الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٥٥ مساءً

ولتعرفنهم في لحن القول

أبو عز الدين الحجري
الأحد ، ١٢ مايو ٢٠١٣ الساعة ٠١:٤٠ مساءً
ألقت الداعية أم عز الدين الحجري كلمة أمام اللجنة المنبثقة عن مؤتمر الحوار الوطني, التي زارت محافظة إب يوم أمس, وما أن بدأت بالشهادتين حتى اكفهرت وجوه الحوثة ونخالة النظام البائد, ولم يستطيعوا إخفاء بؤسهم, وصدق الله القائل: (يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ ), وذكرت كلاماً بديعاً حاولوا التشاغل عنه, لكنها أصابتهم في موضع الألم عندما سألت عن سر الهجوم على المادة الثالثة في الدستور التي تنص على ( أن الشريعة الإسلامية مصدر جميع التشريعات ) فضاقوا ذرعاً – وهم المتشدقون بالحوار وحرية التعبير – فبدأت المقاطعة لها ولم يتيحوا لها الفرصة كاملة لتكمل حديثها.

يقول سيد قطب - رحمه الله - في تفسير قول الله تعالى: { إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم}, والتعبير يرسم معنى رجوعهم عن الهدى بعد ما تبين لهم، في صورة حركة حسية، حركة الارتداد على الأدبار, ويكشف ما وراءها من وسوسة الشيطان وتزيينه وإغرائه, فإذا ظاهر هذه الحركة وباطنها مكشوفان مفهومان! وهم المنافقون الذين يتخفون ويتسترون! ثم يذكر السبب الذي جعل للشيطان عليهم هذا السلطان، وانتهى بهم إلى الارتداد على الأدبار بعد ما عرفوا الهدى وتبينوه: { ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر }..... إلى أن قال: ويقول الله عز وجل: (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ . وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ ), ولقد كان المنافقون يعتمدون على إتقانهم فن النفاق، وعلى خفاء أمرهم في الغالب على المسلمين, فالقرآن يسفه ظنهم أن هذا الأمر سيظل خافياً، ويهدّدهم بكشف حالهم وإظهار أضغانهم وأحقادهم على المسلمين, ويقول لرسوله - صلى الله عليه وسلم - : { ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم }, أي لو نشاء لكشفنا لك عنهم بذواتهم وأشخاصهم ، حتى لترى أحدهم فتعرفه من ملامحه ( وكان هذا قبل أن يكشف الله له عن نفر منهم بأسمائهم ) ومع ذلك فإن لهجتهم ونبرات صوتهم، وإمالتهم للقول عن استقامته، وانحراف منطقهم في خطابك سيدلك على نفاقهم: { ولتعرفنهم في لحن القول } . .ويعرج على علم الله الشامل بالأعمال وبواعثها : { والله يعلم أعمالكم } . . فلا تخفى عليه منها خافية, ثم وعد من الله بالابتلاء, ابتلاء الأمة الإسلامية كلها، لينكشف المجاهدون والصابرون ويتميزوا وتصبح أخبارهم معروفة، ولا يقع الالتباس في الصفوف، ولا يبقى مجال لخفاء أمر المنافقين ولا أمر الضعاف والجزعين. انتهى كلامه رحمه الله.

ونحن نقول لهم اليوم:
إن السواد الأعظم من أهل اليمن كلهم, ينشدون بناء الدولة بناءً صحيحاً على نور من الله وبرهان, وأنهم لن يرضوا بشريعة الله بديلاً, فكما ثرنا على الظالم فلن نرضى بغير الشرع, إنها ثورة واحدة كاملة بإذن الله تعالى حتى يكون الدين لله.
أمّا أصحاب المصالح الشخصية والمشاريع الضيقة والنعرات القومية, فإنهم إلى مزبلة التاريخ سائرون فقد علو وآن زوالهم, وقد جربتهم الأمة عقوداً فأفسدوا الدين ولم يصلحوا الدنيا, ترقب زوالاً إذا قيل تم.

ورسالتي إلى أولئك الأبطال من العلماء والدعاة ورجال الخير والبر بمختلف مشاربهم وبتنوع تخصصاتهم وتوجهاتهم وتشكيلاتهم, أذكركم بأن المواجهة اليوم لم تعد من أجل لقمة العيش والوظيفة وحسب, بل إنها من أجل تحكيم الشرع وإظهار الحق ودحر الباطل وإزهاق الفجور والعصيان والمحافظة على دين الشعب وهويته, وتمهيداً لقيام دولة الحق في بلاد المسلمين, أو تكاسلاً وتخاذلاً لفتح المجال أمام المجوس ليستمر مسلسل الذل والهوان للمسلمين حتى يستبدلنا الله بمن هو خير منا, فإن من أسوأ ما خلفة النظام البائد, ذلك الانحراف عن الطريق المستقيم باسم الدين, وتلك النبتة الخبيثة التي رعاها ومكنها في بلادنا فالله حسيبه وعليه من الله ما يستحق, ومنها ذلك الضلال المبين الذي أصل له في نفوس المجرمين من أشياعه, فقد كان يبني مسجداً ويهتك عرضاً ويغتصب أرضاً, ويفتتح جمعية ومعها مائة حانة ومرقص, ويوزع مصحفاً ويموّل الصحافة والإعلام الهابط ويشجعه, حتى أنني يوماً أتصلت بمدير قسم شرطة لحل إشكال خاص بتجار محافظة إب فيجيب المدير عبر صهره بأنه سكران لا يستطيع الخروج, فتباً لنظام صدّر مثل هؤلاء السفلة.

والرسالة الثانية إلى قادة الدعوة: هلمّوا إلى رص الصفوف وتوزيع الأدوار بما يحقق للأمة ما تصبوا إليه من النصر والتمكين, فلسنا في معزل عن جسد الأمة, فإن التحولات تسير نحو العلو للإيمان وأهله وضرب الذلة على النفاق وزمرته.
يا قادة الدعوة لا نخفيكم أننا في شوق شديد لرؤية المولود الجديد, فقد دهشت عندما ألقى علينا الرئيس محمد مرسي قبل شهر كلمة بعد صلاة الجمعة جاء فيها ( أبشركم أن مصر قد نهضة من نومها وعادت إلى مسارها الصحيح ) فنحن في شوق لسماع مثل هذا, ومشاهدته عياناً بيانا.

يا قادة الدعوة إن قناع المعركة قد تكشّف, فهي معركة حق وباطل وإيمان وكفر, فقدموا أصحاب التخصص – علماء الأمة العاملين - ولا تقرروا قراراً إلا بعد مشاورتهم وتوجيههم, فهم أكثر الناس يقظة وأصدق الناس لهجة, استودعهم الله علم الشريعة وأشهدهم على نفسة واختصهم لميراث النبوة, وهم والله أفهم الناس بالواقع, وأنجح الناس في وصف الدواء, ولا تصدقوا هرطقات بعض المفكرين.

ورسالة ثالثة مع الإجلال والإكبار إلى أولئك العلماء الذين تركوا صوامعهم وهبّوا لنجدة الأمة تعليماً وتبصيراً, نقول لهم: بدأنا نشعر بدفء التوجيه وصدق الإرشاد منكم فإلى المزيد, فما أشد حاجتنا اليوم إلى قربكم, وما أحوج الأمة وهي في محنتها إليكم, وقبل ذلك إلى وفاقكم واتحادكم, وستجدوننا بإذن الله شباباً صادقاً وجنوداً أوفياء وحراساً أمناء.
اللهم احفظ بلادنا وجميع بلاد المسلمين من شر الأشرار وكيد الفجار وشر طوارق الليل والنهار.