السبت ، ٢٧ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٥١ صباحاً

الحل مغادرة امراء الحروب البلاد

عارف الدوش
الاربعاء ، ١٩ فبراير ٢٠١٤ الساعة ١٢:٤٠ مساءً
في عام 1967م خرجت القوى الوطنية وجيش الشعب والمقاومة الشعبية من انتصار غير مسبوق بعد دحر حصار صنعاء وهزيمة القوات التي حاصرتها فكانت قوى أخرى ترى ان انتصار القوى المرتبطة بمد ناصري ويساري في المنطقة يشكّل خطراً عليها وعلى بعض دول الجوار، فجرى التخطيط والتآمر والتنفيذ لسحق القوى الثورية الوطنية المنتصرة بجيوشها ومقاومتها الشعبية جهاراً نهاراً من خلال تكوين معسكرات وجيوش تتبع قوى محددة انتعشت بعد حركة 5 نوفمبر 67م.

وكشفت أحداث مارس 68م في ميناء الحديدة بين قيادة الجيش "عبد الرقيب عبد الوهاب، رئيس الأركان وعبد الرقيب الحربي، نائب رئيس الأركان ورئيس لجنة استلام السلاح الروسي في ميناء الحديدة من جهة وحسن العمري القائد العام للقوات المسلحة وعلي سيف الخولاني، القائد العسكري الموعود من قبل العمري برئاسة الأركان" كشفت أن هناك مؤامرة تحاك ملخصها عدم تقوية القوات والمعسكرات التي انتصرت ودحرت حصار صنعاء.

وفي سياق تنفيذ أجندات مرسومة بدقة في إطار استحقاقات محلية وإقليمية فرضتها مرحلة ما بعد هزيمة 5 يونيو حزيران 67م العربية جرى دفع القوى المنتصرة في حصار السبعين يوماً من خلال مجموعة من الخطط المحكمة إلى المواجهة كون انتصارها ليس في صالح قوى محلية نافذة وأخرى إقليمية ترى في انتصار الثورة اليمنية 26سبتمبر بأهدافها المعلنة خطراً عليها كون اهداف الثورة تدعو إلى تغيير الأساس الإجتماعي للحكم في اليمن وسينعكس ذلك على المنطقة.

فكان رأس القوى العسكرية والمدنية التي انتصرت في دحر حصار صنعاء مطلوباً، فجرى التخطيط والتنفيذ لتصفيتها وفقاً لاتفاقات سرية غير معلنة تتعلق بمحاربة المد الناصري واليساري في اليمن والقرن الأفريقي والمنطقة بشكل عام تبنتها دوائر غربية بالتنسيق مع حلفائها في المنطقة.

وكانت ما أطلق عليه المصالحة في اليمن تقتضي لدى قوى محلية توافقت معها مصالح دوائر غربية وإقليمية أن يتم التمهيد لتلك المصالحة بسحق القوى المعارضة لعودة من حاربوا الثورة ومشاركتهم في السلطة في مختلف مفاصلها، لأن تلك القوى الرافضة عودة الملكيين الذين حاربوا الجمهورية ومشاركتهم في السلطة كانت ترى وفقاً لتحليلها آنذاك أن هذا الأمر سيفرغ الثورة السبتمبرية من مضمونها وسيحول أهدافها إلى مجرد حبر على ورق والجمهورية الى مجرد إسم.

فبدأت ما أطلق عليه المصالحة اليمنية بسحق القوى العسكرية والمدنية التي انتصرت في دحر حصار صنعاء الذي استمر 70 يوماً، ثم عودة كل الذين ناصروا الإمامة وحاربوا ثورة سبتمبر ومشاركتهم في السلطة ماعدا أسرة حميد الدين وتم تدبير المواجهات بين الوحدات العسكرية، المدفعية وقوات المظلات والصاعقة والشرطة العسكرية من جهة وبين قوات المدرعات وألوية أخرى تم تكوينها خارج إطار هيئة الأركان العامة للجيش.

