الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١١:٤٧ صباحاً

الصلاة روضة للقلوب وسفينة للنجاة

إبراهيم القيسي
الاربعاء ، ٠١ مايو ٢٠١٣ الساعة ١١:٤٠ صباحاً
الصلاة في بعدها العقائدي تمثل الركن الثاني من أركان الإسلام وهي عمود الدين ونور للقلوب المؤمنة وتربية للضمائر تحمل على متنها قوارب التقوى وأسوار الحماية وطريق النجاة تجعل من الضمير الحي روحا تحلق إلى عالم الخلود وتبني في حياة الناس جسور المحبة والإخاء وترفع بناء الوحدة والاعتصام تربط علاقة الناس برابط مقدس يسمو عن المادية والأغراض الدنيوية في رياضها يتفئ المؤمنون ظلال الأمن والسلامة والاستقرار تتزين الوجوه بجواهر الضياء وتصفو الأنفس من شوائب الكراهية والنفاق تتلاحم القلوب في صفوفها القانتة وتتوحد الألفاظ في تكبيراتها الخالدة وتغمر المشاعر بثلوج السكينة والطمأنينة فتغدو الحياة في رياضها عطرة ندية تفوح بأريج الحب وتتزين بأكاليل الأنوار المضيئة .


إننا مع الصلاة نتصل بالخالق المبدع ونقترب من حظيرة القدس ونكون في سجودنا بين يدي المولى نعيش في حضرته ونقتبس من جلاله العظمة ومن كماله الاتكال ومن أنواره إشراقة القلوب ومن دعائه الاستجابة ومن قربه السكينة والوقار نرتشف هناك معين الإيمان ونقتبس أنوار الهداية نرسخ ثبات الإيمان في القلوب ونعقد الأسباب في التوكل والخضوع وننمي روح العقيدة السامية والشجاعة الباسلة نحيل ظلمة الحياة إلى نور دائم وقسوتها إلى ليونة ناعمة وجدبها إلى نعيم خالد نستقدم السعادة على أجنحة طائرة ونغمر الحياة بألوان الأفراح الصادحة فإذا الكون من حولنا أعراس تموج بأطياف سعيدة تغرد في محراب الحب بأناشيد الرضا والاطمئنان .


إنها الصلاة ذلك الفرض الخاص والعبادة المتميزة فرضت علينا في مهمة خاصة وزيارة فريدة استدعى فيها الرحمن حبيبه فأسري به ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ومن هناك عرج به إلى السماوات العلا فتجاوز الحدود وارتقى فوق سدرة المنتهى حتى اقترب من المعبود فكان قاب قوسين أو أدنى فأحوى إلى عبده ما أوحى فكان فرض الصلوات هناك شفاها بينه وبين ربه بدون واسطة وهذا أمر ذا دلالة واضحة بأهمية الصلاة وقيمتها عند الله .


إنها الصلاة خمس في العدد وخمسون في الميزان كرامة من الله لأمة محمد صلى الله عليه وسلم فرفع الله شأننا بها وأكرمنا بالاتصال به في اليوم خمس مرات نذلل له الرؤوس ونحني له الجباه في الركوع والسجود ونسبحه في القيام والجلوس ونقضي اليوم والليلة نتنقل بين رياضها النضرة نخوض بحار الجود والعطاء ونقطف الثمار اليانعة وننشق العطور العبقة من بستان زهورها المتفتحة نتشرب الأنوار القدسية فتضيء جوانب الوجدان وتغمر مسارب الروح بومضات غضة من سبحات الجلال فتحيل خواء النفوس إلى نبضات حية تعزف سيمفونية الخشوع والابتهال .


إنها الصلاة عمود جليل يحمل رسالة الإسلام وصاحب يتسم بالوفاء يدفع عنا الأغلال ومغامر باسل يخوض معنا الأخطار ومدافع شجاع يصد عنا الأضرار ينزل معنا القبور ويبعث معنا يوم النشور تؤمن صاحبها في القبر من هول منكر ونكير وتضيء له جوانب قبره بأنوار الإيمان وتثبته بالقول الثابت في حال السؤال وتضفي عليه جلال الأنوار القدسية وتفتح له أبواب السعادة الأبدية إلى الجنان الخالدة فيأتيه من هناك روح وريحان وسكينة واطمئنان وحب خالد وإحسان أيما إحسان ومن فرط الفرح ننادي ومن غبطة الحبور نقول ربنا أقم الساعة ربنا أقم الساعة .


إنها الصلاة أنيس في الوحشة وصاحب في السراء ومعين في الضراء وحارس من كل خطر ورفيق لاينفك عنك حتى يدخلك الجنة وشافع عند الله ووفي يتبع صاحبه بعد الممات ودليل في موقف الحشر هي الشمس المضيئة في ظلمات الجسر والآخذ بيدك عند العبور على الصراط والدرع الحصينة من من كلاليب الصراط والظل الوارف في عرصات الحساب والساقي من كؤوس الكوثر والرحمة عند الحساب والسكينة في يوم الفزع الأكبر من هول الحساب .


إنها الصلاة الملف الأكثر نشاطا والمؤول عليه يوم القيامة فبصلاحها تصلح الأعمال وبفسادها تفسد الأحوال هي الشاهد لك بالإسلام والدليل الثابت للإيمان تقودك إلى حب الله وتعلق قلبك ببيوته المقدسة في الأرض تغدو بك إلى العتق من النار وتقربك من جنة الخلد وتلبسك لباس التقوى وتعينك على عمل الخير وتقصر بك عن الشر تزرع في قلبك الحب للمسلمين والإخاء للمؤمنين تصبح معها مع كتبة الرحمن وتمسي مع حفظة الحق يشهد لك الملائكة المتعاقبون بحضورها عند العصر وعند الفجر فطوبى لعبد وفق للصلاة ويل لعبد تركها عمدا في الحياة.