الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٠:١٥ صباحاً

إن يك الراعي عدو الغنم

علي الذهب
الاربعاء ، ٢٦ يونيو ٢٠١٣ الساعة ٠٣:٤٠ مساءً
العنوان الذي تتصدره المقالة هو عجُز بيتٍ شعري للشاعر العربي الراحل عمر أبي ريشه من قصيدته الموسومة بـ"النكبة" أما صدر ذلك البيت فهو: " لا يُلام الذئب في عدوانه "، ومبعث ذلك الاستشهاد والاستحضار، هو ما يعانيه -اليوم- اليمن من حالة انهيار في القيم الوحدوية لدى النخبة التي تحكمه- والحقيقة أنها تحاكمه- وقد سلطها الله عليه لتنساق وراء الطامعين من قوى الخارج، دون أن نعلم الذئب الذي اقترفه اليمن مع هؤلاء، والله -سبحانه- حكيم وعليم بما تخفي الصدور.. وهنا نعاتب أنفسنا بالسؤال: لماذا رخصنا؟ لنجد الإجابة كما أحمد بن الحسين، المتنبي:

من يهنْ، يسهلِ الهوان عليه — ما لجرحٍ بميت إيلام!

قبل عام 1829م، أي قبل عشر سنوات من سقوط عدن في قبضة الاحتلال البريطاني، لم يكن إقليم ظفار (54 ألف ميل مربع) في شرق اليمن، أرضا عمانية، كما هو حالها اليوم؛ بل كانت أرضا يمنية خالصة، ولنقل أنها كانت جزءا أصيلا من اليمن الطبيعي، في ترابه، وأنساب قبائله، وأسماء سكانه وقراهم، فلما توفي حاكم ظفار محمد بن عقيل؛ ضمها إلى عمان السلطان العماني سعيد بن سلطان، وكانت عمان -آنذاك- تخوض حربا دفاعية ضد آل سعود إبان تنامي دولتهم الأولى التي ظهرت مطلع ذلك القرن، ولا يتورع حكام عمان في الاستعانة بحكام فارس بين الفينة والفينة، حتى ستينات وسبعينات القرن الماضي، لما لهما من حميمية وشائج في المذهب؛ حيث مذهب أهل عمان هو المذهب الأباضي القريب من فكر الخوارج.

وفي اتجاه الشمال الشرقي من اليمن، وبعد عام 1926م، كان إقليم عسير (300 ألف كم مربعا) ومعه مناطق نجران وجيزان، قد سقطت في قبضة آل سعود شكليا، بموجب اتفاقية الحماية بين حكام الإقليم من الأدارسة والملك عبدالعزيز آل سعود، الطامح في التوسع جنوبا، وكان عام 1930م هو عام السقوط الحقيقي لعسير في أيديهم، بعد الالتفاف على آخر حكام الإقليم من الأدارسة؛ وبذلك تكون قد بترت حلمة الأذن الأخرى لليمن، ليبدو مشوه الطلعة مقضوم الأذنين.

اليوم ونحن ننظر إلى ما تبقى من هذه الأرض بثقلها السكاني المتنامي، التي كانت ذات يوم تمتد إلى مكة، وإلى تخوم المنامة ورُدينة، وبقية سواحل الخليج شرقا، وإلى بحر العرب جنوبا وجنوبا شرقيا، وإلى البحر الأحمر غربا؛ نجد أبناءها يتربصون بها كل متربص، والغالبية القاهرة تشهر في وجهها السيوف المُدى، فمنهم من يريدها أسداسا، ومنهم من يريدها أسباعا، ومن يريدها على قسمين كما صنع ذلك الاستعمار والتدخلات الأجنبية من العثمانيين وسواهم؛ فتنتاب- إزاء ذلك المشهد- كل يمني ووطني شريف، حالة أسف وتندم، لما يحل بهذا البلد من هؤلاء النفر، وما يركبهم من غباء وخسّة وانهزامية؛ والتي معها لا يمكن إلا أن يقول الخيرون: لك الهس يا يمن، من هؤلاء الجزارين، وإنا لنؤمن أن الأيام القادمة حبلى بالرجال الشرفاء الذين سيوقفون هذه المذبحة الملعونة.