الخميس ، ٠٢ مايو ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٥٣ صباحاً

حُسن الجوار!

د . أشرف الكبسي
الأحد ، ٣١ مارس ٢٠١٣ الساعة ٠١:٥٠ صباحاً

خلافاً لما يسميه البروتوكول السياسي – نفاقاً - بالعلاقة الإيجابية والاستثنائية بين البلدين ، وفي ضوء معطيات الواقع ، والعديد من الشواهد والوقائع ، بات لزاماً علينا ونحن نسعى لإعادة ترتيب البيت اليمني ، القيام بمراجعة موضوعية شاملة - وعلى كافة الأصعدة والمحاور- لتقييم العلاقات اليمنية السعودية ، والكف عن وصفها – اللاواعي – بالأخوية والمتميزة ، من قبيل الاستجداء ، أو الذهاب بعيداً نحو ثقافة الاستعداء !

من السذاجة بمكان ، الارتماء في أحضان الغير ، والتسول ببابه ، ثم مطالبته بالتقدير والاحترام الكامل ، الأمر الذي يفرض علينا التوجه الجاد والصادق نحو الاعتماد على الذات ، وتقليص مظاهر الاحتياج والعوز –لاسيما اقتصادياً– للآخر –إقليمياً ودولياً- قدر الإمكان ، والعمل على إسقاط مكامن (الابتزاز) الواحد تلو الآخر ، وفي مقدمتها ملف المغتربين ، والذي طالما كان وما يزال أداة للمساومة لانتزاع التنازل تلو التنازل ، وبدلاً عن الانفعال العاطفي اللحظي في كل مرة يتم فيها التلويح بطرد المغتربين ، علينا الانتقال من سلبية رد الفعل إلى إيجابية الفعل ، والبحث عن الحلول المتاحة والبدائل الممكنة لامتلاك زمام المبادرة ، وفي إطار خطة إستراتيجية مزمنة ، قد يقررها وبمسؤولية مؤتمر الحوار القائم ، بوصفه – كما يقال - إرادة وطنية جامعة ، وبوصفها أولوية قومية ومصلحة وطنية عليا.!

مع الأخذ في الاعتبار الظروف السياسية والاقتصادية التي نعيش ، ومع اعترافنا بمسؤوليتنا عن الكثير من إخفاقاتنا ، وإيماننا بأننا من نضع أنفسنا حيث يرانا الآخرون ، علينا إيصال رسالة واضحة للأشقاء – شعباً وسلطة - في المملكة ، أننا - وإن لم تكن حكومتنا مؤقتاً كذلك- نُكن لأنفسنا احتراما لا يقل عن احترامنا لهم ، وأننا نؤمن بحسن الجوار كمصلحة مشتركة قائمة على الندية والمنطق العادل ، وأن النقص في إمكاناتنا المادية ، لا يعني نقصاً في قيمنا الوطنية ومثُلنا الأخلاقية. ومتى كانت مفاهيم ، كالأمن القومي والسيادة والمصلحة الوطنية العليا حق يتمتع به جار دون آخر – بل وعلى حسابه - يصبح الحديث عن حسن الجوار أكذوبة لا أكثر، ما يفتح الباب على مصراعيه ، أمام كافة الاحتمالات والتوجهات ، في إطار إعادة ترتيب الدار ، والتي قد لا يمثل فيها (حسن) الجوار الجغرافي أولوية بل العكس تماماً !