السبت ، ١١ مايو ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٢٩ صباحاً

يقضي على 99.9% من الجراثيم

طارق عثمان
الخميس ، ٠٩ مايو ٢٠١٣ الساعة ٠٩:٥٠ صباحاً

في بوادينا وقرانا وحتى وقت قريب وبعضها حتى الآن حين يجتمع الضيوف كان يؤتى بطشت كبير مملوء بالماء لغسل الأيدي فيمر عليه الحضور يغمسون فيه أكفهم ويغسلونها وهكذا تباعا حتى يتعكر وهم يوزعون الأوساخ فيما بينهم ومن جاء بيد نظيفة جمع لها أدران القوم كلهم .

ليس بعيدا من هذه الصورة الشعبية ما يحدث اليوم في حكومة التقاسم فلم يحدث أي تطهير للفاسدين بل تم جلب طشت توافقي وضع الجميع فيه يده وخاضوا فيه فتوزعت البكتيريا والأوساخ بين القبائل .

لم نر عملية تطهير حقيقية بمنظفات ثورية تقتل 99.9% من ميكروبات الفساد ولكن تم غمس مزيد من الأيدي في صحوننا وتلوثت أيدي جديدة لم تجد أمامها سوى هذا الماء فخاضت فيهم مثلما خاضوا .
لم نقرأ عن أي نموذج يلهم الجماهير ويحيي في ضمائرها حب العمل والتفاني والنزاهة والصرامة والجدية والمثابرة ، حتى أولئك الذين جاؤا بأيدي إعتادت الصابون لم تعد تختلف عن بقية الأكف .

ثورة المؤسسات تلاشت ولم نعد نسمع أن المدير الفاسد قد تم طرده من عمله تحت ضغط الموظفين الذين لا يقبلون بمثله أن يكون على رأس هرم المؤسسة التي يعملون بها لفساده الظاهر للعيان .

ما سمعنا إلا أن الفاسد أضيف له آخر وربما تم تعزيزهما بثالث . حتى مفاضلة شوقي كانت مفاضلة في أيهما أفضل فسادا وأكثر خبرة فيه وكم سنة خدم الفاسدين .
إذا لم يكن معيار النزاهة والتعفف عن المال العام هو أهم معيار في تقييم شاغلي الوظائف فلن تمضي سوى بضعة سنوات حتى تجثو الدولة على ركبتيها منهكة من عبث العابثين وسنحتاج لثورة على الثوار الحاليين الذين سيصبحون هم من يوجهونا لنا البندقية .

الإنسان خلق هلوعا والوازع الداخلي ليس هو وحده من يصنع الفضلاء بل القانون والسلطان هما من يزع الله به النفوس لتعيدها إلى جادة الصواب .

وإذا لم تخلق بيئة نظيفة فلا فائدة ترتجى من التغيير ، نريد ماء طاهرا في نفسه مطهرا لغيره جاري متحرك أما البرك الآسنة فلا تطهر الملوثين ولا تبقي على نظافة الطاهرين .
الثورة لم تنتهي فهي لم تقم على صالح لأن صالح مكث مليا في الرئاسة بل لأن عهده شهد ازدهارا للفساد ولو جاء غيره من قبل الثورة بل لو كان هو مفجرها وبقي الفساد على حاله فقلعه وقلع من معه أولى .

حذاري حذاري من الثوريين إذا فسدوا وسيفسدوا إن لم يجدوا أن الشعب يرقبهم بعيونه ( يتصيد ) نعم يتصيد أخطاءهم فلم ترتقي الأمم الأخرى إلا بالرقابة الشعبية الصارمة .
مازلنا في أول المشوار والكائنات المجهرية في كل مكان فطهروها بمعقمات الأمانة ومطهرات النزاهة وعرضوها لشمس الإعلام .

المهم أن لا يكون الدافع هو المماحكات الحزبية التي تقود إلى التخلي عن المصداقية واللجوء للأعمال الكيدية ، ما عدا ذلك اشحذوا الأقلام وابدأوا بالصديق في أول الطريق .
حتى نصل إلى النظام المنشود الذي يقضي على 99.9% من الجراثيم .