الخميس ، ٠٢ مايو ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٥٠ صباحاً

ترانيم وجدانية ,,, من وحي الثورة

عباس القاضي
الاثنين ، ١٤ نوفمبر ٢٠١١ الساعة ١٢:٤٠ مساءً
في مسيرة الانتصار لتعز المكلومة التي تئن ألما وجرحا من الطاغية وأعوانه, بعد أن كان اسمها الحالمة يوم أن كان صعلوكا يتسكع في شوارعها.

فمن تعز خرج الفضول الشاعر, وأيوب الفنان, وقالا : ليت والأيام توفي الوعود **** شاعطِّر الدنيا بعرف الورود.
.

هذه البيت الذي لا أظن أن هناك بيتا من الشعر توازيها في تجسيد نظرة الحب والتفاؤل والفرح والأماني ,لا في قديم الشعر ولا في حديثه.

حيث بلغ به حب العالم كله بجباله وسهوله ووديانه ومحيطاته.
ولعلكم تتصورون معي والكرة الأرضية معلقة في الفضاء ثم يؤتى بورود

تسع الأرض حجما وشكلا فتُـدنَى منها وندع الظاهرة الطبيعية في دوران الأرض تدور حول نفسها والباقة ثابتة تحتها حتى يكتمل الدوران ليعم رائحة الورد الأرض كلها ,ولعل أول بقاع الأرض حضا لهذا الورد هي تعز. لأن تعز مدينة الكاذي والريحان, تعز مدينة العصفور على أشجارها , والعصفور(الهُرُد) على وجوه نسائها, مدينة الثقافة والأدب والفن وقيم التسامح.
هذه أماني أبناء تعز للعالم بأسره, قابلها الطاغية ,التي علمته كيف يأكل وكيف يلبس, فانتدب لها الثلاثي الكريه قيران والعوبلي وضبعان ليسوموها سوء العذاب يقتلون رجالها ونساءها وأطفالها,,حتى المستشفى الذي بنته الصين جعله ثكنة عسكرية يقصف منه المستشفيات والمراكز الصحية الذي بناه أبناؤها ليقوموا بالدور الغائب للدولة التي ادخرت مقدرات البلد لشراء قذائف وصواريخ لقتلهم.

نعود للمسيرة التي انطلقت من ساحة التغيير في الجامعة مرورا بالستين فالزبيري حتى جولة النصر ومن ثم العودة إلى الجامعة, لم استطع قبل بدأ المسيرة أن أخترق شارع الستين لعدم سماح الأجهزة الأمنية بذلك وقفت أمام الخارجية في انتظار المسيرة ومن ثم المضي معهم, وفعلا رأيت كتائب الاستطلاع تصل وهم من الشباب يتمنطقون قمصانهم على خصورهم وصدورهم عارية رغم البرد القارس, إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا, يمشون بأسلوب عجيب غريب كأنهم في رقصة الباليه حركة وسرعة, وهؤلاء يستطلعون رد فعل القتلة والمجرمين , وكل واحد منهم يعتبر نفسه مشروع شهيد, ويهتفون بصوت تحس فيه بالروعة للمحب وللكاره فكيف يكون ذلك ؟

يكون روعة وجمالا وبهاء للمشاركين في المسيرة من شباب الثورة ويكون روعة ورعبا وخوفا لأولئك البائسين والمبلسين من بقايا النظام.

فلما لم يجدوا ما يحذرون, وقفوا لانتظار المسيرة ,انضممت للقافلة نردد الشعارات كلها تندد بمجازر 11/11/2011في تعز والذي ذهب ضحيتها 17 قتيلا وأكثر من 50 جريحا بينهم نساء وأطفال, والذي طلع فيها نائب وزير الإعلام الذي اتفقنا على تسميته ب "القمعري" بتصريح عجيب تارة يبرر قتلهم وتارة يقول : هم من قتلوا أنفسهم ! ولم يكلف نفسه أن يسأل أحدا من المحايدين وينتظر تقرير الأمن ثم يجمعهما ويقسم على اثنين ليكون خطابا معتدلا ,وربما اعتمد في تصريحه, بناء على تواصله مع ابنه الذي لا يشبهه شكلا وإنما يشبهه سلوكا صاحب " الكيس الدعاية " المذكور في بصمات وجدانية.
نعود للمسيرة ونحن نردد الشعارات بعد خطوات رأيناهم جنود أمن وحرس عائلي في جولة عصِر – الزبيري, مصطفين كأنهم حارة شرف يستقبلون الأبطال ولم يحالوا الاعتداء علينا هذه المرة ربما لوجود جمال بن عمر في صنعاء, وكنت أرى الدهشة في وجوه هؤلاء الجنود وكان بعض المتظاهرين يمدون أيديهم لمصافحتهم فرأيتهم يتجاوبون وكان نظرة أحدهم صوبي وكأنه يستحثني على مصافحته, مددت يدي فصافحني وكذلك الذي بجانبه حتى مررت عليهم جميعا, ولكن عندما صافحتهم وجدت أنهم كانوا يضعون أكفهم في مستوى الركبة من أقدامهم خوفا أن لا يراهم أحدا أو تلتقط لهم صورة وكانوا يتمتمون بكلمات تدل على الرضا بما نفعل ولكن بخوف وذلة, حينها تذكرت هتافات أسود الشام في سوريا " الموت ولا المذلة ", وعند نهاية الصف رأيته وكان الوحيد الذي ينغص صفو مسيرة هذا اليوم, كان يتكلم من خلال مكبرات الصوت وهو بداخل المصفحة كان يقول:من حقكم يا شباب التظاهر فنحن نقدر أنكم مساكين مغرر بكم, انتبهوا للأوغاد الذي بينكم فتأكد لي ما كنت أشعر به عن دأب النظام للتفريق بين المعتصمين ونعتهم بأوصاف مختلفة فهذا مغرر به وذلك وغد لكني حينها تمنيت أن أكون ذلك الوغد الذي وصف, فكم سأكون فخورا عندما يشتمني مثل هؤلاء.

لأنه ورد في الأثر أن السنة الناس أقلام الرحمن, وأنا من وجهة نظري أن السنة هؤلاء هم المسَّاحات للخطايا, يقولون هذا مع أن المتظاهرين يحملون اللافتات ويرددون نفس الشعارات " يا علي عطف فرشك من تعز يسقط عرشك" و " يا علي يخرب بيتك تعز هي اللي ربيتك" , ولكن الغريق يتعلق بقشة !