الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:١٧ مساءً

من القذافي إلى بقية الحكام!!!

د . عبد الملك الضرعي
السبت ، ٢٢ اكتوبر ٢٠١١ الساعة ٠١:٠١ مساءً
برحيل العقيد القذافي طوى الشعب الليبي صفحة من تأريخه المعاصر دامت أكثر من أربعة عقود ، وبالعودة إلى سطوة القذافي وطغيانة وفضائعه التي ارتكبها ضد معارضيه وخاصة في العقود الأخيرة ، يجد المتابع أن الله يمهل ولايهمل وأن عدل الله أصل في حياة البشر ،فهو سبحانه إذا أخذ الظالم أخذه أخذ عزيز مقتدر ، فبالرجوع إلى مطلع 2011م وبعد اندلاع ثورة فبراير الليبية وطائرات القذافي ومدافعه ودباباته ومختلف أنواع الأسلحة تقصف بلا هوادة المدن الأهلة بالسكان ، وهو يخطب في حالة هوس واصفاً معارضيه بالجرذان والارهابيين والعملاء الكفارو...الخ ، وكلماته الشهيرة زنقة زنقة...الخ ، وجدناه بعد عدة أشهر يفر من طرابلس مذعوراً خائفاً وتكتمل مسرحية الهروب إلى مدينة سرت ،وهناك يلقي على بعض قنوات الطغاة خطابات الهوس والعود المقدس بتحرير طرابلس من العملاء وو..الخ ، تلك الخطابات الجوفاء كانت جزء من مسيرة الوهم والهوس التي عاشها القذافي لعقود ، هي نفس المسيرة التي أهدرت مليارات الدولارات من أموال الشعب الليبي في مغامرات خارج الحدود وفي حسابات شخصية في بنوك خارج الحدود أيضاً ، بينما يعاني الشعب الليبي من العوز والحاجة والبطالة على الرغم من موارده المتعددة وخاصة النفط .

ذلك العقيد يوجد مثله الكثير من حكام العرب يعيشون حالة وهم بلا حدود ، فهم أقل قوة من القذافي ، ولكنهم يعتقدون أنهم يستطيعون إعادة عجلة التاريخ إلى الخلف من خلال سياسية القتل والفتن والإرهاب ، وغرورهم وعدم خوفهم من القوي الجبار المنتقم سبحانه ، يجعلهم يُمنّون أنفسهم بأن سيل من الدماء والرعب والخوف سيوقف طوفان الشعوب المطالبة برحيلهم ، ولكنهم لايعلمون أن إرادة الشعوب من إرادة الله، هم يعتقدون أنهم أذكياء وسينجحون فيما فشل فيه القذافي وحسني وزين العابدين .

إن نهاية العقيد القذافي تقدم درساً مجانياً لمن لازال من الطغاة يكابر ، فالقذافي عميدهم وملك ملوك أفريقيا الفخري ، إن بقية الحكام لا يقلون وهماً عن القذافي ، ولكن منهم من تعقل وخفف من حمل جرائمه واتخذ قراراً مبكراً بالرحيل مثل الرئيسين المصري والتونسي ، ومنهم من لازال يعتقد أن الثورة سحابه صيف ستنجلي وأن المعارضين وإن بلغوا الملايين فهم بالعشرات ، هؤلاء لازالوا يبيدون أبناء شعوبهم بمختلف أنواع الأسلحة ، هؤلاء الواهمون لن يقل مصيرهم عن مصير القذافي وأمثاله من طغاة العالم في التاريخ القديم والمعاصر.

إن نهاية القذافي تحمل رسائل عدة أولها للحكام فمهما بلغ جبروتكم لن تتمكنوا من إخضاع إرادة الشعوب الحرة ، وبالتالي فعليكم بالعضة والعبرة من النهاية المحتومة لكل ظالم ، كما أن زيادة ظلمكم وجوركم سيكون وبالاً عليكم في الدنيا والأخرة ، ورسالة أخرى إلى الشعوب أن للحرية ثمن ، ولكن ماهو مؤكد أن الشعوب في نهاية المطاف تنتصر على طغاتها مهما بلغ جورهم وإرهابهم ، لذا ننصح من بقي من الحكام العرب أن يخففوا من أوزارهم في الدنيا والآخرة ، فعدل الله حق نؤمن به ، ومها تجّبر الطغاة وظلموا ، فلكل ظالم نهاية ، والعاقل من اتعظ بغيره ، نرجوه تعالى أن يحفظ دماء وأرواح الشعوب من البغاة القتلة ، وأن يعجل بنصره على من بقي من طغاة العرب إنه على مايشاء قدير.