الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:١١ مساءً

لكم إقليمكم ولي إقليم..!

د . أشرف الكبسي
الخميس ، ١٩ سبتمبر ٢٠١٣ الساعة ٠٨:٤٠ صباحاً


بعد أن أدهش اليمنيون العالم بتحقيقهم للحلم الوحدوي الأزلي ، يبدو أنهم بصدد إنجاز تأريخي معكوس ومغاير، لم يسبقهم إليه أحد من العالمين ، قد تتضح ملامح كوميدياه السوداء ، في القريب العاجل ، بعد أن ينتهي ربيعهم وحوارهم ، إلى تقليم وأقلمة البلاد والعباد كلياً ، وتقسيمها بالتساوي جغرافياً وسياسياً و... ليصبح لكل فرد إقليمه الخاص ، ولكل (إقليم) علماً ونشيداً مستقلاً ، في تجسيد مبتكر وغير مسبوق للديمقراطية ، وفلسفة تعتمد مفهوم (أنا إقليم إذا أنا موجود).. فبدلاً من أن يحكم الشعب نفسه بنفسه – وهو ما لم يتحقق يوماً - سيحكم الفرد نفسه بنفسه ، الأمر الذي تنتفي معه الحاجة إلى انتخابات طالما كانت مزورة ، وحكومات لطالما كانت فاشلة ، وبدلاً من الإخفاق المستمر في محاولات الحفاظ على وحدة الصف وتماسك الدولة ، والدفاع اليائس عن حدودها وسيادتها المنتهكة ، تتجلى الحكمة اليمانية هذه المرة ، في التدمير الذاتي والمتعمد للكيان الوطني وتحليل المجتمع والدولة إلى العناصر الأولية ، حينها لن يكون على أحد مسؤولية حمايتها أو خجل الدفاع عنها ، وكما يقول المثل الشعبي: إقليم معمور ولا دولة خراب..!

تكمن المشكلة في أن نظرية (التقليم والأقلمة) لابد وأن تصطدم بحتمية حاجة كل إقليم للآخر، لاسيما في إطار الذاتية الواحدة ، مهما بلغت شدة الغضب والنفور، ودرجة الحنق والنزق، والحال في ذلك أشبه بناسك اعتزل الناس في صومعته ، لكنه وبعد حين جلب قطة لتطرد الفئران ، ثم أتى ببقرة علها توفر الحليب للقطة ، ولاحقاً جلب راعياً يرعى البقرة..! ما يعني بالضرورة أن الأقاليم المليونية ستسعى قطعاً نحو التقارب والإتحاد لغاية وجودية ، لتظهر بذلك الإمارات والدويلات والسلطنات في صورها الأسرية والقبلية الأولية والمجتمعية المدنية البدائية ، على غرار: إمارة الحصبة ، مملكة المكلا ، دولة قعطبة ، وسلطنة سنحان... وقد ينتهي الأمر مجدداً ، وبعد رحلة شاقة عبر المكان والزمان والحرمان ، إلى مكونين لا ثالث لهما ، شطر شمالي وجاره الجنوبي ، ليعلنا – بعد أن يدرك الجميع ماضي حماقاتهم وعواقب إخفاقاتهم – استعادة ذاكرتهما الحضارية الوجودية ، استعادة الدولة اليمنية ، ووحدتها الأزلية المصيرية ..!