الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٠٤ مساءً
الاربعاء ، ١٥ مايو ٢٠١٣ الساعة ٠٩:٤٠ صباحاً
التحذلق أسلوب قد نمارسه جميعاً مع أقاربنا وأصدقاءنا متى دعت الحاجة إليه في أوقات محدودة متفاوتة وبحسب ما يقتضيه الظرف ألزماني والمكاني لهدف الترفيه والترويح على النفس وأحياناً للتملص والتخلص من مطالب أو تكاليف يكره الالتزام بها لكنها لا تكون منهاجاً وسيرة حياة يعيشها من يتعامل بها كصديقنا الذي مارس تحذلقه على مدار الفترة الزمنية التي تعارفنا فيها ونالنا من يومها مسلسل تحذلقه الذي لا يزال وإلى يومنا هذا .

ماذا أقصد بالتحذلق ؟ هل بالإمكان تعريفه ؟ يقول أهل اللغة : والمُتَحَذْلِقُ : المُتَكَيِّسُ وقِيلَ : هو الذي يرِيدُ أَنْ يَزْدادَ على قَدْرِه . وإِنه ليَتَحَذْلقُ في كَلامِه ويَتَبَلْتَعُ أي : يَتَظَرَّفُ ويتَكَيَّسُ ويقال حَذْلَقَ الرجلُ وتَحَذْلَق إذا أَظهر الحِذْق وادَّعى أَكثر مما عنده . تستخدم كلمة متحذلق للإشارة إلى الشخص الذي يحاول دائماً أن يظهر بمظهر الذكي جداً والذي يعتقد نفسه أذكى من الآخرين غالباً. ويظن صديقي أن التحذلق على الآخرين فطنة وحذاقة فهو يمتهن لقاءه بالآخرين ثنائية الابتسامة والإطراء ابتداءا ، ثم يحترف فتح المواضيع للحديث بما يتناسب مع أفكار وآراء الجميع على اختلاف مشاربهم الفكرية دون أن يتميز برأي أو وجهة نظر ، فإذا ما تم له منهم ارتياحا وحسن ظن انتقل إلى استغلال ذلك أيما استغلال ، إذا جالسته وانبسطت إليه وأغرتك ابتسامته المعهودة تنطلق لسانك كالنهر الجاري وتهديه من الأحداث وعجائب الحياة ، وقد تخبره ببعض الأسرار وتطلعه على ما تطمح إليه من متاع الحياة وتطلب مشورته استئناسا بما يبدو لك مما تتوقعه من حب ومودة واحترام وتقدير متبادل ، فلا تكاد تراه إلا كومة من التحفظ والحذر والغموض ، هل هو هاجس الأمن يتغلب عليه فلا تكاد تسمع منه همسا ؟ أم هو انعدام الثقة في الآخرين ؟ هل يحتقر الآخرين ويرى من نفسه حين لايبادلهم قدرا من الاهتمام تحذلقا ؟ أجد صديقي هذا يجيد تحريف الأقوال والألفاظ بل والأفعال بامتياز وبحسب الأشخاص ووفق ما تقتضيه مصلحته !!

أناني فوق ما يتصور أبعد الناس خيالا ، يرى حظ نفسه ويعمى عن رؤية حظوظ الآخرين !! يرى لنفسه كل الحق في كل شيء ويريد من الآخرين التسليم له في كل شيء !! متى ما رأى من أقرب الناس استغناء عنه ليستبدل بغيره انقلب عليه بشراسة تفقد الطرف الآخر توازنه المعهود عنه وكأنما لأنه لم يكن يتوقع منه ما استجد منه وقد كان له أكبر حلفاءه جاءته كمرجام الغفلة كما يقول المثل الشعبي . حتى في مشيته تراه كأنه من نسل الطاووس ذلك الطائر المتباهي بريشه المنفوش ، يقول عن مثل من يسلك مسلك صديقي بعض العقلاء : أمثال هؤلاء ليس لهم أصدقاء . تذكرت قول الله تعالى :( ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا ) . وابتسمت عجبا للمثل الشعبي المصري : ياأرض انهدي ما عليك أدِي .