الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٥٢ مساءً

كل عام وأنتم مسلمون .!

د . أشرف الكبسي
الثلاثاء ، ٠٥ نوفمبر ٢٠١٣ الساعة ٠٨:٤٠ صباحاً
في عامنا الهجري الجديد ، لنعبد الله ، كل كما يريد ، ولنقرأ الدين من جديد ، على أبجدية التوحيد ، فما لنا الوعد ، لا ولا الوعيد ، أما كفانا قرون من الترديد ، وذبح الوريد إلى الوريد ، أنت كافر ، لا بل أنت زنديق..!
أما كفانا هذا القهر ، من العيش تحت خط الفقر ، وعلى أطراف القبر ، والموت في مقتبل العصر..! أما وجدنا أضحية سوانا لأعياد النحر.. أما سئمت عقولنا هذا العهر.. أكلما قمنا نصلي الفجر ، يأكلنا الخنزير ، ويشربنا الخمر.؟

يحدثنا تراثنا الإسلامي البعيد ، وواقعنا القريب ، مراراً وتكراراً ، ومن جديد ، عن نافخ الكير ، في معكوس (التكفير) ، بوصفه سيفاً سله الأقوياء على الضعفاء ، والمجرمون على الأبرياء ، والجبابرة على الأتقياء... من بابه تسلل السلطان والشيطان ، إلى القلوب والأذهان ، حتى أضحى الأخوة أعداء ، وعدوهم زيفاً أقرب الأصدقاء ، واختلط الحابل بالنابل ، فالجهاد يجاهد جهاداً بالمقابل ، وعلى المساجد ، من المساجد ، ألقيت اللعنات والقنابل.. جنون لا يقبله دين ولا عاقل ، كيف لا... أليس المقتول شهيد وكذلك هو القاتل..!

يتجاوز عدد المسلمين في العالم (المليار والنصف) كما تحصيهم أعين غيرهم ، أما حال استحضار التكفير البيني الإسلامي ، بسياقه التاريخي والمعاصر، فإن الرقم الهائل ذاك ، لابد سيتضاءل كثيراً ، ليقترب تعدادهم ، وفي أعينهم ، صوب قيم التلاشي..!
ففي حين يدعي الجميع إسلامهم ، على العموم ، ينفيه بعضهم عن بعضهم ، على الخصوص ، حتى ليكاد لا يوجد فرد مسلم ، إلا رفض إسلامه آخر ، وبما أن (الإجماع) بمعناه الدقيق ، كان ومازال غائباً ، كان توصيف (المسلم) ، وتمييزه عن غيره ، أمراً خلافياً حد التعارض الكامل أحياناً ، ما جعل باب (التكفير) مفتوحاً على مصراعيه ، لدخول الفتن ، وحلول المصائب والمحن.. ما يجعل البحث (العلمي) عن ماهية (المسلم) أولوية قصوى على جدول أعمال الفكر الإسلامي المعاصر..!

أعداء الشيخ والمذهب والطائفة ، ليسوا أعداء الإسلام... فالمسلمين مع إسلامهم يخطئون ، ولهم تحت مظلته ،بعد اقتتالهم ،أن يتصالحون ، ومالم يكن مفهوم (أعداء الإسلام) موجهاً نحو أعداء المسلمين ، كل المسلمين ، على العموم ، لا الخصوص ، كان شعاراً عدائياً بينهم ، وسلاحاً يشهره بعضهم بوجه بعضهم ، عند كل خلاف فكري أو سياسي أو... على قاعدة (أنا مسلم ، إذاً أنت كافر) ، وكل عام ونحن جميعاً مسلمون..!