الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٠٤ مساءً

الطفولة تُغتال في اليمن

جبر الضبياني
السبت ، ٠٦ ديسمبر ٢٠١٤ الساعة ٠١:١٢ مساءً
في صبيحة يوم الاربعاء الفائت بينما انا امر من الشارع المؤدي صوب جامعة صنعاء لحضور محاضرتي لمحت طفلاً لا يتجاوز السابعة من عمره ويظهر من ملامحه الشاحبة وثيابه المتسخة وشوالته المتكدسة بالعلب الفارغة بانه طفلٌ بلا عائل أو ان ابيه عاجزٌ عن العمل فمهما يكون السبب الا ان خروجه في ذلك الوقت لم يأتي من فراغ وانما لضرورة قصوى وخاصةَ أن ذلك الوقت يُخيم عليه البرد القارس .

في ذلك الوقت لم يتبقَ لمحاضرتي سوى ربع ساعة وبينما انا مهرول الى قاعة المحاضرة جرى حوارٌ بيني وبين نفسي عن ذلك الموقف المؤلم وتساءلت بقولي : لماذا لا يذهب الطفل الى المدرسة كي يأخذ حقه في التعليم؟!

أخذت نفساً عميقاً ومع هذا النفس تذكرت ما اخذت في محاضرتي السابقة والتي تتكلم عن الضرائب لأن المادة التي استذكرت محاضرتها هي نفس المادة التي سأحضر لها وهي "محاسبة ضريبية" فرجعت الى الحوار مع النفس بعد الاستذكار وقلت : ما فائدة وجدوى فرض ضرائب ورسوم على المواطنين ؟!

الضرائب تؤخذ مقابل تقديم خدمات ٍ للعامة من ضمن هذه الخدمات توفير مدرسة ومقعد دراسي لذلك الطفل وغيره من الاطفال لكن هذا الطفل ومئات الاطفال لم يجدوا مقعداً دراسياً ولم ينالوا حقوقهم في التعليم .
خرج ذلك الطفل من منزله صباحاً كي يبحث عن لقمة يسد بها رمقه فيما حقوقه تم سلبها من قبل أصحاب الكروش المتخمة بالسلب والنهب لم يكتفوا هؤلاء الاوباش بإيرادات النفط والغاز بل تجاوزوا الحدود وعبروها لسلب الطفولة .
هؤلاء – الاوباش- يُدّرسون ابناءهم في افضل المدارس بينما الآخرين ينتشرون في الأرصفة لا يجدون مقعداً دراسياً . في بلادنا هناك طبقتين بارزتين طبقة ثراءها فاحش واخرى فقرها ساحق هذا ليس معناه ان نظامنا رأسمالياً كما يحلوا للاشتراكيين تسميته بل انه نظامٌ لا اسم له لأنه ببساطة يطبق سياسة التجويع والتجريع .

نعود الى الطفل الذي هو محور قصتنا ..الطفل ركض كي يبحث عمَا يسد به رقمه وانا تحركت باتجاه الجامعة ووصلت الى قاعة المحاضرة واثناء ما يشرح الدكتور الدرس عاد المشهد السابق مرة اخرى وتخيلت الطفل أمامي اسهب الدكتور في الكلام عن الضرائب يتحدث الدكتور كلاماً جميلاً لكنه تنظيري بينما الأمر الواقع شيئاً آخر قلت لنفسي كيف يكون الكلام سهلاً ومثالياً حينما يكون تنظيري ؟!
قد نكتب قوانين وقواعد مثالية ولكن اذا كان هناك تقاعس في التنفيذ فلا جدوى منها كذلك هي الضرائب لا جدوى منها مادام والأطفال لا يأخذون حقوقهم ولا ينالوا ما اقره الشرع والقانون .

الدكتور يتكلم وكأننا في المدينة الفاضلة بينما على أرض الواقع نحن نعيش في دولة ظالمة !