السبت ، ٢٧ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:١٢ صباحاً

ما بين شعب الله المختار وشعب الله المحتار

فضل عبدالكريم الجهمي
الاثنين ، ٢٦ نوفمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٤:٤٠ مساءً
لا شي يجمع ما بين شعب الله المختار وبين شعب الله المحتار لا صلة الرحم ولا صلة الدين و لا صلة اللغة ولا صلة الجغرافية فقط صلة التشابه في طبيعة الادعاءات التي حيرت الشعب المختار وحيرة الشعب المحتار كما حيرت معهم بقية شعوب العالم
شعب الله المختار ( اليهود)

اعتمد اليهود على تسمية انفسهم شعب الله المختار لكثر الانبياء الذين بعثوا في بنو اسرائيل

و اعتقادهم في بعث انبياء كثيرون لهم هو ان الله قد اختارهم و اصطفاهم على العالمين

حاول كثير من حاخامات اليهود وكثير من فقهائهم ومفكريهم تفسير فكرة الاختيار، فجاءوا بتفسيرات كثيرة. ولكن، وبغض النظر عن مضمون التفسير فان فكرة الاختيار على وجه العموم تؤكد فكرة الانفصال والانعزال عن الآخرين (تعبير عن القداسة الناجمة عن الحلول الإلهي في الشعب).اي بما معناه ان اليهود شعب مقدس وقد جاء في التلمود أن جماعة يسرائيل يُشبَّهون بحبة الزيتون لأن الزيتون لا يمكن خلطه مع المواد الأخرى، وكذلك أعضاء جماعة يسرائيل يستحيل اختلاطهم مع الشعوب الأخرى. وقد كانت عملية التفسير هذه ضرورية، في الواقع، لأن أعضاء الشعب المختار المقدَّس، الذي يفترض أن الإله قد حل فيه، وجدوا أنهم من أصغر الشعوب في الشرق الأدنى القديم وأضعفها، ولم يكونوا بأية حال أكثرهـا رقياً أو تفوقاً، كما حـاقت بهـم عدة هزائم انتهت بالسـبي البابلي .وقد وردت تفسيرات عدة للاختيار،( أي لماذا اختار الله تعالى اليهود )هي في نهاية الأمر تعبير عن درجات متفاوتة من الحلول الالهي، فإن ازدادت النزعة الحلولية زادت القداسة في الشعب، ومن ثم زادت عزلته واختياره:(ويكيبيديا الموسوعة الحرة)

وبحسب اعتقادهم فقد اختارهم الله تعالى بعد ان تحملوا الرسالة اللاهية التي رفضت شعوب الارض قاطبة تحملها وحملها الشعب اليهودي, وليس لرفض الشعوب وتنصلها عن تحمل المسؤولية هو سبب جوهر الاختيار وإنما يتعدى ذلك الى ان الله تعالى اختار اليهود لنقاء عرقهم وتفوقهم على بقية الشعوب والأجناس وقد جاء في التلمود ما يلي: "كل اليهود مقدَّسون.. كل اليهود أمراء.. لم تُخلَق الدنيا إلا لجماعة يسرائيل.. لا يُدْعى أحد أبناء الإله إلا جماعة يسرائيل.. لا يحب الإله أحداً إلا جماعة يسرائيل". ولم يكن هذا كافيا لسبب الاختيار فقد اختارهم الله تعالى بحسب اعتقادهم لتفوقهم الاخلاقي عن بقية الامم والأجناس فهم اول شعب يعبدون الله وحده ولذا فقد اختارهم الله لأنهم اختاروه وقد جاء في التلمود هذه الكلمات: "لماذا اختار الواحدُ القدوسُ تباركَ اسمُه جماعةَ يسرائيل، لأن... أعضاء جماعة يسرائيل اختاروا الواحد القدوس تبارك اسمه وتوراته".

