الخميس ، ٠٢ مايو ٢٠٢٤ الساعة ٠١:١٢ صباحاً
الثلاثاء ، ١٧ سبتمبر ٢٠١٣ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
منذ الثانية عشر من عمره ودع مهيوب عالم العلم والمعرفة بعد موت والده إثر حادث سيرٍ مروري مروِع ذهب ضحية جشع تجار القات الذين لا يبالون بحياة أنفسهم فضلاً عن حياة الآخرين ، واتخذ من حياة الجد والكفاح لتوفير القوت الضروري له ولعائلته نهج الرجولة في تحمل المسئولية الملقاة على عاتقه دون إهراق ماء وجوههم هنا أوهناك ، ولكم حاول المحبون لهذه العائلة الكريمة مدَ يد العون حتى يكمل مهيوب مشواره التعليمي لكن أم مهيوب أصرت بإباء وشكرتهم وقالت لهم كلاماً وجهته لوحيدها : لقد خلف بركات - يرحمه الله رجلاً ورحل . وكانت هذه الكلمات الدافئة تستثير في مهيوب همته التي ابتدأت في استئجاره دراجة نارية والعمل عليها طوال اليوم وكان كمن يسابق الزمن ليوفر من المال أكثر ما يمكنه ليوفر مصاريف اليوم ويدخر ما أمكن توفيره تأميناً للظروف والطوارئ المفاجئة التي قد لا تسره وتضطره لما لا يحب من مد يده يقترض ويستدين فيوجع فؤاد أمه العزيزة ويجرح كبرياءها التي تعتز به في حياتها ، لقد كان هذا ما يؤرق مهيوب ويحرص على حيلولته بقدر ما يستطيع . . لم يكن يأبه مهيوب لمطاردات رجال المرور وتعسفاتهم الغير مبررة وإن كان يفكر بجدٍ في التخلص من الكر والفر اليومي الذي لا يرى له حد ولا انتهاء !! واستطاع بعد جمع ما أمكنه مما ادخره أن يعمل له عربة يحمل عليها بعض الخضار متجولاً بها بين الحارات والشوارع والأزقة ويعود منهكاً متعباً يكاد أن يرتمي على الفراش ليذهب في عالم من الأحلام والكوابيس المصاحبة لذوي الأجسام المنهكة لكن هذا الجهد وهذه المشقة أرحم إليه من المطاردات والإهانات التي كان يجدها من رجال المرور باسم القانون على هامش القانون . وظن مهيوب أن فوضى الفساد باسم القانون تطال رجال المركبات دون سواهم وأن رجال المرور تقتصر عليهم دون سواهم العبث بالقانون باسم القانون ! ولم يهنأ بهذا الحلم كثيراً حتى فاجأته عصابات البلدية الذين إن سلمت بعربتك من العبث بها فاراً منهم بما تحمله مما تبقى فيها لن تسلم من طول المطاردة والحبس والاعتقال أو رصاصة قد تخترق جسدك تعيقك عن الحركة لأيام أو شهور !! مهنتان فقط فكر فيهما مهيوب يمكنه إن مارسهما يعيش حياة الأثرياء ولن يجد فيهما أي أذى والمتنفذون لا يلتفتون لهكذا مهنة غير أن أمه نهرته بشدة وأغلظت له القول وأسمعته ما لا يعجبه حتى اعتذر إليها وانتحب باكياً بين يديها ! إنهما مهنة التسول أو وظيفة الاستخبار .. ونام تلك الليلة وفكرة التزريق إلى السعودية تختمر في رأسه وعزم على إخفاء الأمر على أمه .. وفي اليوم التالي أخذ يبحث عن الرفيق أو على من يدله على الطريقة الآمنة للوصول إلى المكان الذي يريد الوصول إليه ، وبينما تدور عيناه باحثاً قابله رجل لا يعرفه طلب منه الجلوس ليحدثه في أمر هام ، وأخذ يعرض عليه أمراً مغرياً ، إنه يعرض عليه تزويجه بابنته الوحيدة مع توفير السكنى والعمل معه في تجارته مبرراً اختياره له كونه وحيد أمه وسمع عن كفاحه ونزاهته وأمانته وأنه يبحث لابنته الرجل الذي يأمنه عليها وأنه وقع اختياره عليه ، غير أنه يشترط عليه ألا يسكن أمه مع ابنته وأنه يتكفل لها بسكن خاص بها مع خادمة ترعاها وتقوم بخدمتها مدى الحياة ! ولعل الرجل يتوقع من مهيوب الموافقة الفورية واللهفة على اغتنام هذه الفرصة التي لا تعوض ! وكانت المفاجأة التي لم يتوقعها الرجل الذي ظن أن كل شيء يمكن شراؤه وبيعه بالمال والإغراء ، رفض مهيوب بكل إباء وكبرياء هذا العرض الدسم المغري وكان رده القوي : لن أتخلى عن أمي الغالية والمرأة التي لن تقبل العيش معها لا أريدها وإن ملكت ما تملك من الدنيا وما فيها ، والمرأة التي تقبل بأمي وتعيش معها هي امرأتي التي أعتز بها وإن كانت من كانت .. لا يهم .. اعذرني سيدي ستجد غيري . وظن مهيوب أن يهاجمه الرجل ويسفه موقفه غير أن المفاجأة التي لم تخطر على البال أن يشد الرجل على يديه ويبارك له فوزه في برنامج (وفاء ) على المكافأة المعدة من القناة الفضائية تتضمن مبلغاً كبيراً من المال وتذكرتين مجانيتين ليكون هذا بداية مشوار مهيوب نحو حياة سعيدة وبوابة أمل فتحت أمامه ليحاول شق طريقه للتحديث والتغيير الأفضل في حياته .