السبت ، ٢٧ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٤٠ صباحاً

رسالة الى الرئيس القادم 5/5

محمد حمود الفقيه
الثلاثاء ، ١٥ نوفمبر ٢٠١١ الساعة ٠٧:٤٠ مساءً
سيادة الرئيس .. كما تعلم سيدي ان لكل ملك حمى ، ولكل دولة حامي ومدافع ، وهذه تتمثل بالدفاع والأمن .

جيشنا اليمني وقواتنا المسلحة الأبية والأمن فاسئلتنا كثيرة حول هذه المؤسسات الوطنية العظيمة ،فلدينا القوات المسلحة والأمن ، فلا نستيطع ان ننكر هذا.

ان من الأسئلة المطروحة على سيادتكم : أولا ماهي المهام التي تقع على عاتق هذه المؤسسات ، وثانيا ما هي مسؤولياتهم الشرعية والدستورية والوطنية .

قامت الثورة اليمنية 26 سبتمبر وكان من أهم أهدافها - بناء جيش يمني قوي - هذا الهدف السامي ،لم يستطع الرئيس علي عبدالله صالح ان يحققه هذا الهدف المنشود في كل الأمم ، لكننا نعول على سيادتك وفي عهدك ونحلم ان يتم ذلك و يتحقق على أرض الواقع ، فكما تعلم. سيدي فقد كنا نسمع من الإعلام الرسمي التابع للحكم العائلي ، كنا نسمع ونرى بأن لدينا جيشا قويا عددا وعدة ، وتبين ان الجيش هذا مجرد ديكورا وزيا عسكريا بمختلف ألوانه .

أوهم النظام السابق الشعب اليمني بأنه عمل على بناء جيش وطني قوي ، والحقيقة عكس ذلك ، فقد سعى الرئيس علي عبدالله صالح في الآونه الأخيرة على بناء وحدات خاصة (الحرس الجمهوري والأمن المركزي )وذلك على حساب الجيش اليمني عامة ، فسخر الرئيس جميع إمكانات الدولة لتطوير تلك الوحدات ، وعمد على تهميش دور المحاربون القدامى كما يسمي الروس المتقاعدون ، فبعد حرب صيف 94 م اتجه الرئيس صالح على بناء وتطوير القوات الخاصة والحرس والأمن المركزي ، وحينها عمد رئيس الجمهورية اليمنية على تهميش القوات المسلحة التي كانت تعمل في الجنوب سابقا ، واقعد أكثر من تسعون ألفا منهم في البيوت من دون عمل ، بل وتم استقطاع مستحقاتهم المالية والتموينية المخصصة ولم يتبقى لهم سوى الاستحقاق الأساسي .

انتشر الفساد في القوات المسلحة والأمن ، ووصل الفساد في هاتين المؤسستين الوطنيتين الى أكثر من %86 عمليات فرار من الخدمة ، وتجنيد القاصرين ، كانت من ضمن ما آلت اليه الأمور العسكرية ، وصل الانفاق العسكري اليمني الى مبالغ هائلة لكن الجندي المرابط في الصحاري لم يكن أكثر حظا مما يحصل في أروقة الإدارات العسكرية ، وفتحت أبواب التهجير الجماعي للمواطنين اليمنيين ، ومنهم من كان ينتسب الى القوات المسلحة والأمن ، فقد غادر الكثير من هؤلاء الوطن متوجهون الى الدول الأكثر أمنا واقتصادا ، بحثا عن ما يسد قوتهم وأبنائهم ، فالعقيد هاجر والرقيب سافر والجندي كذلك ، والغريب في ذلك الأمر ، لم تغادر أسمائهم سجلات الحضور و الغياب ، ولم تسقط ميزانيتهم ألاعتمادية ومخصصاتهم المالية من وزارة المالية ، نتيجة عدم الرقابة والتفتيش ، وعدم الرقابة والمحاسبة .

شرد الكثير من أبناء قواتنا المسلحة والأمن الى دول الجوار بحثا عن العيش الكريم ، فالذي كان عقيدا في اليمن ، أصبح يعمل قهوجيا في خارج البلاد نظرا لطبيعة ظروف العمل الصعبة ، ومنهم من يعمل سواقا الى جانب الخدام الآسيوي ، ومنهم من يعمل في صالات المطاعم ، كل هذه الأمثلة وتلك كان سببها الفساد الذي استفحل في المؤسسات العسكرية والأمنية .