و بحسب اعتقادهم فقد اختار الإله الشعب اليهودي حتى يكون خادما له بين الشعوب وأداته التي يصلح بهاء العالم ووصلت ذروة التفسير وسبب الاختيار الى أن الاختيار غير مشروط ولا سبب له، فهو من إرادة الإله التي لا ينبغي أن يتساءل عنها أي بشر، الإله الذي اختار الشعب ووعده بالأرض، وليس لأي إنسان أن يتدخل في هذا

وعموما فقد تحول هذا الاختيار بحسب اعتقاد اليهود من المضمون الاخلاقي لسبب الاختيار الى ابعاد عرقية ,قومية ,عنصرية ,تضطهد بسببها شعوب الارض تحت هذه الذريعة, التي اباح اليهود لأنفسهم حق استغلال شعوب الارض ,بشتى انواع الاستغلال, والاضطهاد ,باعتبار ان الله تعالى قد اباح وسخر لهم هذه الشعوب بحكم انهم أي اليهود هم شعب الله المختار, وهذه مجرد افتراءات, تفندها ,وتنفيها ,وتدحضها الديانة المسيحية, والديانة الاسلامية, وبما يؤكد ان هذه الادعاءات ما هيا إلا مجرد اكذوبة كبيرة, وأسطورة من الاساطير مختلقة صنعها وروج لها حاخامات اليهود, هدفت في الاول والأخير الى شرعنة استغلال اليهود لغيرهم من شعوب الارض تحت ستار الدين والقداسة .هذا الاستغلال الذي عادة ما ينتج نوعا من الانفجارات الغاضبة عند الشعوب المستغلة في حقب تاريخية مختلفة تنتهي هذه الأنفجارات بكوارث تمس اليهود ذاتهم ,في وجودهم ,وفي حياتهم ,وفي حريتهم بين هذه الشعوب
شعب الله المحتار (الجنوب اليمني)

فجأة وبدون سابق انذار ,وكان الناس كانت في غيبوبة طويلة ,او كأنهم كانوا نياما مع اهل الكهف قرونا طويلة ,تسائل الكثير من ابناء اليمن في الجنوب من نحن؟ وما هيا هويتنا؟ تعددت الاجابات واختلفت ,وتفرق الجمع ,وتحركت الماكينة الاعلامية ,موجهة الجمهور في اتجاه محدد بما يتناغم مع مصالح معينة وطموحات شخصية ومناطقية تقتضي اولا وأخيرا التنصل من الاصل والإنكار له لتسهيل تحقيق الاهداف والطموحات الواضحة فراجت وفاحت فكرت الجنوب العربي كمرجعية تاريخية للهوية الجنوبية المقدسة وكفكرة لإغراء الجمهور فالجنوب العربي صور للجمهور بأنه ارض الميعاد والجنة المنتظرة لأبناء الجنوب الذي لا ينتسب عرقيا او جغرافيا لليمن المدنسة , متخذه أي هذه الماكينة الاعلامية الموجهة ,والجهات القائمة عليها, من تجربة الامارات العربية المتحدة كنموذج للمستقبل المنشود تحت هذه الراية
و على هذا الاساس تم شحن الجماهير وتحريضها وتوجيهها مستغلة ما عاناه الجنوب من ظلم وتهميش وفساد في فترة الوحدة اليمنية كجزء من ما عانته اليمن ككل جرى ممارسات النظام الاسري الفاسد والبائد وأدواته المتخلفة من شمال الوطن وجنوبه, ومستغلة ما عاناه الجنوب ايضا في ضل حكم الحزب الاشتراكي من فقر وحرمان وصراع دموي.

ولان الماضي لازال حيا في اذهان الجماهير ولا يمكن طمسه بهذه السهولة والسطحية ولا زال اسم جمهورية اليمن الديمقراطية دولة النظام والقانون والعدالة يطن في الاذان ومراعاة للتركيبة السكانية للجنوب وخصوصا في مدينة عدن التي يغلب فيها العنصر الشمالي في التركيبة السكانية ,لذلك فقد ارتئ الكثير ان يناضلوا تحت هذا المسمى لفك ارتباطهم باليمن, باعتبار ذلك يمثل السند الاخلاقي الذي لا يتنصل عن الماضي ويتنكر له, وكذلك السند القانوني لشرعية مطلب فك الارتباط ,باعتبار اليمن الديمقراطية هيا الطرف الثاني الموقع لاتفاقية الوحدة اليمنية ,وبالتالي فانه من حق هذا الطرف ان بفسخ العقد طالما اختلت واخترقت شروط التعاقد من قبل الطرف الاخر الموقع لعقد اتفاقية الوحدة

