الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٤٨ مساءً

{فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً }

محمد حمود الفقيه
الاربعاء ، ٢٢ فبراير ٢٠١٢ الساعة ١١:٥٩ مساءً
من نعم الله على اليمنيين في ثورتهم السلمية المباركة ، أنها ميزة الخبيث من الطيب و جعل الله بها الخبيث بعضه ببعض ليركمه جانباً فيجعله في المؤخرة يتلهث وراء نفسه يلتف عليها كل يوم زعماً منه انه يطالب بالحق و ما هو ببالغه ، و تلكم الثورة الحقة حين تخرج بهدف الخلاص من الظلم و العبودية الفردية و العبودية الديينية و تزهو على الأرض بعنفوان الإخلاص لله أولاً ثم للوطن و أبنائه ثانياً تنتج الحق الذي تجاهد من أجله و تناضل في دربه طويلاً ليل نهار تردد ان الله أكبر و أن العزة لله و رسولة و للمؤمنين ، تهتف بصوت كبير عالي مدوي في السماء ان لا مجال اليوم للظلم و لا مكان للخداع و النفاق و لا مساحة حتى و إن كانت صغيرة بالوجود الإنساني للعبودية و الدكتاتورية الظالمة .

الثورة اليمنية السلمية ثورة الصمود و الإباء و التضحية و الهدف الواضح وضوح الشمس حين تطل على النهار ، هي أيضا ثورة حق أزاحة به الباطل _ الباطل الذي رأيناه اليوم يزهق في ميادين التجربة الثورية ، لم تكتفي الثورة السلمية اليمنية لإزاحة عقوداً سوداء من تأريخ اليمنيين فحسب ..

إنما كشفت اللثام عن المنافقين و أصحاب الدسائس و المشاريع الخاصة الرخيصة و الأهواء و المزاجيات التي انتهت بأصحابها الى مرتبة المخلفون عن ركاب الحق و اللحاق به .
ما أجمل ان يتبين الخيط الأبيض من الأسود من النضال السلمي و الثوري و الجهادي ، اليوم الذي انتظره الكثير من اليمنيين كشف الغطاء القبيح عن بعض المتزمتون الذين كانوا أشبه بالمنافقين في عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم ، حينما كانوا يحضرون صلاته و يسبحون معه بعيد الصلاة ، لكنهم ماءً يشقق الصخور القاسية لا يرى اثره إلا بعد حين !

كيف ستقابل تلك وجوههم الشاحبه الشعب اليمني بعد اليوم و الخزي يغشي نواصيهم مطأطئي رؤسهم تهلكهم الحيرة من أمرهم ، صدورهم اليوم تتصعد في السماء حرجاً مما ارتكبته أيديهم و قلوبهم ، هم اليوم أعداء جدد للحرية و التغيير ، و هم اليوم في دائرة مشبوهة تحت مجهر الشعب و ملاحظة القانون و السيادة ، تساؤلات كثيرة حول هؤلاء _ منهم و ما الذي يريدونه من اليمن و ما هي تلك طموحاتهم التي بانت على حقيقتها !؟

ماذا كان يضير هؤلاء لو أنهم صدقوا ما يقولونه و ما يظهاهرون به الناس من حب و تقرب للوطن ، لو انهم ذهبوا بنواياهم الحسنة لدعوة الوطن الكبير و امتثالاً لمطالب الشعب و ثورته بالتغيير و دحر الظلم و الفساد و مدوا أيديهم الى طاولة الحوار و المشاركة و الأخذ بزمام الحق بدلاً من أن يأخذهم الباطل الى حضيرته فينتهي بهم هكذا كما رأيناهم حسرة على قلوبهم الى يوم يلقون ربهم ؟ أليس كان حريّ بهؤلاء ان يستيجبوا لليمن حين دعاهم لما يحييهم و يعزهم و يكرمهم ؟ أليس هم أحق ان يشاركوا بيوم البرزخ التاريخي اليمني هذا ، كونهم قد أجهدوا أنفسهم في الساحات و الميادين التغييرية ؟ ان مثل هؤلاء كمثل من يصوم عن طعامه و لا يصوم لسانه عن الناس ، ليس له إلا عناء العطش و الجوع ، ماذا يريد من قاطع الشعب بيومه التاريخي منه ؟ و ماهي برامجهم الوطنية التي لا يمكننا بعد هذا اليوم ان نثق بحروفهم و طلامسهم التي يعكفون عليها !؟

ان يوم 21 فبراير التاريخي تحول من توجس خيفه .. الى نعمة كشف الله بها المستور ، و أذهب الله به جفاء الأفكار الخبيثة التي تكن لليمن و أهلها عداء بلباس الابتسامة و عبائة الوطنية الزائفة ، و دحر الله بهذا اليوم المكر الذي رصد لليمن بقلوب الماكرين ، قال تعالى : { و يمكرون ويمكر الله و الله خير الماكرين }
صدق الله العظيم ....