الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٥٦ صباحاً

المجلس الوطني ليس لإدارة الدولة

سمير الشرجبي
الاربعاء ، ١٧ أغسطس ٢٠١١ الساعة ١١:٠١ صباحاً
بعد أكثر من سبعة أشهر على إندلاع ثورة الشباب اليمني وشيوخه رجاله ونسائه مدنيينه وعسكره قبائله وحضره ، لا يزال الثوار معتصمين في الساحات على إمتداد اليمن كلها ولاتزال الثوره مشتعله إلا أن الحسم النهائي لم يحدث بعد . . فلماذا؟؟

يحق لنا ان نتسائل فبالرغم من ان اركان النظام وفي مقدمتهم الرئيس السابق ورئيس الوزراء السابق ورئيس مجلس النواب السابق ورئيس مجلس الشورى السابق وأهم معاونيهم في الدوله والحكومه بالرغم من انهم جميعا قد غادروا إلا أن النظام لم يسقط بعد فلماذا؟
وكيف تدار أمور الدوله وقد غادر كل هؤلاء إلى احضان الأم الحنونه التي اتت بهم ورعتهم . . ولصقت ورقعت ورقدت وقيمت واكلت وشربت؟؟؟

الرد وبكل بساطه يمكن ماقشته من ابعاد مختلفة, فالجزء الشمالي من اليمن عاش طوال عمره وهو يدار بواسطة عصابة وليس مؤسسات ، وبعد حرب 94 كرست تلك العصابه جهودها لضم اليمن الموحد إلى أحضانها مع إضافة بعض الرتوش عليها بوجوه جنوبيه ولهذا فإن غياب قادة مؤسسات الدوله لا يعني ابدا غياب تلك العصابة المتحكمه بالدوله .
سيطرة هذه العصابة على الحكم هو سر فشل الدوله اليمنيه بالرغم من وجود العديد من الكفاءات اليمنيه والذي لايختلف عليها إثنان في الوزارات المختلفه ومؤسسات الدوله .
كما ان الحضور الأسري الحاكم والمسيطر على الجيش اليمني وأمنه الخاص والقومي والعام والذي ترسخ بعد الإنقلاب على الوحده في 94 لتنتقل السلطه من بعدها إلى أبناء وإخوة وأبناء إخوة صالح أو ما سمي ((مملكة صالح)) .
للحديث عن كيفية الوصول الى هذه الحالة من التمكن والسيطرة يجب عليا ان نعود الى بدايات علي صالح وكيفية وصولة الى السلطة وما خلفه ورائه من انتكاسات اوصلتنا الى واقعنا اليوم ققد عمل الرئيس السابق على ترسيخ ذلك عبر التصفيات الدموية التي استهل به حكمه (ومن قبله الغشمي) والتي بدأت بإغتيال الرئيس الشهيد الحمدي وأخيه المقدم الشهيد عبد الله الحمدي - قائد قوات العمالقه ، وكذا صفوت القادة الأنقياء الشرفاء أمثال الرائد علي قناف زهره والرائد الشمسي ورفاقهم والذين لاتزال جرائم إغتيالهم في حكم المجهول المعلوم ،مرورا ايضا بالقضاء على قوات المظلات وقتل وتشريد قاداتها وعلى رأسهم الأخ المناضل الرائد عبدالله عبدالعالم .
لم تكن تلك خاتمة التصفيات فهناك ايضا ما حدث من تصفيات وإعدام ميداني للقادة العسكريين لحركة 15 اكتوبر الناصريه في 78 أمثال الشهيد أحمد مطير- اركان حرب الكتيبه الأولى مدرع في اللواء السابع مدرع ، الشهيد عبدالواسع الأشعري - المدرس في الكليه الحربية ، الشهيد حسن منصر - قائد الكتيبه الأولى مدرع في اللواء السابع مدرع ، الشهيد محسن فلاح - أركان حرب قوات الشرطه العسكريه ، الشهيد مانع التام – القائد في الاستطلاع الحربي ، الشهيد مهيوب العرفي - قائد اللواء الثالث بقوات الوحدات المركزيه ، الشهيد عبدالعزيز رسام - قائد لواء المدفعيه بقوات الوحدات المركزيه ، الشهيد محمد الفليحي - مدير الشرطه العسكريه ، وغيرهم من من شرد وطورد أمثال المهندس حاتم ابو حاتم وعلي الحبيشي ومحمد الكهالي ورئيس المجلس العسكري للحركه المناضل اللواء نصار علي حسين .

