السبت ، ٢٧ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:١٤ صباحاً

الجواز الثوري و الهوية الثورية !!

محمد حمود الفقيه
الاربعاء ، ٢٨ ديسمبر ٢٠١١ الساعة ١٢:٤٠ مساءً
كلنا يحلم بحمل جواز السفر ، ويسعى للحصول على الهوية الوطنية ، و لا يخفى على أحد بمطامع الحصول على( القرين كارد ) بطاقة الإقامة الدائمة في الولايات المتحدة الأمريكية ، و سعيد الحظ من ينال الجواز الأمريكي ، الذي لا يقف أمامه عائقاً من عوائق الدنيا ان سلمنا بذلك ..

و لكني اليوم بدأء موقفي يتغير من هذه الأوهام و الأحلام التي من المفترض ان لا يعتز الانسان العربي المسلم..
بالهوية الأمريكية أو بحمل جواز أمريكي ، فمن المعروف ان الأنظمة المستبدة التي حكمت بلادنا العربية أوصلت أضغاث أحلامنا اليوم الى اللهوث و السعي وراء الحصول على القرين كارد الأمريكية ، تارة بالجري نحو الدولار و أخرى طمعاً بال ” الحصانة الأمريكية “ حيث وصل الضعف بامتنا الى ان لا تضع قيودا أو حوجزاً أمام من كان أمريكياً ، و نحن لا ننكر بلوغ الولايات المتحدة درجة الزعامة العالمية في جميع المجالات ، لكن المشكلة تكمن في ان حكامنا الأجلاء _لا أجلهم الله_ جعلونا نعترف بقيم و مبادئ الغير دون صناعة و تحديث قيمنا العربية و الإسلامية و تطويرها ، التي هي قيم مثالية ان جرى تطبيقها في واقع حياتنا السياسي و الاقتصادية و الاجتماعية .. ستعترف بنا بعد ذلك الأمم ، و ستعمل التكتلات الدولية و والهيئات العالمية المجتمعات الانسانية الأخري على دراسة و بحث قيمنا و مبادئنا التي تستمد تاريخها الى تعاليم ربانية خالصة ليس فيها نقص أو غموض أو تورية ، و ستعمل الأمم على فتح قنوات التواصل السياسية و الاجتماعية معنا أمة العروبة و الإسلام ، و ستقيم بذلك المعاهد و المراكز البحثية لدراسة و بحث هذه القيم و المباديء و مصادرها و معرفة جذورها التاريخية ، و كذلك معرفة زمن النشء و البداية لميلاد هذه القيم الحضارية والإنسانية .

إذاً _ هناك أمر يمكن ان نستفيد منه بعد نجاح الثورات العربية عامة و ثورتنا اليمنية خاصة ، يجب ان نتنبه لأمر الهوية الوطنية على المنظور الخاص ، و هويتنا العريية و الإسلامية بوجه عام ، لابد ان يتم العمل على ترسيخ هذه الهوية ، و جعلها في موقع المنافسة للهويات العالمية الأخري على أقل تقدير ، وذلك من خلال تطبيق المباديء و القيم العربية الإسلامية السامية في واقعنا أولاً ، ومن ثم ان شئنا ان نصدر هذه القيم و السلوكيات الى الخارج فليكن ، وقد فعل ذلك أجدادنا الأوائل عبر القرون الأربعة عشر الماضية ، فقد وطأة القيم الإسلامية النبيلة و المباديء السامية كثيرا من بقاع الأرض في الشرق و الغرب ، و يعود سبب نجاح اتساع و انتشار هويتنا العربية و الإسلامية الى أجدادنا الأوائل الذين حملوا هذه النظريات في نفوسهم و قلوبهم قبل ان يزرعوها في حقول الآخرين ، و قد ادى تطبيقها في حياتهم العملية في جميع المجالات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية الى زيادة القبول بها و زيادة انتشارها بسرعة كبيرة ، اجتازت بذلك الحدود الجغرافية و حدود اللغة و الدين و كذلك حدود العادات و التقاليد التي يتمتع بها كثيرا من الذين وصلت اليهم في مختلف اصقاع الدنيا .

نأمل من الثورة التحررية التي قامت في مجتمعاتنا العربية مؤخراً ، ان تعمل على تحديث و تطوير هويتنا القومية التي يمكننا ان نسميها( الهوية الثورية المتجددة ) و التي نريدها ان يسمع بها العالم بأسره ، و ان يكون لها بروزاً في واقع الحياة ، وهذا لن يتم مالم يتحرر الانسان العربي من كل أشكال العبودية ، بداية بالاستقلال السياسي ، و الاستقلال الفكري ، و الاستقلال الصناعي و الإنتاجي و الاقتصادي ، و الاستقلال العسكري .

و أقصد بالاستقلال السياسي ، اتخاذ القرارات السياسية المصيرية بصورة ذاتية من دون التبعية السياسية المستوردة ، وينطبق هذا على بقية المجالات ، الاستقلال الفكري أعني به تطوير الفكر العربي و الإسلامي الموروث مع مراعاة الأخذ من أي فكر يتناسب و هويتنا العربية والإسلامية ، و كذلك الاستقلال الاقتصادي و هو الاعتماد على الناتج المحلي و الصناعات المحلية و تحديثها و تطويرها و العمل بقاعدة _ ناكل من ما نزرع و نلبس من ما نصنع _ ان استطاعت الثورة العربية التحررية ان تعمل بمقتضى هذه الأساسيات ، سنتمتع بالاستقلالية الغذائية و نكتفي بمواردنا و مدخراتنا و ناكل من خيرات أوطاننا ، و لن يتسع لي المجال في هذا المقال ذكر الكيفية التي ستقودنا الى هذا التحرر و الاستقلال ... الخ