الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٥٢ مساءً

سياسات...عز الله قدركم !

د . أشرف الكبسي
الثلاثاء ، ٢٤ ابريل ٢٠١٢ الساعة ١١:٤٠ صباحاً
على خلاف الاحتجاجات الشبابية الشعبية ، ومنطلقاتها الثورية الرافضة لكل تسوية سياسية ، يبدو أن البعض من حكماء اليمن وساستها قد ارتضى استراتيجية (عز الله قدركم) المستوحاة من عمق الحكمة اليمانية ، فبعد أن انتهى احد حكماء مدينة صنعاء من أداء صلاته في المسجد ، لمح أحد اللصوص وهو يقوم بسرقة حذائه ، فما كان منه إلا أن تبعه في صمت إلى خارج المسجد ، وعندما وضع اللص الحذاء على الأرض ، وهم بانتعاله ، أزاحه الحكيم جانباً برفق ، وانتعل الحذاء قائلاً للص وبأدب جم : عز الله قدركم ..!

فقياساً على واقع استرجاع (الحذاء) بسلاسة ورفق ، هدف البعض إلى استعادة السلطة المنهوبة والثروة الوطنية المسلوبة ، دونما حاجة لدفع تكاليف باهضة وتقديم تضحيات كبيرة ، إلا أن اولئك (الحكماء) قد اغفلوا حقائق هامة ومفارقات جوهرية تجعل من نجاح تطبيق تلك السياسات ، وإسقاطها على المشهد اليمني المعاصر أمراً صعباً للغاية ، بل وشبه مستحيل ، وذلك للأسباب والحيثيات التالية:

- على عكس (سارق الحذاء) يعتقد (سارق السلطة) ويحاول اقناع الآخرين بأنه هو المالك الشرعي والدستوري لها ، إن لم يكن من باب الاستحقاق فمن باب التقادم لطول فترة استيلائه عليها ، وهو بناءً على ذلك الوهم والإيهام على استعداد للدفاع عنها والقتال دونها وصولاً إلى تدمير الذات والغير، فالسلطة والمال والنفوذ ليست حذاءً على أي حال – على الأقل في نظر البعض – ممن قد يرتضي أن يكون هو نفسه حذاءً للسلطة والجاه والمنصب..!

- تقتضي سياسات (عز الله قدركم) أن يتقدم بها ويفرضها – من منطلق الحلم والتجاوز لا الخوف والخضوع - صاحب السلطة الأصيل ومالكها الحقيقي (الشعب) ، على عكس الوضع الراهن ، حيث يتصدر المشهد (المفاوض) بعض شركاء الأمس في عمليات السطو السياسي والسلب الإقتصادي، كوكيل فرض نفسه (ذاتياً) للتعبير – وبطريقته - عن الإرادة الشعبية..!

- عندما لم تجدي تلك السياسات (الحكيمة) نفعاً ، وصار المشهد يراوح في مكانه ، قام بعض اقطابها بإدخال تعديلات وإضافات عليها ، ليصبح مضمونها كالتالي: (عز الله قدركم ... وخيرة الله عليكم) ، وأمام الرفض المقابل وفقاً لمبدأ (سنقابل التحدي بالتحدي) ، عادت المخاوف وأشباحها مجددا إلى الواجهة ، خشية المواجهة والاقتتال ، وعادت القضية برمتها إلى مربعها الأول ، وصار لزماً علينا مجدداً وفي كل مرة اللجوء إلى حكمة مغايرة يحملها إلينا السيد بن عمر..!

من هنا يبدو واضحاً للعيان ، أن المشكلة لا تكمن في مضامين وعبقرية الحكمة اليمانية – حتى يتم استيراد حكمة بديلة - ولكن في القراءة المغلوطة والتطبيق المنقوص لها من قبل بعض ابنائها ، فالحكمة تقتضي قبل الشروع في صياغة الافعال ، توافر المشروعية والقدرة على مواجهة ردود الأفعال ، فكما لا يهب العفو إلا صاحب الحق في العفو ، لا يعالج الخطأ بإستحداث خطأ مثله ، فلا تسلب الإرادة الوطنية الحرة في التغيير، لصالح الإرادة السياسية في التوفير ، كما لايتم إعادة ترتيب البيت اليمني الداخلي (والذي يمكن أن نعيش فيه جميعاً كأخوة) ، بطرحه للمزاد في بورصة التدخل الخارجي ، فقد نموت فيه حينها جميعاً كحمقى... عز الله قدركم..!!