السبت ، ٢٧ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٢٣ صباحاً

عرفات والنبش العبثي

يحي احمد
الاربعاء ، ٢٨ نوفمبر ٢٠١٢ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
لم يحن بعد موعد البعث دعوه يرقد فقد حمل البندقية وناضل دهرا، دعوه يرقد فقد تورمت قدماه وهو يجوب الكوكب بحثا عن حل عادل للقضية الفلسطينية ، دعوه يرقد فقد تفطرت اعقابه وهو يجوب اروقة المحافل الدولية والاسلامية والعربية لا تشمتوا بالرجل فقد بح صوته وهو يخطب في كل محفل ومن على كل منبر اينما حل وارتحل فمن الجامعة العربية الى منظمة المؤتمر الاسلامي ومنظمة عدم الانحياز الى الامم المتحدة الى كل الاقطار التي زارها في المغرب والمشرق، دعوه يرقد فقد خذلتموه حيا وها انتم تشمتون به ميتا ، ثمان سنوات على استشهاده فلماذا نبشتموه ؟ هل لمعرفة قتلته فقط !!ام معرفتهم لمعاقبتهم ؟

ان كان النبش من اجل الاجابة على السؤال الاول وهو معرفة القتلة فقط ، فالقاتل معروف وهو لم يتورع يوما ما عن القتل. وقد اثبتت التحقيقات التي اجريت على بعض مقتنياته وملابسه في المختبرات السويسرية انها مشبعة بالبولونيوم المشع والذي تمتلكه اسرائيل ،كما ان التقرير الطبي الذي صدر بعد استشهاده اشار الى ان المرض غريب وغير معروف ،مما يؤكد ان اسرائيل هي من اغتالته حيث كانت غير راضية عن اداءه الاخير ولم تخفي تذمرها منه وقد سعت لإزاحته من الحياة السياسية لتحل محله عباس الوفي الذي ابدى استعداده في التنازل عن حق العودة ، ولكن اسرائيل ازاحته من الحياة كلها .

اما اذا كان النبش لمعاقبة القتلة فهذا العبث بعينه لان عرفات لم يكن القائد الفلسطيني الأول الذي اغتالته اسرائيل ولن يكن الشهيد احمد الجعبري هو الاخير فقائمة ضحاياها من القادة الكبار تطول سواء من حركة فتح او من الحركات الاخرى الاسلامية أو القومية واليسارية ، وسواء كان القادة (الضحايا) من الضفة او من القطاع او من الشتات وسواء كانوا في الداخل او في الخارج في دولة صديقة او عدوه ،فإسرائيل لا يهمها الا الاجهاز على من تعتبره عدوها .

قتل القادة الفلسطينيين هواية محببه للإسرائيلي ودعاية مربحة للأحزاب والطامحين في السلطة .

ياسر عرفات رحمه الله كان وفيا لقضيته الفلسطينية وقد ازعج الكيان الاسرائيلي لأنه لم يكن دمية كخلفه عباس ، لكن اسرائيل لا تكترث للأمر .

فماذا ستفعل فرنسا التي مات عرفات على ارضها والتي هي طرف في التحقيق اليوم وماذا سيفعل المجتمع الدولي و العربي و حتى الفلسطيني الذي يلح على نبش جثة عرفات ، صحيح ان هناك من يعارض نبش الجثة من المقربين للشهيد عرفات ولكن أرملة الرئيس عرفات هي من تلح على التحقيق وقد رفعت قضية امام القضاء الفرنسي فماذا بمقدورها ان تفعل لنفرض ان التحقيقات اثبتت تورط الاسرائيليين_ وهي ستثبت ذلك _بقتل عرفات ،ماذا سيفعلون ؟ لا شيء سوا الادانة والبعض سيقول ان من حق اسرائيل الدفاع عن نفسها.

اذا كانت ارملة عرفات تطمح الى كشف النقاب عن متورطين فلسطينيين ممن كانوا مقربين منه فهذه رغبة مشروعة ودليل على الوفاء ولكن لا اعتقد ان النبش والتحقيقات ستضيف دليلا جديدا غير ما اثبتته المعامل السويسرية الا اذا استطاعوا ان يحددوا بدقة الوقت الذي تعرض فيه عرفات للسم ، فربما يتمكنون من الامساك بخيوط تدلهم على متعاونين فلسطينيين ساعدوا اسرائيل في تنفيذ جريمتها البشعة ،وهنا فقط سيكون للنبش معنى !!

اما اسرائيل فهي تغتال دون حياء او خجل تغتال في السر والعلن تقتل بالمفرد والجملة .