الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٠:١٠ صباحاً

من مستشفى الكرامة ثورة لحفظ الكرامة..

جلال الدوسري
الأحد ، ١١ نوفمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٦:٤٠ مساءً
إلى روح فقيد التسيب والإهمال الطبي العزيز/ عمار نجيب الجبيحي الذي أزهقت في مستشفي الكرامة بتعز..
-----------------------

- في مستشفى الكرامة بتعز؛ حيث إمتهان الكرامة..

- في مستشفى الكرامة بتعز؛ يتم إستقبال الزائر- الموّدِف- بإصطناع أكبر إبتسامة, وبمجرد أن يودف أكثر ويدفع قيمة الفاتورة يتحول وهو الإنسان إلى مجرد قمامة..

- في مستشفى الكرامة بتعز؛ واهمٌ من يذهب إليه يبحث عن السلامة.. وواقعيٌ هو من بمجرد أن ينوي الذهاب للتشافي فيه يقول لأهله مع السلامة..

- في مستشفى الكرامة بتعز؛ لا تتوقع قبل الذهاب للتشافي فيه إلا أنك ستفقد فيه الكرامة, وأنك سوف تترك لأهلك ومحبيك من بعدك الحسرة والندامة..

- مع مستشفى الكرامة لا داعي لإنتظار قيامة القيامة... هم يقيمون قيامتك بمجرد أن تطأ بقدمك عتبة باب المستشفى..

- في ظل موت الضمير وإنعدام الأخلاق وغياب المسئولية وإضاعة الأمانة... في ظل تجرد الإنسان من الإنسانية بتحوله مع الطمع والجشع في تعامله ومعاملته إلى العدوانية... وفي ظل إنعدام الرقابة الذاتية قبل الرقابة الحكومية على المستشفيات الحكومية والخاصة...

- في ظل قلة وعي الناس وعدم إهتمامهم بما يمكن أن يضرهم أو ينفعهم, وعدم إدراكهم لضرورة البحث والتقصي حتى التأكد من ما يمكن أن يكون به شيء من المثالية بالنسبة لهم, حيث مازال الناس يُبهرون ويغترون بكل ماله بريق بما يشاهدون عنه ويسمعون به بمجرد إعلان على شاشة أو صحيفة أو حتى على جدار زريبة بقر أو صندقة حمار.. وما أكثر إعلانات مستشفى الكرامة بتعز عن نفسه حتى تخاله وكأنه مجزرة فيها من اللحوم ما يخشى أصحابها كسادها في ظل إنعدام الزبون..
- وفي ظل أن المستشفيات والمستوصفات والعيادات الخاصة قد أصبحت أكثر حتى من عربيات بيع البيض والبطاط وتعمل دون رقيب ولا حسيب, ودون أن يعلم أحد- سوى الله- مستوى كفاءة وقدرة من يقدمون الخدمات للمرضى المودفين والمجبرين إليها..

- وفي ظل أن تجد البعض من الأطباء ممن يتصفون بملائكة الرحمة وقد تحولوا إلى شياطين بأن تكون أناملهم خناجر وألسنتهم سكاكين, فلا تملك وأنت شبه المسكين إلا أن تتمتم وفي القلب ألم وحسرة لتقول: يارحمتاااااااااااااااه لحالة المساكين..

- في ظل الإهمال وعدم الإحترام... اللامبالاة وعدم الإهتمام...
- في ظل الجشع والطمع الراسخ في نفوس البعض مِن مَن قُدِّر لهم أن يكون بأيديهم مصير كل ذي حاجة إلى التداوي والتشافي..
- في ظل كل ذلك وأكثر من ذلك؛ لا غرابة ولا عجب أن تقرأ أو تسمع أو تعلم وبشكل شبه يومي عن حالات تجعلك تصاب بالدوار من شدة الحزن والأسى, وإن كان بك مرض تجعلك تنكر لنفسك أن بك مرض وأنت تُحرِّم الذهاب لأي مستشفى أو عيادة..وهي الحالات التي يتم عنونتها دائماً بأنها ((نتيجة خطأ طبي)).. ومنها حالات وفاة... بتر عضو سليم وترك العضو السقيم...
ووووووووووووووو... ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..
- يوم الإثنين الفائت دخل إلى مستفنى الكرامة بتعز الشاب/ عمار نجيب علي أحمد الجبيحي على أساس أن تجرى له عملية بسيطة هي لمجرد إزالة لحمية بالأنف.. أُدخل غرفة العمليات فأخرجه منها بعد وقت إثنين من عمال النظافة بالمستشفى يسبقهم على عجل الطبيب الذي أجرى العملية دون أن يكلف نفسه الوقوف حتى لثانية واحدة للرد على إستفسار الأقرباء وطمأنتهم عن الحالة وهو بلا شك كان يعلم أن الحالة مأساوية وهو مرتكبها بحق قريبهم.. وفي غرفة الرقود وقف الأقرباء إلى جانبه في إنتظار أن يفيق من أثر التخدير لكنه لم يفق إلا برجفةٍ واحدةٍ كانت هي رجفة الموت... الموت الذي حل نبأه كالصاعقة على أهل عمار وعلى كل من عرف عمار وسمع عن عمار وأحب عمار..