وما بين المطالبة بإعادة فصل الجنوب العربي عن اليمن وبين المطالبة بفك الارتباط ولكن تحت اسم اليمن , يتضح ان الفرقاء الطامحون في الجنوب محتارون اختياريا حول هويتهم الوطنية فكل فريق متمسك بالهوية التي يرى انها ستكون الوسيلة التي ستمكنه من الانفصال او فك الارتباط وتحقيق ما يصبوا اليه ولكنهم مع هذا متحدون في الهدف على ضرورة التخلص من الوحدة اليمنية بأية وسيلة او طريقة واقرب هذا الطرق هو انكار يمنية الجنوب كمخرج من هذا التكتل البشري الكبير المسمى اليمن والذي يلتهم وسيلتهم فيه الثروات والذي تتقلص معه كل الفرص نتيجة الكثافة السكانية الكبيرة والنمو المتسارع لعدد السكان.

وحقيقة الانكار للهوية اليمنية لا تنم عن قناعة او اقتناع حقيقي ,وإنما فرضتها طبيعة الظروف المطلبية المصلحية كضرورة وكوسيلة لمن يتنكر لهذه الهوية التي ابتدعها وروج لها كهنة وحاخامات مدمني السلطة والجاه في الجنوب والمتطلعين لعودة ارثهم السلطاني والمشيخي تحت أي ذريعة كانت.

ان هذا الانكار فيه دحض لحقائق التاريخ الذي صنعه اسلافهم من عظما التاريخ وصناع الحضارة ودحض لحقائق الجغرافيا المترابطة والمتشابكة التي تتوزع فيها انساب اليمنيون وقبائل اليمن وعشائرها المتداخلة والمتناثرة والتي تجسد الهوية اليمنية الضاربة جذورها في اعماق التاريخ الذي يمتد بامتداد وجود الانسانية على هذا الكوكب, ويدرك هذا يقينا من يتنكر للهوية اليمنية ,التي يعتز ويتفاخر كل من ينتمي اليها من القبائل العربية وحتى القوميات التي نزحت عن اليمن قبل مئات وآلاف السنين كالامازيق في المغرب العربي والطوارق في وسط افريقيا وعرب شمال الجزيرة العربية وصعيد مصر وغيرهم.

ان مبعث التنكر والتنصل عن الهوية اليمنية في الجنوب اليمني اساسه سياسي مصلحي اناني بحت كل مبتغاة هو الهروب من المسئولية الوطنية تجاه اليمن ككل تحت هذه الذريعة والتفرد بإقليم الجنوب وثرواته ومحدودية سكانه
وحتى لا نكون كمن يتنكر لهويته ويتنصل عن تاريخه وثقافته فانه يجدر بنا استعراض الحقائق والمرجعيات التي يستند اليها كلا الطرفين أي الطرفين المدعيين بهوية الجنوب المستقلة تاريخيا وثقافيا وحتى سياسيا تحت مسمى الجنوب العربي وتحت مسمى جمهورية اليمن الديمقراطية.

اولا: اتحاد امارات الجنوب العربي
اتحادًا أقيم تحت الحماية البريطانية في 4 أبريل، 1962 مكون من الولايات 15 المكونة لاتحاد امارات الجنوب العربي. وانضمت اليه في 18 يناير 1963 مستعمرة عدن كولاية فدرالية. وفي يونيو 1964 انضمت سلطنة العوالق العليا لتصبح عدد الولايات المكونة لإتحاد الجنوب العربي 17 ولاية وهيا (1-سلطنة لحج 2-سلطنة الفضلي 3–سلطنة العواذل 4 –سلطنة الحواشب 5-امارة الضالع 6-سلطنة يافع العليا 7-سلطنة يافع السفلى 8-سلطنة الواحدي 9-امارة بيحان 10-سلطنة العوالق العليا 11-سلطنة العوالق السفلى 12-مشيخة العقربي 13-مشيخة العلوي 14-مشيخة المفلحي 15-سلطنة الصبيحي 16-مشيخة الشعيب 17- ولاية عدن ) ولم تنظم الى هذا الاتحاد حضرموت بسلطنتيها. السلطنة الكثيرية (سلطنة بسلطان حضرمي) والسلطنة القعيطية (سلطنة بسلطان وجيش يافغي) وكذالك لم تنظم الى هذا الاتحاد سلطنة المهرة التي تظم اراضي المهرة وأرخبيل جزر سقطرى.

