الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٣٧ صباحاً

أبو توكل ....يكتب الى توكل ...

محمد حمود الفقيه
الاثنين ، ١٢ ديسمبر ٢٠١١ الساعة ٠٧:٢٢ صباحاً
هذه هي كلماتي المتواضعة.. أكتبها الى / توكل كرمان الشابة اليمنية التي حصلت على ( جائزة نوبل للسلام ) أبدأها بتحية الإسلام والسلام و أقول لك : السلام عليكم ورحمت الله وبركاته .......وبعد

لا يسعدني في هذه اللحظات السعيدة إلا ان أهنئك بهذا التتويج العظيم ، الذي يمثل الوجه الحقيقي لكل من يدعم السلام الإنساني العالمي ، ها انتي اليوم يا توكل قد حملتي وسام الحرية والعزة ، ها انتي اليوم أوصلتي شعارنا السامي شعار الأمة الإسلامية (السلام) الى كل العالم ، وأسمعتي الأمم من حولنا تحية السلام والسلم العالمي الذي علمنا هداها خير من ولد في هذه الأرض ، سيد الأنام ، ومبعوث الهدى والسلام محمد صلى الله عليه وسلم ، الذي قال بأبي هو وأمي : (( أفشوا السلام بينكم )) وقال أيضا مخاطباً كل البشر : (( رد السلام على من عرفت ومن لم تعرف )) ، وكان صلى الله عليه وسلم حين يبعث برسول الى قوم ما _ يوصي سفيره ويقول : أقرئهم مني السلام ، هذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم _ المعلم الأول وخير رسول أرسل للناس كافة قال تعالى : {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} وقال تعالى {وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا}صدق الله العظيم .
من هذا المنطلق السامي ، أود ان أقول ان الانسان خلق عزيزا وكريما ، فهذه هي فطرته التي فطره الله عليها ، لكنه يتعرض في الدنبا الى البيئة البشرية المحيطة به فقد تصيبه بخيرِ أو تصيبه بشر ،لكن المبادئ السليمة الرفيعة والمتواضعة ، هي وحدها التي تصنع الانسان وتعيد إنتاجه من جديد ، وكذلك القيم الانسانية النبيلة حين تتربع على فكر الانسان وحياته وآرائه ونظرته للآخرين نظرة انسان لانسان ، هذه القيم السامية لايمكن أبداً ان تمحو من ذاكرة التأريخ الحضاري مهما تعرضت للإرهاصات الدنيوية ، فالأنسان الذي يسعى للخير دائما ويحاول ان يستفيد غيره منه ، تجده كل يوم ينمو ويكبر حتى كأنه يعانق السماء متلألأً ، فيضي بنوره الوضّاء من حوله من البسطاء و المساكين و المحرومين والذين غلب عليهم الدهر بويلاته القاسية ، مثل هؤلاء الناس يستحقون أكثر من أن ينالوا نصيبهم في الدنيا ويوفيهم الله أجورهم. كاملة ً يوم القيامة بحوله وقوته سبحانه وتعالى .
نعم هي السلوكيات الحميدة التي تميز الشخص عن غيره من البشر ، فالخير موجود والشر موجود ، ولكن خلق الله معهما العقل الذي يمكنه الفصل والتمييز بين الصفتين اللتان وجدتا منذ ان خلق الله الأرض ومن عليها ، فالعقل السليم يكمن في الجسم السليم ، ولايمكن للإنسان ان تبزغ شمسه ويشرق نوره في أفق المعالي مالم يأتي بخير و ينشره بين الناس ، فلو أننا سلكنا كلنا مسلك الشر لفسدت السماوات والأرض ، ولو أننا سلكنا كلنا مسلك الخير لما وجد العذاب ، ولكن الله تعالى قد حكم وقضى في خلقه هذه السنة الكونية التي لا تتغير ، ولهذا فإن الخير تهواه القلوب و تعشقه و يميل اليه البصر ، والشر المنبوذ لا يهواه إلا ضال لنفسه ، ولا ينظر اليه إلا أعمى قلب أعمى بصيرة ، فينقلب عليه وعقبيه فيخسر خسرانا مبينا _ ان هذه النماذج البشرية ، حقا ًعلينا ان نحسدهم ، على ما آتاهم الله من فضله ، ولكن هذا الحسد بموضعين اثنين ، أولهما من أوتي مالاً وانفقه ، والثاني من أوتي علماً وحكمة فعلم الناس وارشدهم الى الطريق المستقيم .

توكل كرمان التي لم تتعدى الثلاثون ربيعاً من عمرها ، صغيرة بسنها كبيرة في عالمها الحضاري والإنساني ، لقد ارتقت هذه المرأة الى مراتب لم يصلها إلا العظماء من البشر ، وتوغلت هذه الفتاة في القلوب فلا يمكن لأحد عاقلِ ان يجهلها أو ان يتربص بها سوء الدوائر ، فهي الآن ليست وحيدة في هذا العالم الكبير ، لقد أصبحت توكل كرمان أمة بشخصيتها ، وأمة بنهجها ، وأمة بأهدافها السامية ، هاهي اليوم تدر للعالم بردا وسلاماً ، بردا تخيف أعداء السلام به _ وسلاماً تهديه الى عالمها الإنساني الحضاري ، اليوم توكل توجت رمز السلام الإنساني ، كيف لا وقد ظهرت على العالمين تقف ضد الظلم والجبروت أين ما وجد ، اليوم توكل واقفة في منصة الحرية تنادي العالم الذي يدعي رعاية الحقوق الانسانية ان يثبت هذا الادعاء في تخليه عن الذين يحاربون ويقتلون حقوق الانسان ، اليوم توكل تؤكد للناس انها لاتريد من أحد جزاء ولا شكورا ، إنما تريد زرع الخير في النفوس ، و توغله في القلوب ، فتاريخها مليء بالتجربة والشهادة ، فلن ننسى وقوفها مع الثورة الشبابية السلمية ، ولن ننسى خيمتها وسط ساحة الحرية والتغيير ، ناهيك عن مواقفها الوطنية والشجاعة تجاه قضية الجعاشن التي أثلجت القلوب ونحرت الصدور ، فوقفت مع الضعفاء منهم والمساكين ضد الاستبداد الجعشني الذي مارسه ما يسمى ” بمنصور الجعشني “ضد أولائك المغلوبون على أمرهم ، فيا لله درها من فتاة في ذلك العمل الذي رفع رصيدها المحلي الى مرتبة لم يحصل عليها القضاء الذي يفترض ان يردع الظلم وأهله أين ما حل ووجد ، لقد سطرت هذه الفتاة أروع الأمثلة للأولين والأخرين ، واستطاعت ان تطمئن كل من أسّود وجهه وهو كظيم يتوارى من الناس من سوء ما بشر به ، كما أخبرنا بذلك سبحانه وتعالى في كتابه الكريم قال تعالى : ((وإذا بشر أحدهم بالانثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به )) صدق الله العظيم.