كانت الوحده اليمنيه تحقيقا لحلم اليمنين الذي طالما ناضلوا من اجله اما بالنسبه لعلي صالح فقد كانت الوحده بمثابة زيادة لمساحة رقعة الارض التي يملكها و يحكمها ، وكانت ايضا دعما جيدا لإنقاذ نظامه في الشمال الذي كان قد وصل مع نهاية الثمانينات إلى منحدر كبير من الفساد والتعسف ، منحدر كاد ان يشعل ثورة حينها .
مع الأسف دخل إخواننا في النظام الجنوبي الوحده وسلموا الراية لعلي صالح وآل سعود وحزموا أمتعتهم ليبحثوا عن شقه هنا او فيلا هناك في صنعاء عاصمة الوحده وتركوا عدن وبقية المحافظات ساحة للنهب المنظم من قبل صالح وأعوانه .

دخل إخواننا في الجنوب الوحده بمصداقية متناهية و سلموا علي صالح كل شيء حتى أتت حرب 94 فسلموه ما تبقى من جيش وطني فسرح قادته وشرد اكبر الكفاءات في الشوارع ، إضافة الى خروج قيادات الجنوب خارج اليمن بعد اعلان انفصال مشؤوم اعطى قوة لعلي صالح لم يحلم بها يوما , ليحكموا من بعد خروجهم هذا على انفسهم وعلى اليمن ككل (شماله وجنوبه).
لقد وصل انحطاط الدولة الى ادنى مستوى له عبر التاريخ الحديث فاستشرى الفساد والمحسوبية والرشوة وسرقة للمال العام وإستغلال النفوذ وتم ضرب القضاء وفقد القضاء استقلا ليته وضربة التعددية واصبحت صورية كما قيدة حرية التعبير وغيبت الأحزاب وأصبح العمل السياسي والأعلامي صوريا , عملا بمبدأ ( قل ما تريد ونحن نعمل ما نريد ) .

بعد سقوط عدن في أيدي صالح واعوانه كبر الأولاد فقام صالح بالإنقلاب على أقرب المقربين إليه ابتداء بعشيرته ، حيث قام بالتصفيات والتنقيات لقيادات الجيش والأمن والتي شملت حتى اصهاره وانسابه ومن انقذوه ووقفوا بجانبه وحموه .
بالاضافة الى ذلك استحدث قوات خاصه وأمن خاص كي يحكم قبضته على مملكته المنشودة ووصل به الغرور اوجه حينما قام بانقلابه على حليفه التاريخي وشيخه - الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رحمه الله وإنقلابه ايضا على أبناءه من بعده لينصب بذلك نفسه ملكا بلا منازع .
لقد كان للاخوة في الحراك السلمي السبق في الخروج الى الشوارع في مسيرات واعتصامات مطلبية في اساسها رفضا للضلم والحيف الذي تعرض له كل القادة العسكريين والكفأت بعد حرب 94 حيث وجدوا انفسهم مسرحين ومتقاعدين قبل الاوان يستلمون فتات لا يكفي ابسط الاحتياجات الاسرية بالاضافة الى الاحساس بالقتل باخراجهم من مواقعهم الطبيعية في صفوف القوات المسلحة والامن.
لقد سبق اخواننا في الحراك حتى الثورة التونسية بخيارهم السلمي وقام نظام صالح بقمع هذا الحراك امنيا وعسكريا فقدم ابنا الحراك مئات الجرحى والقتلي الذين سقطوا على طريق هذه الثورة المبكرة.
مع الاسف دخل في اوساط الحرك من يعتقد ان رفع شعار فك الارتباط هو الحل وهنا لا يمكن ان ننكر ان نظام صالح هو المستفيد الحقيقي من هذا الانحراف بل يعتقد انه كان بطريقة مباشرة او غير مباشرة وراء هذا التحول في بعض مكونات الحراك ولذى فان هذه الثورة ببعدها الانفصالي لم تلقى تجاوبا شعبيا من كل اليمن بل بقى هذا الحراك محصورا في بعض مناطق الجنوب.
بالاضافة الى ذلك فان ماقدمه اخواننا في صعده من تضحيات في مواجهتم مع النظام صالح بل وقدم فيها الجيش والشعب ألااف الضحايا في حروب عبثية ستة لم تستطع ان تصل فيها مظلمة الاخوة في صعدة الى عموم اليمن لعدم وضوح نوعية الصراع ولا اهدافه بالاضافة الى افتقاره للبعد الوطني الشامل.
واليوم خرج الثوار بعد أن فشلت كل مساعي التغيير من الداخل والإصلاح عبر الإستجداءب تارة والمساومه تارة اخرى والتي إنتهت إلى الهبة الشعبية التي دعى لها المشترك بعد أن فشلت كل مساعيه ايضا للحوار الوطني ولجان الكذب التي شارك ووافق عليها النظام لتمرير كل مشاريعه بل وايضا وصل بهم الاستهتار حد ما اصطلح عليه (قلع العداد) .

خرج شباب الجامعة من صنعاء يوم 15 يناير في تظاهره تأييدا للثورة التونسية وقد رفع فيها المتظاهرين شعارات التغيير وتلتها بعد ذلك مسيرات ومواجهات عده مرورا بتاريخ 3 فبراير بخروج المشترك لساحة الإعتصام أمام جامعة صنعاء مع بعض الشباب في الساحة هاتفين (الشعب يريد إسقاط النظام) ، وصولا إلى المحطة الفاصلة بخروج الثوار ليلة سقوط فرعون مصر في 11 فبراير بمسير من امام جامعة صنعاء إلى امام السفارة المصرية تأييدا للثورة المصرية ، وبعد عودة الثوار إلى ساحة الجامعة نصبت أول خيامهم أمام مدخل الجامعة ، جاء ذكك تزامنا مع خروج ثوار تعز تلك الليلة بمسيرة كبيرة كانت إيذانا بالبدأ بإعتصامات الثوره في هذه المدينة الباسلة ومدن وشوارع اليمن من اقصاه إلى اقصاه في 17 محافظة وكلها تردد وتقول (الشعب يريد إسقاط النظام) .
مرت الثورة من بعد ذلك التاريخ بأحداث كثيرة تفاصيلها أكبر من ان تحويها هذه الأسطر إبتداء بالإعتصامات والمواجهات وسقوط الشهداء والجرحى وجرائم النظام في جمعة الكرامة ويوم الديموقراطية ومذبحة بنك الدم ومذبحة المنصوره ومحرقة ساحة الحرية بتعز والمبادرة الخليجية بتعديلاتها الخمس وتوقيع المعارضة عليها وإمتناع صالح عن التوقيع في آخر لحظة ، وإنتهائا بحادث جامع النهدين والتي رحل على إثره علي صالح وأركان نظامه إلى المملكه ، ولايزالوا هناك حتى اليوم .

بعد كل هذه التطورات والتجارب والأعتصامات والمبادرات . . ماذا بعد ؟؟ وكيف ستحسم الثورة؟؟؟

أرى ان خيار الثورة السلمية هو خيار إستراتيجي قد نجح في شل النظام وإسقاطة نسبيا ، أما ما بقي منه فيحتاج إلي جهد آخر مكمل لمواجهة عصابة علي بابا المسلحة ، وهذا الجهد لايمكن ان يكون عبر المواجهة السلمية بالهتافات والمسيرات والإعتصامات وحدها ، فهؤلاء لا يعرفون لغة غاندي الذي يتبناها شباب الساحات . ولذى تم التوصل إلى فكرة إنشاء (المجلس الوطني لقوى الثورة السلمية) كأداة موحدة لقوى الثورة بكل أطيافها وألوانها وتوجهاتها نحو هدف واحد وهو إسقاط النظام كليا
ان المجلس الوطني المنشود يجب ان يخضع لمعايير واسس تضمن نجاحه والالتفاف حوله لقيادة الثورة السلمية ولذى كان التفكير في الدعوة لتشكيل الجمعية الوطنية لقوى الثورة السلمية التي ستشمل ممثلين عن كل مكونات الثورة من احزاب وشباب الساحات ولجنة حوار والعسكريين والقبائل والمستقيلين من المؤتمر الشعبي العام والحرك الجنوبي والحوثيين ومنظمات المجتمع المدني والمراءة والتشكيلات المختلفة في كل الساحات وكذا معارضة الخارج بنسب تمثيليه تتسق مع تواجدها ودورها الثوري حيث من المتوقع ان يحصل شباب الساحات على نسبة تصل الى 30% مناصفة بين شباب الاحزاب والشباب المستقل من اجمالي الجمعية الوطنية .
هذه الجمعية الوطنية لقوى الثورة السلمية هي من ستجتمع يوم 17 اغسطس- 17 رمضان لتختار من بينها مجلس وطني لقوى الثورة السلمية والذي سيتولى قيادة مرحلة الحسم الثوري بكل الوسائل المتاحة وتحت ثوابت الثورة السلمية والتمسك بالمبادي بما يضمن الاسقاط الكامل للنظام واستلام الشعب للسلطة , اما ادارت الدولة فليس من تخصص هذا المجلس .
اذا المجلس الوطني وجد لادارة الثورة وليس لادارة الدولة.