الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٣١ صباحاً

اليمن السعيد

هيثم الحميدي
الاثنين ، ١٦ ديسمبر ٢٠١٣ الساعة ٠٦:٤٠ مساءً
اليمن السعيد اشتق هذا الاسم من اليُمن – أي الخير والبركة – ومن اليمين وذلك لأنها على يمين الكعبة المشرفة، ومن الإيمان، والأمانة، وسميت بالسعيدة لطيبة أرضها، ورخاء العيش فيها، وقد وهبها الله جنتان، وقرب لأهلها المسافات، ومنحهم ما يشتهون وما يتمنون، اليمن السعيد مهد الحضارات القديمة، ومنبع الهجرات البشرية للقبائل العربية، وقد اكتسب الانسان اليمني على مر التاريخ شهرة واسعة في مجال الصناعة، والتجارة، وكان متفوق في كل الصناعات والحرف التقليدية، والفنون وصناعة وصياغة الحلي الفضية، والذهبية، وفي الأدب، والشعر، كل ذلك يبرهن على ذكاءه، وخبرته، ومعرفته، وحكمته، وقد شهد بذلك خير البشر حين قال ( الإيمان يماني والحكمة يمانية ) ومن ذات نفسه تجده سباقا الى الخير والى كل ما يدعا الية، فعند بزوغ نور الإسلام هبت قبائل اليمن للتلبية، وكانوا ممن ساهموا بفعالية في نشر الإسلام، حيث برز منهم قادة، وعلماء اجلاء، قال الداعية السعودي الشيخ محمد العريفي - إذا ذكرت اليمن ذكرت الركن اليماني، والمحدث الأمير الصنعاني، والعلامة الشوكاني، وأمير العلماء الكوكباني، وسيد الوعاظ والزهاد الخولاني، ووصفة اليمن باليمن السعيد ولم توصف بلد أخرى في الدنيا بمثل هذا الوصف - الحديث عن اليمن السعيد يطول ويطول ولكن سوف أنتقل الى ما يحدث في اليمن السعيد حاليا.

اليمن السعيد اليوم يمر بأخطر المراحل على مدى تاريخه العريق، ومنعطف مهم لا نبالغ إن قلنا إنه يؤثر على العالم كله، والعالم كله يعرف أن اليمن هي مصنع العرب ومددهم، وهي من مدت الجزيرة العربية بعدد كبير من القبائل قبل الإسلام، وفي الإسلام، ومازال اليمن السعيد هو المصنع الأول للعالم في كل المجالات التي يصعب حصرها، والتي خدمت العالم بأكمله قديما وحديثا.

فها هو مؤتمر الحوار الوطني يصل الى محطاته الأخيرة، ويوشك على أن يحط رحاله، ويختتم اعماله، ويصدر توصياته، ويعلن نتائجه، هذه النتائج والتوصيات ستحمل في طياتها إعادة ملامح اليمن السعيد الذي انتزعت سعادته الحروب، والنزاعات، والتعصب الأعمى، فعلينا كيمنين ان نصنع لأنفسنا مجدا يخلده التاريخ، ولنزرع ليمننا السعيد ثورة تتغني بها الأجيال وتفتخر، علينا أن نجعل حب الوطن خالداً في نفوسنا مما يجعل الوطن قوة متجددة، وفاعلة، ومؤثرة، على خارطة العالم، ويمنحنا المزيد من عوامل القوة لمواجهة التحديات.

رسالة الى الشباب قال خير البشر عنكم ( نصرني الشباب حين خذلني الشيوخ ) فأنتم عماد هذه الامة التحديات أمامكم كبيرة، ومشاهد الفتن تتكرر، وحروب الجاهلية بدأت من جديد، وها هي السماء السوداء تمطر علينا بالدمار، والموت فوق رؤوسنا، والذي اصبحنا نحن الشباب وقودا لها باسم الجهاد المذهبي، والطائفي، والصراع باسم الحرية والعدالة، والدين أحيانا، والتخلف الفكري، والتعصب بشتاء أنواعه، كل هذا هي من جعلت اليمن السعيد يعيش تعيساً، ومتخلفاً، وجاهلا، وأمياً، كل هذه الأمور هي من تحاول الفتك باليمن ووحدته، واستقراره، ولكن واجبنا نحن الشباب الالتفاف حول الوطن، والتفكير بيمنينا السعيد، لا باليمن التعيس الذي عشنا فيه أعوام نتجرع أصناف الذل، والعبودية، والاغتراب، ولا نجعل يمننا السعيد المكتظ بالأحلام، والآمال، والمتطلع الى مستقبل مشرق، يتحول الى يمن متفكك، متناحر، ويصبح فريسة سهله تفترسه الكلاب.

لا يكفي مقال واحد لذكر عظمة اليمن السعيد، ومكانته التـاريـخية، ومعضلاته الحالية التي انتزعت سعادته.