الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٢٧ مساءً

النفحة الثامنة.. في تحريم الغيبة والنميمة

جلال الدوسري
الجمعة ، ١٩ يوليو ٢٠١٣ الساعة ٠٥:٤٠ مساءً
- الغيبة من أقبح القبائح ، وهي ذكرك الإنسان بما يكره ولو بما فيه ، سواء في دينه أو بدنه وبأي شيء يتعلق به ،
سواء ذكرته بلفظك أو بكتابك أو رمزت إليه رمزاً.. كقولك: سارق ، خائن ، ظالم ، متهاون بالصلاة ، قليل الأدب ، أعمى ، طويل ، أسود ، كثير النوم ، كثير الأكل ، وغير ذلك..

يقول الله تعالى في كتابه الحكيم : ( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم ) الحجرات 12..

- وفي صحيح مسلم وسنن أبي داود والترمذي والنسائي ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أتدرون ما الغيبة؟) قالوا : الله ورسوله أعلم. قال : ( ذكرك أخيك بما يكره) قيل: وإن كان في أخي ما أقول؟ قال : ( إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، وإن لم يكن فيه فقد بهته )..
وفي سنن أبي داود عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لما عرج بي إلى السماء مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم ، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال : هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم )..

- وأوحى الله إلى موسى عليه السلام أن المغتاب إذا تاب فهو آخر من يدخل الجنة ، وإن أصر فهو أول من يدخل النار.. ويقال : لا تأمن من أغتاب عندك غيرك أن يغتابك عند غيرك..
وكما أن الغيبة حرام فكذلك يحرم سماعها.. فعلى المستمع أن ينهى وينكر ومفارقة المجلس..

- أما في تحريم السعاية بالنميمة:
فقال تعالى : ( ولا تطع كل حلاف مهين . هماز مشاء بنميم )القلم: 10-11.. وحسبك بالنمام خسة ورذيلة ، سقوطه وضعته ، والهماز المغتاب الذي يأكل لحوم الناس ، الطاعن فيهم..
- وفي صحيحي البخاري ومسلم عن حذيفة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يدخل الجنة نمام).

قال الإمام أبو حامد الغزالي رحمة الله تعالى عليه : النميمة إنما تطلق في الغالب على من ينم قول الغير إلى المقول فيه كقوله : فلان يقول فيك كذا ، فينبغي للإنسان أن يسكت عن كل ما رأه من أحوال الناس إلا ما في حكايته فائدة لمسلم أو دفع معصية ، وينبغي لمن حملت إليه النميمة أن لا يصدق من نم إليه لأن النمام فاسق ، وعليه أن ينهاه وينصحه ويبغضه في الله تعالى لأنه بغيض عند الله ، وأن لا يظن بالمنقول عنه السوء ، لقوله تعالى : ( اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم) الحجرات 12..

- وقال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه : لا ينم على الناس إلا ولد بغي..

- وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ألا أخبركم بشراركم؟) قالوا : بلى يا رسول الله ، قال: ( شراركم المشاءون بالنميمة ، المفسدون بين الأحبة الباغون العيوب) حديث حسن من حديث أسماء بنت يزيد رضي الله عنها.

- وقال بعض الحكماء : احذروا أعداء العقول ولصوص المودات ، وهم السعاة والنمامون..

ومن الناس من يتلون ألواناً ويكون بوجهين ولسانين ، وذو الوجهين لا يكون عند الله وجيها.. وقيل : أن قبول السعاية شرٌّ من السعاية ، لأن السعاية دلالة والقبول إجازة.. ومن سعى بالنميمة حذره الغريب ، ومقته القريب.

- وقال الحسن رضي الله عنه : ستر ما عاينت ، أحسن من إشاعة ما ظننت.. وقال عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه : من سمع بفاحشة فأفشاها فهو كالذي أتاها..

- وانه ليؤلمني ؛
أن يغتابني شخص يُعرف عنه التقوى والزهد والورع ، يحفظ كتاب الله وسنة رسوله ، يؤم الناس ، ويعتلي المنابر وهو يحدث عن الحلال والحرام ، حتى بلغ منه أن يذهب ليغتابني عند والدتي التي لولا ثقتها بي لكان قد أفتن بيننا وفرق جمعنا هذا المغتاب ، عليه من الله ما يستحق..

-اللهم لا تجعلنا من مَن يغتابون الناس ويسعون بينهم بالنميمة.. وعليك اللهم بكل مغتاب وكل نمام..