الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٥٩ صباحاً
الاربعاء ، ٠٩ اكتوبر ٢٠١٣ الساعة ١١:٤٠ صباحاً
الحج عرفة كما أخبرالحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام ، والمعنى المراد والله أعلم أن الوقوف بعرفة للحاج هو الركن الركين والمقصد الأساس لفعاليات وأعمال مناسك الحج ، ولله في تشريعاته أسراره وحكمه التي قد نفقه بعضا منها حين يأذن لنا فنعرفها ، أما الأغلب منها فإنه استأثر بعلمها عنده ، يكرم ببعضها لمن يشاء ممن يحب ( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا لمن ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ) والله لا يسئل عما يفعل ، فلماذا الوقوف بعرفة ؟! ما الحكمة منها ؟ وما الفوائد المترتبة عليها ؟ .
اجتهد علماءنا الأجلاء وذكروا مجموعة من الدلالات الإيمانية المترتبة على هذا الوقوف ، وكان مما قالوه :

1- أنه يذكر الحاج بموقف الحشر، وهي صورة مصغرة للعرض على الله يوم القيامة .

2- لحظات من العالم الدنيوي الطاهر في موقف ومكان طاهر لجمع غادروا الأرض والزرع والأهل والأولاد والأصحاب والخلان أرادوا الطهر والرحمات من رب البريات ، فكأنما هي اللحظات الوحيدة التي تقف لها كل الكائنات وحتى عقارب الزمان في حالة أشبه ما يكون بنشوة روحانية طغت وغطت على العالم المادي المحسوس فلا ثمة شيء يخالط أو يختلط مع ذكر الله من التكبير والتهليل والاستغفار والحمد والثناء على الله . يالها من لحظات سنية زكية لا يحرم من اشتمام عبقها إلا محروم ! وعمر الله إنها اللحظات التي لأجلها يغفر لصائمها سنة مضت من عمره وسنة مقبلة عله يعشها وعبق هذه اللحظات لا تزال ذكراها تشحذ همته وتدفعه فرارا إلى الله من ذنوبه .

3- إنه يجسد ملتقى الإخوان المسلمين كمسلمين على أرض ومكان واحد ينظر اليمني فيرى عن يمينه الجزائري أو ربما الفلبيني يسمعه والتأثر جلي مهيب وهو يناجي ربه وعيناه تذرفان دموع الخشية ولعلها دموع الحب والحنين للقاء الله والسكنى بجواره ، هكذا قد يحس به ويتأثر لتأثره وإن كان لا يفقه مما يقول شيئا ، ويرى المصري أو السوري وهو يشكو حاله وحال وطنه وأمته إلى الله بقلب مكلوم منكسر يلح على الله أن يوقف نزيف الدم المهراق بين قومه والدمار الذي لحق ولا يزال بالبنى التحتية لوطنه ، يستغيث الله وهو وفد قومه إليه ، وأمامه أوروبي أو أسيوي يتململ تململ الخاضع الذليل وهو العزيز المحترم بين قومه وأينما حلت به قدمه ! يا لله .. إنه المكان الوحيد الذي تمتزج وتختلط فيها المشاعر والهموم وتلتهب النفوس بأطيافها ومشاربها وأحزانها وتطلعاتها بكل الصفاء الذي لا تشوبه أي شائبة !! .

4- إنه المكان الذي كسر وألغى كل الحدود ليجمع بميعاد يتكرركل عام كل المسلمين من كل البلدان ومن كل الأجناس والألوان ، ويعطى الدرس القوي والمباشر أن لا شيء يجمع هذه الأمة ويوحدها كهذا الدين العظيم الذي جمعهم لساعات من كل عام حفاظا على النهج التوحيدي والوحدوي للأمة حتى قيام الساعة .

5- الوقوف بعرفة إشارة صريحة وقوية أن هذا الدين جذوره قوية لا يمكن اجتثاثها وأن الله ناصر دينه والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .