السبت ، ٢٧ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٥٠ صباحاً

الرئيس الأسود في البيت الأبيض !

د . أشرف الكبسي
الأحد ، ٠١ سبتمبر ٢٠١٣ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
لا أعرف ماهية الشعور المتولد في نفسك وأنت رئيساً للولايات المتحدة ، لاسيما وأنت خلافاً لكل من سبقك إلى لقب (الرجل الأقوى في العالم) تحمل لقباً خاصاً بك (الرئيس الأسود الأول) ، الأمر الذي يزيد من تعقيدات السياق الحضاري ومنطلقاً للتساؤل الفضولي عن خصوصية ذاك الشعور ، فأنت أقرب ما تكون لبطل رواية هوليودية أسطورية ، تختصر قصتك مستحضرة عنصريتها التاريخية بكلمات: العبد الذي أصبح رئيساً..!

لقد كان يوم وصولك إلى قمة العالم ، مبعثاً لتفاؤل الملايين من المظلومين حول العالم ، وراهن عليك ملايين المقهورين في أرجائه ، فأنت في أعينهم (مظلوم سابق) وقطعاً من موقعك الجديد ، ستنتصر لهم ولمعاناتهم ، ولن تكون كسابقيك ممن أعمتهم منطلقاتهم الفوقية ، عن أبجديات قيمهم الإنسانية والأخلاقية ، رغم حديثهم عنها صبح مساء ، فكانت إداراتهم المتعاقبة ، وسياساتهم المتتالية ، سيفاً مسلطاً على رقاب المستضعفين ، فأباحت لنفسها استعباد وغزو الدول وتدميرها ، ونهب ثرواتها وقتل الشعوب وتمزيقها ، وبحجة دفاعها عن أمنها القومي ، هتكت أمن الأفراد وأمان الجماعات ، وبثت طائراتها في أجواء الدنيا ، تقتل الناس بلا قانون أو عدالة وبلا محاكمات ، حتى مقتتها البشرية بلا استثناء إلا ثلة من المرتزقة والعملاء وأنصار الشر من الحلفاء..!

أيها الرئيس... تلمس في بشرتك السوداء (مارتن لوثر كنغ) وهو يصرخ (دعوني أحلم) ، تلمس في بشرتك السوداء قدرة الله عليك ، وحق البشرية جمعاء في الحياة والحرية والعدالة ، وبعيداً عن القوة والإستقواء ، تلمس في بشرتك السوداء المذاقات المرة لدماء وأشلاء وقهر الإنسان في كل مرة تحدثنا فيها عن الإرهاب ، فهو والله نتاجكم والقاعدة وبامتياز صناعتكم ، ومع حفاظك على أمن ومصالح بلادك ، كف عنا أباطيلك وطائراتك وأساطيلك ، كف عنا صلف حروبك وعته سفرائك ، فإن كنت (مظلوم) سابق ، فلا تكن (إنسان) سابق ، فكما أن لكم حقكم في حلمكم الأمريكي الجميل لنا أيضاً حقنا في حلمنا الإنساني البسيط ..!

أيها الرئيس الأسود في البيت الأبيض ، لقد كنت مصيباً قبل سنوات عندما قمت خطيباً في مراسم تسلمك جائزة نوبل للسلام ، قائلاً أنك لم تفعل ما تستحق عليه تلك الجائزة ، وها أنت اليوم أبعد استحقاقا لها من أي وقت مضى ، وأنت تسعى للانقضاض على سوريا وشعبها ، لتعاقب – كما تقول – نظامها على جرائمه ، وقد نصبت من نفسك قاضياً دولياً وجلادا أمميا ، وقد غاب عنك أيها (المظلوم) السابق ، أنه وإن أجرم بحق أناس من شعبه ، فقد أجرمت أنت ونظامك بحق شعوب الأرض كافة ، وبحق الإنسانية جمعاء..!