كما سمح لرجال القبائل المجاورة لصنعاء بالدخول إلى العاصمة، فسالت الدماء في شوارع العاصمة صنعاء وجرت التصفيات للقادة والضباط والجنود وأفراد المقاومة الشعبية وتم استهدف الطرف المنتصر في دحر حصار السبعين يوماً في «أحداث أغسطس 68م الدامية» فتنادى بعض الوسطاء من الطرفين المتقاتلين وبدأت عملية الوساطات والمفاوضات وطرح الحلول.

ما علينا من التفاصيل فهي مكتوبة وبعضها في صدور ومذكرات المشاركين فيها، المهم انه في لحظة فارقة توصلت الأطراف المعنية في البلاد إلى حل للخروج من مأزق أحداث أغسطس 68 الدامية في العاصمة صنعاء ملخصة خروج كل قادة الأطراف المسئولة عن تفجير الأوضاع عسكرياً الى الجزائر، فتم وضع الكشوفات وحدد القادة والأشخاص المطلوب خروجهم من البلاد باعتبارهم مسئولين عن تفجير الأوضاع في العاصمة.

فتم تنفيذ حل الخروج لقادة الوحدات العسكرية وكبار الضباط من الطرفين المتقاتلين في العاصمة صنعاء إلى الجزائر، فعاد ضباط أحد الطرفين إلى القاهرة ومنها إلى صنعاء، وعاد بعض ضباط الطرف الآخر من الجزائر إلى القاهرة ومنها إلى عدن في جنوب الوطن وهذا الحل أوقف النزيف ورتب الأوضاع في صنعاء وإن كان لصالح قوى محددة وصلت آنذاك إلى الحكم بعد حركة 5 نوفمبر 67م، فتمت ما أطلق عليها المصالحة اليمنية آنذاك بإقصاء طرف يمني كان يناضل من أجل تجذير ثورة سبتمبر وتنفيذ أهدافها عملياً على أرض الواقع.

نفس الحل خروج المتقاتلين في صنعاء طرح بعد تفجير ثورة 11فبراير 2011م وانقسام الجيش بانضمام قوات الفرقة الأولى مدرع بقيادة الجنرال علي محسن صالح إلى ثورة الشباب، خوفاً من مواجهات بين قوات الفرقة والأمن المركزي والحرس الجمهوري حينذاك، فتم تداول مقترحات بخروج قادة وضباط المتقاتلين في صنعاء أو غيرها إلى خارج اليمن، إلى دول أخرى.

واليوم يجري الحديث عن قرب أنصار الله من العاصمة صنعاء بعد أحداث حاشد «العصيمات وأخواتها وتفجير منزل الشيح الأحمر في الخمري وطرد أولاده من حاشد ومناوشات أرحب»، وهذا يعيد الأجواء إلى ما قبل أحداث اغسطس 68م في العاصمة صنعاء لكن هذه المرة إن وصل أنصار الله «الحوثيون» إلى العاصمة صنعاء في سياق ما يسموه « الفتح أو استعادة الحكم أو الملك» فستكون العاصمة صنعاء مسرحاً لحرب شوارع أو حرب عصابات سوف تستخدم فيها الأسلحة الثقيلة «مدفعية ومدرعات» شبيهة بتلك التي استخدمت في أحداث اغسطس الدامية عام 1968م.

وأخيراً: قبل أن تقع الفأس في الرأس فإنه يتحتم على كل العقلاء الوطنيين ورعاة التسوية في اليمن أن يقترحوا حل خروج قادة كافة الأطراف المتحاربة في اليمن إلى خارجها وهم يعرفون الدول التي سيختارونها وعلى مجلس الأمن أن يرعى تنفيذ هذا الحل، والبدء بسحب سلاح أمراء الحروب في اليمن وهو ما سيجنّب اليمن الإنزلاق إلى حرب أهلية مذهبية لا سمح الله لا تبقي ولا تذر، وسيمكن أية حكومة قادمة من تنفيذ مخرجات الحوار وتحول اليمن إلى دولة مدنية حديثة. اللهم إني بلّغت اللهم فاشهد.