الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:١٣ مساءً

اليمن ... تعقيد ات المشهد السياسي إلى أين ؟

إبراهيم القيسي
الثلاثاء ، ٢٦ نوفمبر ٢٠١٣ الساعة ١١:٤٠ صباحاً
يعيش الوطن اليمني بكل مكوناته السياسية في حالة من الحيرة والاضطراب فقد بدأ الوجوم السياسي يهيمن على وجوه حكامه وضاقت الحلبة عن الاتساع لنشاط المتصارعين وكفة التسوية يعتريها التقهقر إلى الوراء وشاطئ النجاة يبدو على مسافة بعيدة تعترضه عقبات ذات انحدار حاد فالسفينة مرهقة بأعباء كارثية يسود ركابها التباين والاختلاف يمضون في تسابق محموم للاستيلاء على قيادتها والخيار في حالة الفشل عن الوصول إلى القيادة غرق السفينة .

فالتسابق المحموم بين القوى السياسية تدعمه إرادة دولية وإقليمية ولم تعد المسألة في حالة بساطتها الفطرية لكنها تتعقد بأجندة خارجية تغذي فتيل الفتنة و تنتظم التفكك الأيدلوجي وتلغم الوفاق الوطني بمفجرات تستهدف أمن واستقرار اليمن لطموحات حزبية وقبلية وطائفية تترهل بصراعات عنصرية تملأ الأفق السياسي بأبخرة تتحمل بالحجب التي تواري من ورائها الأهداف السوداء التي تسري في اتجاهين متعاكسين على مستوى الظهور والاستبطان فالأعاصير العاصفة ساعدت في إخفاء تلك الأجندة وظللت الرأي العام عن الوصول إلى حقيقتها أو التكهن بوجودها .

فالحجم الكبير الذي يمثل التباينات ينبئ عن رسم بياني وصلت فيه الأرقام إلى الذروة التي تؤهل المستقبل لسيناريوهات الانفجار فكل الإجراءات المتخذة من قبل حكومة الوفاق تتسم بالضعف والفشل أمام فوضى الاغتيالات والفتن الطائفية ومليشيات التخريب فكل محاولات التصدي قد أرهقت وأصبح المخربون والقتلة يتبجحون على الدولة بعنجهية صفيقة تولد السلب والابتزاز وترعد بالتخريب وتدمر كل شيء وتعلن التحدي السافر ولا تملك الدولة حيالها إلا الصمت المتواري الأمر الذي أغرى المخربين بالمزيد .

فالغموض المستبطن لمخرجات مؤتمر الحوار يعطي علامات استفهام فارقة والمعنيون بالحوار تتقسمهم القوى الوطنية وخارطة الطريق مازالت في طور الكمون تنطمر تحت ركام الفوضى والاستهداف لزعزعة الوطن وأمنه ...فما زالت رؤوس الثعابين تطل برؤوسها من تحت الأنقاض فتفرغ سمها مابين الفينة والفينة وتقوم بالتبييض والتفريخ وتشعل فتيل الفتن وهناك أكثر من جبهة تقوم بالتخريب تقودها الأطماع الطائفية والأحقاد السياسية إضافة إلى تربص القاعدة وكيد المنافقين واشتعال الحرب الطائفية في صعدة وكل هذا يستهدف اليمن وأمنه واستقراره وإسقاط حكومة الوفاق وإرباكها وتجفيف مصادرها المالية والقضاء على الثورة الشبابية ومنجزاتها السياسية وتهجين المبادرة الخليجية والسعي إلى الوصول إلى انقلاب تدعمه ثورة مضادة أو ديمقراطية لفيفة تحذو حذو النموذج المصري .

فانفصام عرى القوى الثورية بدأ يتعقد شيئا فشيئا وقد ظهرت بوادره تتجلى في تبؤر يتوزع على مناخات سياسية متشظية فقد بدأ الاصطدام الفكري بين اليمين واليسار وبرز التأزم على معطيات أيدلوجية مكنت بؤر الاستقطاب من التكون على طرفي نقيض فجرى التيار على غير المرسوم له في مبادئ الثورة الشبابية السلمية فتباينت وجهات النظر مابين إسلامية وليبرالية واشتراكية وقومية إضافة إلى القوى القبلية وتحالفاتها وانفجار الفتيل بين السنة والشيعة وتفريغ المشترك من محتواه الإستراتيجي واختلاف رؤى المؤتمرين حول المخرج للوطن فعملت الأهواء الحزبية والمناطقية دورها في توظيف الرغبات المدعومة من الخارج فكبا خيل الرهان ونبا سيف اللسان فخان الجميع مايعتمل في نفوسهم من نيات غير صالحة تنفذ المخططات السرية وتشغل الوقت في الحوار لكي تكتمل الخطة الخارجية حينها يتم تفجير المؤتمر وتفريغه من محتواه السياسي ليبقى معملا لسيناريوهات جديدة تخدم أجندة خارجية .

هناك قوى دولية وإقليمية تعمل في اليمن ويحاول كل فصيل لاسترضائها إما حقيقة أو نفاقا وليس من مصلحة هذه القوى أن يحكم اليمن من له توجهات إسلامية أو تصحيحية ثورية ومسألة وصول اليمن إلى دولة اقتصادية فعالة مستحيل في ظل الهيمنة الإقليمية والدولية وكون اليمن بلدا ذا ثروات نفطية ومعدنية إضافة إلى التنمية البشرية والموقع الإستراتيجي الهام تزداد المؤامرة على تهجين هذا البلد وتحجيم دوره عن التطلع إلى قصب السبق ...لقد عملت هذه القوى ومازالت إلى اعتراض مسيرة التغيير في هذا الوطن وقد ساعدها في تنفيذ ذلك الكثير من الأجندة التي استمرأت الخيانة وبيع الأوطان مقابل الاحتفاظ بامتيازات الحكم أو استلام الأجر المالي مقابل زرع العراقيل أمام تقدم هذا الوطن وسيادة أمنه واستقراره وليس غريبا على هؤلاء أن يعملوا على خطوط متضادة من أجل عمل التصادم والاعتراك بين الأطراف المتطلعة لشهوة الحكم ليبقى اليمن مراوحا في مكانه بعيدا عن تطلعاته للبحث عن دولة قوية تنعم بالأمن والاستقرار وترفل في حلل العدل والحرية المنبثقة عن الحكم الرشيد .