الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٠٢ مساءً

ومن الحوار ما قتل !

د . أشرف الكبسي
الجمعة ، ٢١ مارس ٢٠١٤ الساعة ٠٨:٤٠ مساءً
لا فرق يذكر بين مدخلات الحوار ومخرجاته ، فالخارجين منه ، فقدوا ذاكرته ، بينما كانوا داخلين إليه ، وإن تسلق بعضهم (موفنبيك) من بوابة المبادرة ، فقد انتهى الجميع إلى المغادرة ، عبر بوابة الطوارئ ، وتحت الفصل السابع.. فهل كان الخطأ والخطيئة في فكرة الحوار ، أو في فكر وصفحة المتحاورين ؟ أم لعله في الرعاة والممولين ، وربما في مقاعد الانتظار ، حيث الوطن ، يحاور بصمت جموع المواطنين ، بينما تثرثر بلا توقف ، مجموعات نخبوية من المتلونين..؟

يقتضي الإنصاف منا ، القول ، بأن الحوار ومؤتمره ، قد نجح بالفعل ، في الحديث عن كل شيء وأي شيء ، مسجلاً رقماً قياسياً ، في استهلاك المعاني ، وتنظيم القاعات ، مع تمديد الوقت والملصقات، وإعادة تدوير الوجوه والكلمات ، بل وبناء دولة مدنية (نسخة ورقية) ، من دوائر حسن النية ، مكعبات الوعود ، ومثلثات التفويض الرئاسية الهزلية..!

جاء الخبراء من أصقاع الدنيا ، لتقديم محاضراتهم (الموفنبيكية) القيمة ، عن كل شيء (حواري) ومشهد نضالي ، عن مانديلا والتجربة الأفريقية ، عن (توم وجيري) والتجربة الدينماركية ، لكنهم أبدوا حيرة استشارية استثنائية ، عند محاولتهم الإجابة على سؤال القاعة اليمنية: كيف تبني دولة عصرية ، بالصفر ومن الصفر ، بأدوات وزعامة حجرية ، وعلى أرض ووجوه صخرية ، خلال عامين فقط ، وربما بضع أيام قمرية قهرية؟

رحل الخبراء إلى عصرهم ، دونما تزويدنا بجهاز يكشف كذب المحاور، وينذر مبكراً بخداعه ، وأجهزة تفضح سوء نواياه ومخاطر قناعاته ، على غرار (اليوم توقيع وغداً أمر) أو (المؤتمر سنة والملقى يوم).. وكان حري بهم تزويد (أعضائنا) بلقاحات ضد التعصب الجاهل ، والفكر المسلح بالعنف والإقصاء ، وأمصال تمحو عن وعيهم القاتم (أنا مسلم إذا أنت كافر) ، (جماعتي هي الدين ، وحزبي هو الوطن) ، (الدين لي بأمر الله ، والوطن لي بأمري) ، (سلاحي بريء مسالم ، وسلاحه عنيف ظالم) .. فعدنا يجرنا المتحاورون إلى سابق عصرنا ، وتحت الفصل السابع ، وقد أدركنا أن النوايا الحسنة ، وقوائم الثورة ، فضيلة مجردة ، لا مكان لها في رذيلة واقعهم المتجدد ، سواء تحاورا أم تحاربوا ، حكموا أم عارضوا ، تدينوا أم تعلمنوا..!

فصل تالي في مسرحية هزلية.. كوميديا بلا أمل ، يؤديها قدامى الممثلين، بلا ملل ، على خشبة الانتفاع الضيق والنفوذ الرخيص.. ليضحكوا بأعلى صوتهم ، كل مرة ، يُسدل فيها الستار ، على هذا الجمهور، وهو ينتظر أهداف الجمهورية ، وصياغة الدستور ، ويبكي منه وله وعليه !