وهنا نلاحظ ان هذا المكون السياسي والجغرافي الذي انشأه الاحتلال البريطاني تحت مسمى اتحاد امارات الجنوب العربي والذي يستند اليه الكثير من قادة الحراك كمرجعية تاريخية ووطنية للجنوب تفند وتنكر صلة الجنوب باليمن الطبيعي والتاريخي والثقافي لم يتجاوز عمره ست سنوات ولم تنظم اليه حضرموت المقسمة والمهرة والتي تشكل مساحتهما تقريبا ثلثي مساحة الجنوب وبالتالي فان الجنوب العربي المدعى بهي كمرجعية للهوية الجنوب ككل مجرد اباطيل وادعاءات تنفيها الوقائع التاريخية والقانونية فالاتحاد لم يكن بأية حالة من الاحوال مضلة قانونية للجنوب كاملا يمكن الرجوع اليه كمستند وحجة لفك ارتباط الجنوب باليمن وإنما يمكن ان يستخدم كسند قانوني لفك ارتباط حضرموت والمهرة عن الجنوب باعتبارهما كيانات مستقلة لا تربطهما أي صلة باتحاد امارات الجنوب العربي.

واتحاد امارات الجنوب العربي في الاساس هو اتحاد شكلي تشكل بحسب رغبة المستعمر ورعايته وليس بحسب قناعة ورغبت المشاركين في هذا الاتحاد الذي انطووا تحت رايته وذلك هروبا وخوفا على سلطناتهم ومشيخاتهم من تطلعات ومطالب الامام المستمرة بحقه في حكم اليمن كاملا وحفاظا على مصالحهم مع المستعمر البريطاني الذي كان متكفلا بحماية السلطنات والمشيخات وفقا لمعاهدات الحماية ووفقا لهذه المعاهدات فقد تكفلت بريطانيا برواتب السلاطين والمشايخ وبنفقات سلطناتهم وفقا لأهمية وحجم ودور كل سلطان او شيخ
ومن الجدير بالملاحظة والتنويه الى ان المستعمر البريطاني حرص طويلا على تنفيذ سياسة فرق تسد والتي كانت تهدف الى تشجيع الفرقة بين ابناء المحميات المختلفة وفي اطار المحميات ذاتها كسياسة هدفت اشغال القبائل والسكان بعضهم البعض في فتن وحروب طويلة ومستمرة لا تنتهي منذ ان وطأة قواته عدن في 19 يناير 1839م وحتى منتصف الخمسينات من القرن العشرين حينما بدلت بريطانيا سياستها الشهيرة فرق تسد الى سياسة جديدة غير معهودة في سياسة التاج البريطاني وهي سياسة تشجيع وفرض الاتحادات الفيدرالية للمستعمرات وفقا لما تقتضيه الحاجة والمصلحة البريطانية وفي اطار هذه السياسة الجديدة سعت بريطانيا الى لملمت مشايخ وسلاطين الجنوب في اطار اتحاد فيدرالي وذلك لعدة اسباب
اولها: تغيير السياسة البريطانية على المستوى الدولي بعد انتها الحرب العالمية الثانية وخروجها من الحرب مع حلفائها منتصرة ومنهكة, ما اقتضى تسليمها راية العظمة الى الدولة الجديدة الولايات المتحدة ,وهو ما افضى وفقا لهذا الوضع الجديد الى التنازل عن المصالح البريطانية الاستعمارية والانسحاب من كثير من المستعمرات وترك الراية للولايات المتحدة لإدارة هذه المصالح (دفع فاتورة اشتراك الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية الى جانب بريطانيا وحلفائها).

ثانيها: بسبب انبعاث الروح القومية للشعوب المستعمرة ,وزيادة الوعي والثقافة التحررية مع وجود داعم قوي يستند اليه دعاة التحرر والاستقلال ,وهو الاتحاد السوفيتي ,والمعسكر الاشتراكي ,فان بريطانيا سارعت الى اعادت ترتيب اوضاع مستعمراتها بما يؤدي الى الاحتفاظ بأنظمة عميلة او على الاقل حليفة لها وللولايات المتحدة ,وبما يضمن الحفاظ على المصالح البريطانية ,والمصالح الغربية بشكل عام , في ضل نشوب الحرب الجديدة المسماه بالحرب الباردة ,والتنافس المحموم على استقطاب الدول, وتوسيع النفوذ بين المعسكرين المتصارعين والمتنافسين المعسكر الغربي(الرأسمالي) بقيادة الولايات المتحدة الامريكية ,والمعسكر الشرقي (الاشتراكي) بقيادة الاتحاد السوفيتي .وذلك في حالة انسحابها الطوعي او في حالة تسريع انسحابها نتيجة لمقاومة وضغط الشعوب وبما يؤدي الى مواجهة الانظمة المصطنعة لشعوبها المقاومة او بما يؤدي الى انقضاء حجة المقاومة او الحاجة للمقاومة عند شعوب المستعمرات بسبب وجود انظمة وطنية تحكم وتقود بلدانها بديلة للاستعمار