فقد صرفت الميزانيات العسكرية ، ومنها - الميزانية المخصصة للقطاع المعنوي في القوات المسلحة والأمن ، لكنها لم تحدث تغييرا في ولاء الجندي للوطن ، ولم يحقق التوجيه المعنوي أي أثرا يذكر في بنية الجيش المعنوية ، ولم يحقق التوجيه المعنوي الانتماء الذاتي للوطنية أو حتى حب الانتماء في العقيدة العسكرية اليمنية ، ذهبت تلك النفقات والمصروفات أدراج الرياح ، فلو ان تلك المصروفات أعطيت للجندي المرابط ونال نصيبا منها لكان خيرا لنا ولجنودنا ، فزراعة الولاء الوطني حقيقة ليس بالمال .. وإنما من خلال الشعور بالمسؤولية الوطنية عند القائد والزعيم ، فإذا كان القائد العسكري قائدا للفساد وساعيا للمرابحة والاستفادة من منصبة ، فكيف سيكون الجندي وكيف ستكون معنويته تجاه وطنه، وهو يعرف انه حارسا للص وليس حارسا للوطن أو مقدراته ومكتسباته ، ومن هنا فالنتيجة واضحة ، سقطت كل المعنويات وأحبطت كل الهمم في نفوسهم ، حتى تخلوا عن الروح الجندية ، سلب الجندي اليمني حقوقه ، فلم يسلم حتى من سلب سيادته ، وتم استبداله بمرتزقة اجنبية ، وحوصر الجندي اليمني في مهام حراسة الأفندم المتسلط المستبد ،فجاهزيته للذود عن وطنه صارت ضعيفة ،سيما وطوال الوقت يفكر في قوت أولاده .

ان كثيرا مما نستعربه يا سيادة الرئيس ، هو ان الكثير من المنتسبين للقوات المسلحة اليمنية والذين غادروا اليمن ويعيشون في كنف الغربة ، لإزالت رواتبهم تصرف من وزارة الدفاع ، ولازال الكثير منهم درجاتهم تتسلق نحو السماء حتى في غيابهم عن الخدمة والعمل ، ليت شعري .. ولم يحصل هذا الفساد في جميع فوانيس الدنيا كلها ، ولم يحصل هذا الغش للمسؤولية الوطنية إلا في ظل نظام علي عبدالله صالح ، تصور سيدي الرئيس - وأنت أخي القارئ ان أحدا من الذين ينتسبون الى القوات المسلحة ، مغترب في أمريكا، دخلها وهو ملازم في جيشنا اليمني وعاد بعد سنين وقد وصلت رتبته الى عقيد ، أي نظام هذا يمنح ما لا يملك لمن لا يستحق ، وأي نظام هذا الذي كثرت أمواله يصرف المستحقات حتى لأصحاب القبور .

لقد وصل الفساد في قطاع الوظائف في بلادنا الى حد يستحق ان نبذل لإزالته أرواحنا أنفسنا وأموالنا وأبنائنا ، وصل الى حد لايمكن ان تفكر به حتى عصابات المافيا في العالم ، كل هذه التصرفات في حق شعبنا اليمني يستفيد منها المتنفذون من كبار قادة الجيش ، ويستفيد منها أعداء الإصلاح والتطور ، الذين ليس لهم إلا بطونهم وجيوبهم ، انهم بهذا تجردوا من مسؤوليتهم الوطنية والدينية تجاه هذا الوطن الكبير ، ان مثل هؤلاء ليس لديهم شعور بالانتماء الوطني والقومي والشعبي .

وبالتالي فمثل هؤلاء المفسدون لايمكن لأهل اليمن ان يقبلوا بهم ، ولايمكن لليمنيين ان يفسحوا لهم المجال بعد اليوم يعيثوا فسادا في بلادنا الطيبة ، ولا يمكن لكل يمني حر ان يرضى بما فعله هذا النظام بنا ، ألم بنا المصائب و المحن وجلب لنا الفقر والجوع والمرض ، حري بكل يمني حر ان يقاوم هذه المحنة ، وان يخرج من قيود التخلف والتبعية المظلمة ، لقد أدركنا جميعا ان النظام السابق المخلوع ، قسم كل منا الى نصفين نصف الداخل والنصف الآخر بالداخل ، قسم البلاد الى مناطقية ، وقسم الشعب الى فئات وتجمعات ، وقسم المجتمع الى طبقات ووزع اليمينيون الى كل حدب وصوب ، زرع فينا الشتات والفرقة ، ونشر فينا شتى أنواع الحلل والملل ، والله المستعان واليه يرجع الأمر كله