الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٠١ مساءً

اليمنيون في الخارج...والعقـــد الجديد مع الوطن

محمد سعيد الجبري
الجمعة ، ٠٣ مايو ٢٠١٣ الساعة ٠٩:٤٠ صباحاً
كانت الثورة فاصلاً بين عهدين في علاقة اليمنيين بوطنهم، العهد الأول كان فيه اليمنيون يفرون من بلادهم بسبب قهر النظام السياسي والاقتصادي ؛ ولذلك كان خمس اليمنيين تقريباً يعيشون في الخارج ليأكلهم الحنين إلى الوطن، ويقف النظام بينهم وبين وطنهم، ونظر النظام إليهم بعين الشك والريبة على أساس حالة العداء القائمة بين النظام والمهاجرين رغماً عنهم إلى الخارج بحثاً عن الحرية والحياة، أو هرباً من الاضطهاد والمطاردة والتعذيب والتضييق إلى رحابة العيش وآفاق الحرية، ولكن اليمني في الخارج كان يشعر دائماً بأن وطنه يقع تحت احتلال النظام الصالحي.


وكان المواطن في الخارج يشعر بالخوف كما يشعر بما يشعر به اليمنيون جميعاً، ولكنه كان يشعر بالعجز عن إنقاذهم، ولذلك حرمت الأنظمة السابقة اليمنيين من كافة الحقوق، وأحياناً من الحق في أن يرى وطنه أو يتواصل مع أهله، وكان اليمني في الخارج يشعر بالعار كلما رأى وطنه يغتصب كل يوم وتسوء سمعته، لدرجة أن اليمني في الخارج كان يشعر بأن انتسابه إلى (اليمن) سُبَّة يُعيَّر بها، ولذلك انتظر اليمنيون في الخارج مع الداخل يوم الخلاص من هذا الاحتلال، وعندما قامت الثورة اتجهت أنظار الداخل إلى نصفهم الآخر في الخارج، وقام اليمنيون في الخارج بدور أساسي في الثورة، فقد سهروا حتى الصباح يتابعوننا ويبشرون بفجر جديد، ويتظاهرون أمام البعثات اليمنية للضغط على الدول المضيفة حتى تنتصر للثورة، وقد شعر اليمنيون في الخارج ببشائر الثورة وآثارها، فقد تغيرت نظرة الدول المضيفة لهم، وارتفع قدرهم بين الجاليات الآخرى، واشتد فخرهم بأن ثورة اليمنية كانت سلمية حضارية، وأن إرادة اليمن قد انتصرت على النظام البغيض.


ولكن لا يجوز أن نقصر العلاقة بين الحكومة واليمنيين في الخارج على علاقة التقابل في المنافع، فكل اليمنيون يحملون أشواقاً فياضة لخدمة هذا الوطن، وتتمزق قلوبهم لمعاناة وطن كبير، ولا نجد مبرراً لهذه المعاناة. ولذلك لابد من إعداة صياغة العلاقة بين الدولة واليمنيين في الخارج، بحيث يصبحون مع الداخل كلاً واحداً، ولابد من الاستفادة من خبراتهم وعلمهم وأموالهم ورغبتهم العارمة في رفعة وطنهم، فلماذا لا يكون منهم رؤساء الوزارات والوزراء والمستشارون؟ ولماذا لا يمثلون في البرلمان؟ ولماذا لا يُنشئون بنكاً للأفكار والمقترحات والاختراعات النافعة لبلدهم، وبنكاً لتمويل المشروعات؟ إن اليمن ملك لكل أبنائها على اختلاف أطيافهم، ولا نريد مطلقاً أن يتمزق اليمنيون في الخارج على نفس الخطوط التي تمزق بها الداخل، وإنما نريدهم قوة ضاغطة لسد الفجوات واحتواء الأزمات وإنقاذ اليمن في الملمات وأن لا يكون القادم حكراً علي قبيلةٍ أو منطقة لا قدر الله.