ثانيا : جمهورية اليمن الديمقراطية :
على انقاض الاحتلال البريطاني وأنقاض اتحاد الجنوب لعربي المصطنع وأنقاض عشرون سلطنة ومشيخة وبعد حرب تحررية بدأت في 14 اكتوبر 1963م وشارك فيها جميع ابناء اليمن من شماله وجنوبه وشملت معارك التحرير تقريبا اغلب اجزاء الجنوب المحتل قدمت خلالها قوافل الشهداء من كل التراب اليمني حيث انخرط المقاومون والثوار في حربهم ضد المستعمر في فصيلين رئيسيين هما الجبهة القومية التي تأسست في (اغسطس 1963) وجبهة التحرير التي تأسست في(1965) وغيرهما من فصائل العمل الوطني والنقابات العمالية المختلفة.
وفي ثورة 14 اكتوبر كما في ثورة 26 سبتمبر كان النسيج اليمني موحد فمثلما شارك ابناء الجنوب اخوانهم ابناء الشمال نضالهم في ثورة 26 سبتمبر عندما هبوا هبة رجلا واحد للدفاع عن ثورة سبتمبر وسطروا الكثير من الملاحم والبطولات في مختلف ميادين وجبهات القتال , فيكفي ثورة 26 سبتمبر ومناضليها فخرا ان يوم استشهاد الثائر السبتمبري غالب بن راجح لبوزة في ردفان في 14 اكتوبر 1963م بعد عودته هو وزملائه من ميادين الشرف في صنعاء وكوكبان وغيرها في معركة مع المستعمر البريطاني كان هو اليوم الذي سميت بهي ثورة 14 اكتوبر والتي كان ابناء الشمال مناضلون في الصفوف الاولى للثورة مع اخوانهم من ابناء الجنوب , فدائيين ومقاتلين وقادة ميدانيين وسياسيين في نسيج موحد خاض ملاحم قتالية بطولية ضد الاستعمار البريطاني منذ الانطلاقة الاولى في 14 اكتوبر 1963م وحتى نيل الاستقلال الوطني في 30 نوفمبر 1967م وإعلان قيام جمهورية اليمن الجنوبية برئاسة المناضل قحطان الشعبي الذي كان وزيرا قبل ذلك في حكومة الثورة السبتمبرية.

وفي 22يونيو 1969 وبعد الاطاحة بقحطان الشعبي وزملائه من السلطة وتولي التيار المتشدد والذي كان يسمى باليسار التقدمي زمام السلطة تغير اسم جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية الى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ومعه تغير اتجاه الجمهورية نحو اليسار في ما عرف باسم مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية بهدف الوصول الى مرحلة الاشتراكية ومع هذا التغيير وهذا الاتجاه تم بناء مؤسسات الدولة المختلفة بما يتواءم مع هذا التغيير وجرى تأهيل وإعداد الشعب بشكل واسع ليواكب المرحلة الجديدة من خلال ارسال البعثات التعليمية الى مختلف الدول الاشتراكية .واستقبال البعثات التعليمية من مختلف البلدان الاشتراكية.

وهنا لا بد من الاشارة لجملة من الملاحظات القيمة التي تفند وتكذب وتعري اطروحات الهوية الغير يمنية للجنوب اليمني وبحسب الاسس القانونية والمدى الزمني الذي يستند اليها دعاة التفرقة ومنها:

1- ان ثوار ثورة 14 اكتوبر المجيدة في الجنوب كانوا ثوارا في ثورة 26 سبتمبر في الشمال وان اول شهيد للثورة والتي سميت الثورة بيوم استشهاده كان ثائرا وقائدا جنوبيا من ثوار سبتمبر.

