المدى البعيد ، وشوقي المحافظ أحد أفراد هذا البيت الطيب الذكر الذي يملك من القدرة على الدراسة والتخطيط الجيد وحسن الاختيار للمشاريع الأولوية الأولية التي من شأنها أن تنهض بالمحافظة فتعيد إليها البسمة ، هكذا يبدو لي علَق الناس أو كانوا يعلقون الآمال في اختيار شوقي هايل لمحافظة تعز ، ولست كما ذكرت في البداية أحب الخوض في أحداث تعز لأبرئ شوقي وهو على رأس هرم السلطة المحلية كما لا أحب أن أثير حوله الشكوك التي تجر تلقائيا إلى التهم ، لكنني أهدف إلى ما يبدو لي من وجهة نظري أسباباً وجيهة لتغير مجرى الترحيب والارتياح الشعبي إلى المطالبة بالتغيير والإقالة ولنبدأها شعبية عفوية ليست للمماحكة السياسية فيها ناقة أو جمل ، يوم رحب أهل تعز بشوقي هايل توقعوا منه أن يعمل مباشرة وبصورة مركزة وعاجلة في توفير العمل للعاطلين عن العمل ، وتوقعوا توفير الاحتياجات الضرورية وجميع متطلبات الحياة ، وقد لا أبالغ إن قلت أنهم توقعوا أن تكون تعز كدولة خليجية في بلاد فقيرة نامية اسمها اليمن ، هكذا حدثهم العقل الباطن ، وانتظروا تحقيق ما يطمحون إليه لكن عز الطلب وما أحلى حلم الشبع للجائع وحلم الزواج للعاجز عن الزواج ، وأما الرجل الاقتصادي الناجح وقد تسلم زمام المحافظة فإنه يرى ما لا يراه أهل البطون الجائعة والعاطلون عن العمل ، إنه يرى تأسيس منظومة عمل متكاملة تؤتي ثمارها ونتائجها الباهرة ولو بعد حين ، تبدأ من تثبيت الأمن وترسيخ السلم الاجتماعي ، مروراً بإشراك المجتمع توعوياً وثقافياً وتعزيز الشراكة المجتمعية بدءاً من نظافة الشوارع وتحسينها وانتهاءً باتخاذ القرارات المصيرية المتعلقة بالمحافظة ، لكن ما لم يفطن إليه المحافظ شوقي أنه هذا المشروع حتى يتحقق يتطلب إشراكاً حقيقياً لا صورياً ودعماً مالياً قد يكبد خزينة الدولة ما لا تطيق ، أما سياسياً فإني أرجع هذا الانقلاب المفاجئ من الترحيب والارتياح إلى المطالبة بالتغيير إخفاق شوقي في استيعاب سياسيو ووجاهات ورجال المال والأعمال وجميع شرائح ومكونات وأطياف العمل السياسي والمدني والخيري والتجاري ، إذ يستحيل تحريك الشارع ضده ما لم يكن في صدام مع جهات سياسية منذ تولى زمام المحافظة ولم يحرص على إشراكهم واللقاء بهم أولاً بأول ، ويبدو لي من رفضه لتعيينات وزراء حكومة الوفاق الأخيرة أن شوقي يفضل التفرد في اتخاذ القرارات وهذه نفسية من لا يشرك الآخرين ويرى أن الأصلح ما يراه هو لا ما يراه الآخرين وهذه قاصمة الظهر . كان بإمكان المحافظ أن يتقبل تعيينات الحكومة ويقوم بدوره الرقابي ويشرف إشرافاً مباشراً متى أراد ، وهو ماذا يريد إلا النجاح وتسيير المحافظة إلى بر الأمان فإن رأى منهم حسن الأداء شكرهم وكافأهم وجعل منهم أنموذجاً مشرفاً لأبناء اليمن جميعاً وإن أساءوا أحالهم للتحقيق وأحرج الحكومة التي لا تجيد اختيار ممثليها في المحافظات ، أما أن يرفض تعيينات الحكومة هكذا ويريد لنفسه اختيار ما يشاء فيقيل من يريد ويعين من يريد ، ليس لهذا إلا معنى واحد وهو اختزال تعز في شوقي أحمد هايل !!

وإن مما أقرأه من وراء الأحداث الأخيرة محاولة جر شوقي والإيقاع به في أتون العنف تحت أي مسمى وستعمل الأجهزة الإعلامية المتعددة الأقطاب في النيل منه وإثارة الشبهات والتشكيك الذي بدوره ستحظى المجموعة ذات الصيت الطيب الحسن نصيباً وافراً من هذا الهجوم ، فلينظر أساطين المجموعة عاجلاً ما يعود عليهم بالنفع والسلامة وليتفادوا وقوع الفأس على الرأس ، وليكتف شوقي هايل من هذه التجربة الهامة أنه قدم للناس معلومة عزيزة قيمة مفادها قد يكون كل سياسي ناجح رجل اقتصاد ناجح وليس كل اقتصادي ناجح رجل سياسي ناجح بالضرورة.