الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٢٣ مساءً

عطش الأمومة ( 10 )

عباس القاضي
الثلاثاء ، ٢٠ نوفمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٦:٤٠ مساءً
الصمت يخيم على المكان ، لا شيء غير الدموع ، والملفت للانتباه أن فاكر كان أكثرهم تأثرا ، لم يستطع أن يكتم مشاعره ،، وهو يتلقى درسا ، كيف يكون الحب .
فقد كان إبراهيم يتكلم ، والشريط يمرأمام فاكر، يرى من خلاله لحظات التودد من زوجته نبيلة ، التي فرط بها استهتارا ، ونكرانا لعواطفها .

مسحوا دموعهم بما فيهم إبراهيم ، إلا فاكر ، فما زال الدموع تسح من عينيه ، وأزيز صدره لم يهدأ .
فاكر ، ما بك ؟ إبراهيم انتهى من كلامه ، قال له الأخ الثاني الأشد ذكاءا ، وأردف أخوه الأكبر : نخشى يا فاكر أن تنهي المشهد بقفلتك المشهورة : أنا أمزح ،،، فضحكوا جميعا بما فيهم إبراهيم ، حتى فاكر نفسه كرع بالضحكة معهم والدموع في عينيه ، قالت له فدوى : هل بكاؤك هذا تأثرا بحكاية إبراهيم ؟ قال لها : حكاية إبراهيم هي الشرارة الأولى التي أشعلت " يباس " غابتي العاطفية ،، فقد كان الزواج في مفهومي ، ليس أكثر من حالة فسيولوجية ،، والبركة في هذه الأسرة الكريمة ، التي كان يقتصر اهتمامها بالكتب وشهادات التقدير .

لقد جاءت نبيلة من أسرة متماسكة عاطفيا ، وهذا لم أعرفه سابقا ، ولكني اكتشفته الآن ، وإبراهيم يحدثنا عن نادية ،، فقد كنت غير مهتم بنبيلة ، ولم أرو عطش عاطفتها ، ولم أراع حنينها إلى الأمومة ، عندما رفضتُ الخلفة بدعوى التأجيل لمدة خمس سنوات ،،، كنت أعود إلى البيت متأخرا ، فأجدها بجانب الباب تنتظرني ، أفسر هذه الموقف بأنه لمجرد أن تفتح لي الباب ،، ولم أدرك أنها كانت محتاجة لي ،، أنام بجانبها ،، وأنا أحضن المخدة .

ونظر إليهم وهو يقف ، كأنه سيقوم بأداء البيان رقم واحد ,, قائلا : ما رأيكم أن أتصل بها الآن وتساعدوني بكلمة منكم تؤكدوا لها أنني قد تغيرت ،، بحيث يكون هذا الاتصال بمثابة انقلاب في حياتنا .

رفع الهاتف ،، ضغط على الأرقام ،، بالطرف الآخر تجاوب نبيلة ،، تكلم معها ،،، اعتذارا ، وعبر لها عن شوقه ووجدانه،، ثم ناول الهاتف لأبيه فكلمها ثم لـ جنى ،، وأخيرا فدوى ،،، وعاد إليه هاتفه ليسمع أجمل عبارة في حياته " على بركة الله " .

أين العشاء ؟ تساءل الأخ الثاني الأشد ذكاءا ، وأردف : وإلا جئنا لنشاهد مسلسل " الحب والدموع " ؟

تبسم إبراهيم ضاحكا من هذه الأسرة الغريبة العجيبة ، التي تشع جمالا وألفة ،،، ثم قال : أشكركم على سعة صدوركم ، فقد أفرغت صدري لأنني وحيد ، لم أجد من يسمعني ،،، أنا الآن أشعر بارتياح بعد هذا البوح ،، ولي رجاء أن يكون هذا العشاء على " حسابي " فأنتم ضيوفي لسابقية وجودي هنا ،،، وتعزيز طلبي لبنتكم المصونة جنى .

فردت جنى كفها الأيسر لتغرس فيه أصابع يدها اليمنى عليه ، علامة الاعتراض ، قائلة : أنا من سيدفع الحساب ،، تدري لماذا يا إبراهيم ؟ حتى أظل أذكرك بهذا العشاء طوال حياتنا ،، وضحكوا جميعا ،،، إلا أن فاكر كانت ضحكته أكبر ،،، لفتوا إليه جميعا ،،، قائلين : هيا ، ما الذي حصل لك يا فاكر؟ قال : فرحا بـ نبيلة زوجتي .