2- ان ثوار ثورة 14 اكتوبر بقواعدها وقياداتها في الجنوب مثلوا النسيج السكاني لليمن بشماله وجنوبه ,وكانت مدن الشمال وقراها كذلك مقرات ومعسكرات للتدريب والإمداد لثوار ثورة 14 اكتوبر.

3- ان اول رئيس لجمهورية اليمن الجنوبية وهو الفقيد المناضل قحطان الشعبي كان وزير شئون الجنوب في حكومة ثورة سبتمبر.

4- ان مسمى الجمهورية التي اعلنت عقب اعلان الاستقلال في 30نوفمبر 1967م كان جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية وقد تم اختيار هذه التسمية من الثوار وذلك من موقع الانتماء الوطني للهوية اليمنية للثوار وليس من موقع الاملاء والضغط من أي جهة كانت.


وفي الختام لابد من الاشارة الى ان اختيار عنوان المقالة ليس بهدف التشويه او التشبيه وإنما ايضاح الحقائق وتسليط الضوء على تجربتين وادعاءين كانت الحاجة هيا ام الاختراع فاليهود كما اشارت وأكدت الابحاث لجئوا الى القداسة أي تقديس انفسهم مستغلين كثرت الانبياء الذين بعثوا فيهم وذلك لتغطية ضعفهم كشعب لا يملك الجيوش الجرارة لتحقيق طموحاته وصد اطماع اعدائه او مجارات الشعوب الاخرى كالكنعانيين والبابليين ولمصريين والفينيقيين وبقية شعوب الارض في كل زمان ومكان بل ان هذه القداسة التي اختلقها اليهود قد تعدت اهدافها الى استغلال الشعوب تحت ستار الدين والقداسة وهذا ما حدث في الماضي ,ويحدث ويتجسد في عصرنا الراهن ,وهذا هو ايضا أي الادعاء بالقداسة وبالتفوق والنقى العرقي سبب ما عاناه اليهود من اضطهاد وتشرد خلال تاريخهم الطويل.
ولا يعتبر الادعاء بالتفوق خاصة يهودية بحته فقد ادعى الالمان في عهد النازيين بتفوق العرق الاري الذي ينتمي الجنس الالماني اليه على بقية الاعراق وبسبب هذا الادعاء دفع الشعب الالماني ثمنا باهظا وتكلفة كبيرة حيث هلك الملايين من الالمان مع تدمير كامل المانيا واحتلالها وإذلالها
اما فيما يتعلق بحالة الجنوب اليمني وحالت الاحتيار الذي تسود حول الهوية فان الحاجة كذلك هيا ام الاختراع والحاجة هنا ليس مبعثها تفوق العرق او القداسة وإنما تعود الى حالت الجنوب ما قبل الوحدة اليمنية في ضل اقليم مستقل يتمتع بالشخصية الاعتبارية وتغير هذه الحالة بعد الوحدة وذوبان هذا الاقليم في اطار اليمن دون مراعاة لوضع وحالة الاقليم فيما قبل الوحدة مما افقده وافقد القائمين عليه لتلك الشخصية الاعتبارية على المستوى المحلي والإقليمي والدولي وهو ما جعل القائمين على الجنوب والذين يعتبرون انفسهم اوصيا عليه يحنون وبشغف الى الماضي السلطوي والى المستقبل المزدهر الذي يتمنوه بفضل ثروات واتساع اراضي الجنوب ومحدودية سكانه فكانت الهوية الجنوبية هي الوسيلة التي رؤوا انه من خلالها يمكن فك الارتباط او فرض الانفصال لذلك مجدت الهوية الجنوبية وقدست باعتبارها هوية متحضرة ومتقدمة تنتمي الى روح العصر ومستقلة تماما عن الهوية اليمنية المتخلفة والهمجية التي لا زالت اسيرة القرون الوسطى المظلمة وما يعني هنا بالهوية الجنوبية المستقلة هو الاختلاف عرقيا عن اليمن أي عدم الانتماء العرقي او الثقافي او التاريخي لليمن.

وخلاصة الكلام تقول ان كل ادعاء بالتفوق تحت أي مسمى او ذريعة ينتهي بكارثة وخراب تمس كل من يدعي بهي ولنا في اليهود والألمان عبرة