تم نقل جثته إلى ثلاجة الموتى بمستشفى الثورة العام وإليه أُحضر الطبيب الشرعي الذي قام بتشريح الجثة وأثبت وأكد في تقريرة أن الوفاة ناجمة عن نزيف دموي حاد تغلغل إلى أعضاء الجسم وبلغ حتى الدماغ وذلك من نتيجة أن وضعية الجسد أثناء إجراء العملية لم تكن هي الوضعية الصحيحة وهو بدون أدنى شك خطأ أرتكبه ((الطبيب الذباح)) الذي قد يكون كان يعلم أو لا يعلم أنه بإهماله وإستهتارة سوف يزهق روح بريئة ما كان لها أن تُزهق..

- في الأخير؛
لن يكون من العدل والإنصاف أن ينتهي الأمر بمجرد إعتذار من إدارة المستشفى والطبيب, ولا حتى بفصل الطبيب وإيقافه عن العمل..

- وكذلك لن يكون من الوفاء والإكرام أن يقبل أقارب الفقيد بذلك أو بمجرد مبلغ من المال كديةٍ ليتبرعوا به لعمل خيري..

- أعرف جيداً أقارب الفقيد وهم من الإباء والعزة والكرامة مالن يجعلهم يساومون ولا يقبلون بأي عرض يثنيهم عن إحقاق الحق.. وأنا على يقين أنهم لا ينظرون إلى ما حدث للفقيد الغالي ويتعاملون معه على أساس أنه حالة خاصة, بل هي بالنسبة لهم كما يجب أن تكون قضية عامة لن يكون التساهل معها أو التهاون بها, وأن لا بد أن يكون هناك محاسبة وعقاب رادع للجناة حتى يكونوا عبرة لغيرهم.. وليس هناك من عقاب يتم القبول به أقل من أن يغلق المستشفى ويتم سجن الطبيب الذباح وتجريده من شهادته إن كان لديه شهادة مع حرمانه من ممارسة العمل في هذا المجال بشكل نهائي..

- وإن يكن من التخاذل الرضوخ بدعوى أن لا سلطة ولا نظام ولا قانون يمكنهم من أخذ حقهم؛ فإني أذكرهم بأن ثورة الشباب مازالت مستمرة- وهم جميعاً ثوار أحرار- وعلى أساسها يمكنهم إستخدام شرعية الثورة والذهاب بفعل ثوري إلى مبنى المستشفى وإغلاقه بالشمع الأحمر والأبيض والأسود كأقل ما يمكنهم القيام به..

- لنرفع إسم الفقيد الغالي/ عمار الجبيحي عالياً ... وليكن عمار الجبيحي عنوان ثورة أخرى تخصصها إصلاح الوضع الصحي في البلد بشكل عام.. وليكن عمار الجبيحي اللبنة الأولى في هذه الثورة مادام وقد ذهبت روحه البريئة نتيجة اللامبالاة ونتيجة الإهمال الطبي, وهنا لا بد من التركيز على أن هناك فرق شاسع بين أن نقول خطأ طبي وأن نقول إهمال طبي وفقدان العزيز عمار وغيره الكثير كان نتاج إهماااااال طبي..

- كل الذي أدعو أقارب الفقيد إلى القيام به هو حق شرعي وواجب أخلاقي وعمل وطني, ولا أعتقد أن هذا يتعارض أو يتنافى أبداً مع إيمانهم العميق بأن ما حدث كان قد قضى به وقدره المولى عزَّ وجل..

- رحم الله الفقيد الغالي.......... ولا عزاء في ضمير الأطباء الذي مات...